الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ جفل ]

                                                          جفل : جفل اللحم عن العظم والشحم عن الجلد والطين عن الأرض يجفله جفلا وجفله ، كلاهما : قشره ; قال الأزهري : والمعروف بهذا المعنى جلفت ، وكأن الجفل مقلوب . وجفل الطير عن المكان : طردها . الليث : الجفل السفينة ، والجفول السفن ; قال الأزهري : لم أسمعه لغيره . وجفلت الريح السحاب تجفله جفلا : استخفته ، وهو الجفل ، وقيل : الجفل من السحاب الذي قد هراق ماءه ، فخف رواقه ثم انجفل ومضى . وأجفلت الريح التراب أي : أذهبته وطيرته ; وأنشد الأصمعي لمزاحم العقيلي :


                                                          وهاب كجثمان الحمامة أجفلت به ريح ترج والصبا كل مجفل

                                                          الليث : الريح تجفل السحاب أي : تستخفه فتمضي فيه ، واسم ذلك السحاب الجفل . وريح جفول : تجفل السحاب . وريح مجفل وجافلة : سريعة ، وقد جفلت وأجفلت . الليث : جفل الظليم وأجفل إذا شرد فذهب . وما أدري ما الذي جفلها أي : نفرها . وجفل الظليم يجفل ويجفل جفولا وأجفل : ذهب في الأرض وأسرع ، وأجفله هو ، والجافل المنزعج ; قال أبو الربيس التغلبي ، واسمه عباد ابن طهفة بن مازن ، وثعلبة هو ابن مازن :


                                                          مراجع نجد بعد فرك وبغضة     مطلق بصرى أصمع القلب جافله

                                                          قال ابن سيده : وأما ابن جني فقال : أجفل الظليم وجفلته الريح ، جاءت هذه القضية معكوسة مخالفة للعادة ، وذلك أنك تجد فيها فعل متعديا ، وأفعل غير متعد ، قال : وعلة ذلك عندي أنه جعل تعدي فعلت وجمود أفعلت كالعوض لفعلت من غلبة أفعلت لها على التعدي ، نحو جلس وأجلسته ، ونهض وأنهضته ، كما جعل قلب الياء واوا في التقوى ، والدعوى ، والثنوى ، والفتوى عوضا للواو من كثرة دخول الياء عليها ، وكما جعل لزوم الضرب الأول من المنسرح لمفتعلن ، وحظر مجيئه تاما أو مخبونا ، بل توبعت فيه الحركات الثلاث ألبتة تعويضا للضرب من كثرة السواكن فيه نحو مفعولن ومفعولان ومستفعلان ونحو ذلك مما التقى في آخره من الضرب ساكنان . وفي الحديث : ما يلي رجل شيئا من أمور المسلمين إلا جيء به فيجفل على شفير جهنم . والجفول : سرعة الذهاب والندود في الأرض . يقال : جفلت الإبل جفولا إذا شردت نادة ، وجفلت النعامة . والإجفيل : الجبان . وظليم إجفيل : يهرب من كل شيء ; قال ابن بري : شاهده قول ابن مقبل في صفة الظليم :


                                                          بالمنكبين سخام الريش إجفيل

                                                          قال : ومثله للراعي :


                                                          يراعة إجفيلا

                                                          وأجفل القوم أي : هربوا مسرعين . ورجل إجفيل : نفور جبان يهرب من كل شيء فرقا ، وقيل : هو الجبان من كل شيء . وأجفل القوم : انقلعوا كلهم فمضوا ; قال أبو كبير :


                                                          لا يجفلون عن المضاف ولو رأوا     أولى الوعاوع كالغطاط المقبل

                                                          وانجفل القوم انجفالا إذا هربوا بسرعة وانقلعوا كلهم ومضوا . وفي الحديث : لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة انجفل الناس قبله أي : ذهبوا مسرعين نحوه . وانجفلت الشجرة إذا هبت بها ريح شديدة فقعرتها . وانجفل الظل : ذهب . والجفالة : الجماعة من الناس ذهبوا أو جاءوا . ودعاهم الجفلى والأجفلى أي : بجماعتهم ، والأصمعي لم يعرف الأجفلى ، وهو أن تدعو الناس إلى طعامك عامة ; قال طرفة :


                                                          نحن في المشتاة ندعو الجفلى     لا ترى الآدب فينا ينتقر

                                                          قال الأخفش : دعي فلان في النقرى لا في الجفلى ، والأجفلى أي : دعي في الخاصة لا في العامة ، وقال الفراء : جاء القوم أجفلة وأزفلة أي : جماعة ، وجاءوا بأجفلتهم وأزفلتهم أي : بجماعتهم ، وقال بعضهم : الأجفلى والأزفلى الجماعة من كل شيء . وجفل الشعر يجفل جفولا : شعث . وجمة جفول : عظيمة . وشعر جفال : كثير . والجفال - بالضم - : الصوف الكثير . وأخذت جفلة من صوف أي : [ ص: 165 ] جزة ، وهو اسم مفعول مثل قوله تعالى : إلا من اغترف غرفة . والجفال من الشعر : المجتمع الكثير ; وقال ذو الرمة يصف شعر امرأة :


                                                          وأسود كالأساود مسبكرا     على المتنين منسدلا جفالا

                                                          قال ابن بري : قوله : وأسود معطوف على منصوب ، قبل البيت وهو :


                                                          تريك بياض لبتها ووجها     كقرن الشمس أفتق ثم زالا

                                                          ولا يوصف بالجفال إلا في كثرة . وفي صفة الدجال : أنه جفال الشعر أي : كثيره . وشعر جفال أي : منتفش . ويقال : إنه لجافل الشعر إذا شعث وتنصب شعره تنصبا ، وقد جفل شعره يجفل جفولا . وفي الحديث : أن رجلا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين : رأيت قوما جافلة جباههم يقتلون الناس الجافل : القائم الشعر المنتفشه ، وقيل : الجافل المنزعج أي : منزعجة جباههم كما يعرض للصبيان . وجز جفيل الغنم وجفالها أي : صوفها ; عن اللحياني ، ومنه قول العرب فيما تضعه على لسان الضائنة : أولد رخالا وأحلب كثبا ثقالا وأجز جفالا ، ولم تر مثلي مالا قوله : جفالا أي : أجز بمرة واحدة ، وذلك أن الضائنة إذا جزت فليس يسقط من صوفها إلى الأرض شيء حتى يجز كله ويسقط أجمع . والجفال من الزبد كالجفاء ، وكان رؤبة يقرأ : فأما الزبد فيذهب جفالا ; لأنه لم يكن من لغته جفأت القدر ولا جفأ السيل . والجفالة : الزبد الذي يعلو اللبن إذا حلب ، وقال اللحياني : هي رغوة اللبن ، ولم يخص وقت الحلب . ويقال لرغوة القدر جفال . والجفال : ما نفاه السيل . وجفالة القدر : ما أخذته من رأسها بالمغرفة . وضربه ضربة فجفله أي : صرعه وألقاه إلى الأرض . وفي حديث أبي قتادة : كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر فنعس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على راحلته حتى كاد ينجفل عنها أي : ينقلب ويسقط عنها ; قال أبو النجم يصف إبلا :


                                                          يجفلها كل سنام مجفل     لأيا بلأي في المراغ المسهل

                                                          يريد : يقلبها سنامها من ثقله إذا تمرغت ثم أرادت الاستواء قلبها ثقل أسنمتها ; وقال في المحكم : معناه أن يصرعها سنامها لعظمه ، كأنه أراد سنام منها مجفل ، وبالغ بكل كما تقول : أنت عالم كل عالم . وفي حديث الحسن : أنه ذكر النار فأجفل مغشيا عليه أي : خر إلى الأرض . وفي حديث عمر : أن رجلا يهوديا حمل امرأة مسلمة على حمار ، فلما خرج من المدينة جفلها ثم تجثمها لينكحها ، فأتي به عمر فقتله أي : ألقاها إلى الأرض وعلاها . وفي حديث ابن عباس : سأله رجل فقال آتي البحر فأجده قد جفل سمكا كثيرا ، فقال : كل ما لم تر شيئا طافيا ، أي : ألقاه ورمى به إلى البر والساحل . والجفول : المرأة الكبيرة العجوز ; قال :


                                                          ستلقى جفولا أو فتاة كأنها     إذا نضيت عنها الثياب غرير

                                                          أي ظبي غرير . والجفل : لغة في الجثل ، وهو ضرب من النمل سود كبار . والجفل والجفل : خثي الفيل ، وجمعه أجفال ; عن ابن الأعرابي ; وأنشد ابن بري لجرير :


                                                          قبح الإله بني خضاف ونسوة     بات الخزير لهن كالأجفال



                                                          والجفل : تصليع الفيل وهو سلحه . وقد جفل الفيل إذا بات يجفل . وجيفل : من أسماء ذي القعدة . قال ابن سيده : أراها عادية . والجفول : اسم موضع ; قال الراعي :


                                                          تروحن من حزم الجفول فأصبحت     هضاب شرورى دونها والمضيح

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية