الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ جفف ]

                                                          جفف : جف الشيء يجف ويجف - بالفتح - جفوفا وجفافا : يبس ، وتجفجف : جف وفيه بعض النداوة ، وجففته أنا تجفيفا ; وأنشد أبو الوفاء الأعرابي :


                                                          لمل بكيرة لقحت عراضا لقرع هجنع ناج نجيب     فكبر راعياها حين سلى
                                                          طويل السمك صح من العيوب      [ ص: 163 ] فقام على قوائم لينات
                                                          قبيل تجفجف الوبر الرطيب

                                                          والجفاف : ما جف من الشيء الذي تجففه . تقول : اعزل جفافه عن رطبه . التهذيب : جففت تجف وجففت تجف ، وكلهم يختار تجف على تجف . والجفيف : ما يبس من أحرار البقول ، وقيل : هو ما ضمت منه الريح . وقد جف الثوب وغيره يجف - بالكسر - ، ويجف - بالفتح - : لغة فيه حكاها ابن دريد ، وردها الكسائي . وفي الحديث : جفت الأقلام وطويت الصحف ، يريد ما كتب في اللوح المحفوظ من المقادير والكائنات والفراغ منها تشبيها بفراغ الكاتب من كتابته ويبس قلمه . وتجفجف الثوب إذا ابتل ثم جف وفيه ندى ، فإن يبس كل اليبس قيل قد قف ، وأصلها تجفف فأبدلوا مكان الفاء الوسطى فاء الفعل كما قالوا تبشبش . الجوهري : الجفيف ما يبس من النبت . قال الأصمعي : يقال الإبل فيما شاءت من جفيف وقفيف ; وأنشد ابن بري لراجز :


                                                          يثري به القرمل والجفيفا     وعنكثا ملتبسا مصيوفا

                                                          والجفافة : ما ينتثر من القت والحشيش ونحوه . والجف : غشاء الطلع إذا جف وعم به بعضهم فقال : هو وعاء الطلع ، وقيل : الجف قيقاءة الطلع ، وهو الغشاء الذي على الوليع ; وأنشد الليث في صفة ثغر امرأة :


                                                          وتبسم عن نير كالولي     ع شقق عنه الرقاة الجفوفا

                                                          الوليع : الطلع والرقاة : الذين يرقون على النخل . أبو عمرو : جف وجب لوعاء الطلع . وفي حديث سحر النبي - صلى الله عليه وسلم - : طب النبي - صلى الله عليه وسلم - فجعل سحره في جف طلعة ذكر ، ودفن تحت راعوفة البئر ; رواه ابن دريد بإضافة طلعة إلى ذكر أو نحوه ; قال أبو عبيد : جف الطلعة وعاؤها الذي تكون فيه ، والجمع الجفوف ، ويروى في جب بالباء . قال ابن دريد : الجف نصف قربة تقطع من أسفلها فتجعل دلوا ; قال :


                                                          رب عجوز رأسها كالقفه     تحمل جفا معها هرشفه

                                                          الهرشفة : خرقة ينشف بها الماء من الأرض . والجف : شيء من جلود الإبل كالإناء أو كالدلو يؤخذ فيه ماء السماء ، يسع نصف قربة أو نحوه . الليث : الجفة ضرب من الدلاء يقال هو الذي يكون مع السقائين يملئون به المزايد . القتيبي : الجف قربة تقطع عند يديها ، وينبذ فيها . والجف : الشن البالي يقطع من نصفه فيجعل كالدلو ، قال : وربما كان الجف من أصل نخل ينقر . قال أبو عبيد : الجف شيء ينقر من جذوع النخل . وفي حديث أبي سعيد : قيل له النبيذ في الجف ، فقال : أخبث وأخبث ، الجف : وعاء من جلود لا يوكأ أي : لا يشد ، وقيل : هو نصف قربة تقطع من أسفلها وتتخذ دلوا . والجف : الوطب الخلق ، وقوله أنشده ابن الأعرابي :


                                                          إبل أبي الحبحاب إبل تعرف     يزينها مجفف موقف

                                                          إنما عنى بالمجفف الضرع الذي كالجف ، وهو الوطب الخلق . والموقف : الذي به آثار الصرار . والجف : الشيخ الكبير على التشبيه بها ; عن الهجري . وجف الشيء : شخصه . والجف والجفة والجفة - بالفتح - : جماعة الناس . وفي الحديث عن ابن عباس : لا نفل في غنيمة حتى تقسم جفة أي : كلها ، ويروى : حتى تقسم على جفته أي : على جماعة الجيش أولا . ويقال : دعيت في جفة الناس ، وجاء القوم جفة واحدة . الكسائي : الجفة والضفة والقمة : جماعة القوم ; وأنشد الجوهري على الجف - بالضم - الجماعة قول النابغة يخاطب عمرو بن هند الملك :


                                                          من مبلغ عمرو بن هند آية     ومن النصيحة كثرة الإنذار
                                                          لا أعرفنك عارضا لرماحنا     في جف تغلب واردي الأمرار

                                                          يعني جماعتهم . قال : وكان أبو عبيدة يرويه في جف ثعلب ، قال : يريد ثعلبة بن عوف بن سعد بن ذبيان . وقال ابن سيده : الجف الجمع الكثير من الناس ، واستشهد بقوله : في جف ثعلب ، قال : ورواه الكوفيون في جوف تغلب ، قال : وقال ابن دريد هذا خطأ . وفي الحديث : الجفاء في هذين الجفين : ربيعة ومضر ; هو العدد الكثير ، والجماعة من الناس ; ومنه قيل لبكر وتميم الجفان ; قال حميد بن ثور الهلالي :


                                                          ما فتئت مراق أهل المصرين     سقط عمان ولصوص الجفين

                                                          وقال ابن بري : الرجز لحميد الأرقط ; وقال أبو ميمون العجلي :


                                                          قدنا إلى الشام جياد المصرين     من قيس عيلان وخيل الجفين

                                                          وفي حديث عمر - رضي الله عنه - : كيف يصلح أمر بلد جل أهله هذان الجفان ؟ وفي حديث عثمان - رضي الله عنه - : ما كنت لأدع المسلمين بين جفين يضرب بعضهم رقاب بعض ! . وجفاف الطير : موضع ; قال جرير :


                                                          فما أبصر النار التي وضحت له     وراء جفاف الطير إلا تماريا

                                                          وجفة الموكب وجفجفته : هزيزه . والتجفاف والتجفاف : الذي يوضع على الخيل من حديد أو غيره في الحرب ، ذهبوا فيه إلى معنى الصلابة والجفوف ; قال ابن سيده : ولولا ذلك لوجب القضاء على تائها بأنها أصل ; لأنها بإزاء قاف قرطاس . قال ابن جني : سألت أبا علي عن تجفاف أتاؤه للإلحاق بباب قرطاس ؟ فقال : نعم ، واحتج في ذلك بما انضاف إليها من زيادة الألف معها ، وجمعه التجافيف . والتجفاف - بفتح التاء - : مثل التجفيف جففته تجفيفا . وفي الحديث : أعد للفقر تجفافا ; التجفاف : ما جلل به الفرس من سلاح وآلة تقيه الجراح . وفرس مجفف : عليه تجفاف ، والتاء زائدة . وتجفيف [ ص: 164 ] الفرس : أن تلبسه التجفاف . وفي حديث الحديبية : فجاء يقوده إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فرس مجفف أي : عليه تجفاف ، قال : وقد يلبسه الإنسان أيضا . وفي حديث أبي موسى : أنه كان على تجافيفه الديباج ; وقول الشاعر :


                                                          كبيضة أدحي تجفف فوقها     هجف حداه القطر والليل

                                                          كانع أي : تحرك فوقها وألبسها جناحيه . والجفجفة : صوت الثوب الجديد وحركة القرطاس ، وكذلك الخفخفة ، قال : ولا تكون الخفخفة إلا بعد الجفجفة . والجفف : الغليظ اليابس من الأرض . والجفجف : الغليظ من الأرض ، وقال ابن دريد : هو الغلظ من الأرض فجعله اسما للعرض إلا أن يعني بالغلظ الغليظ ، وهو أيضا القاع المستوي الواسع . والجفجف : القاع المستدير ; وأنشد :


                                                          يطوي الفيافي جفجفا فجفجفا

                                                          الأصمعي : الجف الأرض المرتفعة وليست بالغليظة ولا اللينة ، وهو في الصحاح الجفجف ; وأنشد ابن بري لمتمم بن نويرة :


                                                          وحلوا جفجفا غير طائل



                                                          التهذيب في ترجمة جعع : قال إسحاق بن الفرج : سمعت أبا الربيع البكري يقول : الجعجع والجفجف من الأرض المتطامن ، وذلك أن الماء يتجفجف فيه ، فيقوم أي : يدوم ، قال : وأردته على يتجعجع فلم يقلها في الماء . وجعجع بالماشية وجفجفها إذا حبسها . ابن الأعرابي : الضفف القلة ، والجفف الحاجة . الأصمعي : أصابهم من العيش ضفف وجفف وشظف ، كل هذا من شدة العيش . وما رئي عليه ضفف ولا جفف أي : أثر حاجة ، وولد للإنسان على جفف أي : على حاجة إليه . والجفجفة : جمع الأباعر بعضها إلى بعض . وجفاف : اسم واد معروف .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية