الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ جلد ]

                                                          جلد : الجلد والجلد : المسك من جميع الحيوان مثل شبه وشبه ; الأخيرة عن ابن الأعرابي ، حكاها ابن السكيت عنه ; قال : وليست بالمشهورة ، والجمع أجلاد وجلود والجلدة أخص من الجلد ; وأما قول عبد مناف بن ربع الهذلي :


                                                          إذا تجاوب نوح قامتا معه ضربا أليما بسبت يلعج الجلدا

                                                          فإنما كسر اللام ضرورة ; لأن للشاعر أن يحرك الساكن في القافية بحركة ما قبله ; كما قال :


                                                          علمنا إخواننا بنو عجل     شرب النبيذ واعتقالا بالرجل

                                                          وكان ابن الأعرابي يرويه - بالفتح - ويقول : الجلد والجلد مثل مثل ومثل ، وشبه وشبه ; قال ابن السكيت : وهذا لا يعرف ; وقوله تعالى ذاكرا لأهل النار : حين تشهد عليهم جوارحهم : وقالوا لجلودهم ; قيل : معناه لفروجهم ، كنى عنها بالجلود ; قال ابن سيده : وعندي أن الجلود هنا مسوكهم التي تباشر المعاصي ; وقال الفراء : الجلد ههنا الذكر ، كنى الله - عز وجل - عنه بالجلد كما قال - عز وجل - : أو جاء أحد منكم من الغائط ; والغائط : الصحراء ، والمراد من ذلك : أو قضى أحد منكم حاجته . والجلدة : الطائفة من الجلد . وأجلاد الإنسان وتجاليده : جماعة شخصه ، وقيل : جسمه وبدنه وذلك لأن الجلد محيط بهما ; قال الأسود بن يعفر :


                                                          أما تريني قد فنيت وغاضني     ما نيل من بصري ومن أجلادي



                                                          غاضني : نقصني . ويقال : فلان عظيم الأجلاد والتجاليد إذا كان ضخما قوي الأعضاء والجسم ، وجمع الأجلاد أجالد ، وهي الأجسام والأشخاص . ويقال : فلان عظيم الأجلاد وضئيل الأجلاد ، وما أشبه أجلاده بأجلاد أبيه أي : شخصه وجسمه ; وفي حديث القسامة : أنه استحلف خمسة نفر فدخل رجل من غيرهم فقال : ردوا الأيمان على أجالدهم ، أي عليهم أنفسهم ، وكذلك التجاليد ; وقال الشاعر :


                                                          ينبي تجاليدي وأقتادها     ناو كرأس الفدن المؤيد



                                                          وفي حديث ابن سيرين : كان أبو مسعود تشبه تجاليده تجاليد عمر أي : جسمه جسمه . وفي الحديث : قوم من جلدتنا أي : من أنفسنا وعشيرتنا ; وقول الأعشى :


                                                          وبيداء تحسب آرامها     رجال إياد بأجلادها

                                                          قال الأزهري : هكذا رواه الأصمعي ، قال : ويقال ما أشبه أجلاده بأجلاد أبيه أي : شخصه بشخوصهم أي : بأنفسهم ، ومن رواه بأجيادها ، أراد الجودياء بالفارسية الكساء . وعظم مجلد : لم يبق عليه إلا الجلد ; قال :


                                                          أقول لحرف أذهب السير نحضها     فلم يبق منها غير عظم مجلد
                                                          خدي بي ابتلاك الله بالشوق والهوى     وشاقك تحنان الحمام المغرد



                                                          وجلد الجزور : نزع عنها جلدها كما تسلخ الشاة ، وخص بعضهم به البعير . التهذيب : التجليد للإبل بمنزلة السلخ للشاء . وتجليد الجزور مثل سلخ الشاة ، يقال جلد جزوره ، وقلما يقال : سلخ . ابن الأعرابي : أحزرت الضأن وحلقت المعزى وجلدت الجمل ، لا تقول العرب غير ذلك . والجلد : أن يسلخ جلد البعير أو غيره من الدواب فيلبسه غيره من الدواب ; قال العجاج يصف أسدا :


                                                          كأنه في جلد مرفل



                                                          والجلد : جلد البو ، يحشى ثماما ، ويخيل به للناقة فتحسبه ولدها إذا شمته فترأم بذلك على ولد غيرها . غيره : الجلد أن يسلخ جلد الحوار ثم يحشى ثماما أو غيره من الشجر وتعطف عليه أمه فترأمه . الجوهري : الجلد جلد حوار يسلخ فيلبس حوارا آخر لتشمه أم المسلوخ فترأمه ; قال العجاج :


                                                          وقد أراني للغواني مصيدا     ملاوة كأن فوقي جلدا



                                                          [ ص: 174 ] أي : يرأمنني ويعطفن علي كما ترأم الناقة الجلد . وجلد البو : ألبسه الجلد . التهذيب : الجلد غشاء جسد الحيوان ، ويقال : جلدة العين . والمجلدة : قطعة من جلد تمسكها النائحة بيدها وتلطم بها وجهها وخدها ، والجمع مجاليد ; عن كراع ; قال ابن سيده : وعندي أن المجاليد جمع مجلاد ; لأن مفعلا ومفعالا يعتقبان على هذا النحو كثيرا . التهذيب : ويقال لميلاء النائحة مجلد ، وجمعه مجالد ; قال أبو عبيد : وهي خرق تمسكها النوائح إذا نحن بأيديهن ; وقال عدي بن زيد :


                                                          إذا ما تكرهت الخليقة لامرئ     فلا تغشها واجلد سواها بمجلد



                                                          أي : خذ طريقا غير طريقها ومذهبا آخر عنها ، واضرب في الأرض لسواها . والجلد : مصدر جلده بالسوط يجلده جلدا ضربه . وامرأة جليد وجليدة ; كلتاهما عن اللحياني أي : مجلودة من نسوة جلدى وجلائد ; قال ابن سيده : وعندي أن جلدى جمع جليد ، وجلائد جمع جليدة . وجلده الحد جلدا أي : ضربه وأصاب جلده ، كقولك رأسه وبطنه . وفرس مجلد : لا يجزع من ضرب السوط . وجلدت به الأرض أي : صرعته . وجلد به الأرض : ضربها . وفي الحديث : أن رجلا طلب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يصلي معه بالليل فأطال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة فجلد بالرجل نوما أي : سقط من شدة النوم . يقال : جلد به أي : رمي إلى الأرض ; ومنه حديث الزبير : كنت أتشدد فيجلد بي ، أي : يغلبني النوم حتى أقع . يقال : جلدته بالسيف والسوط جلدا إذا ضربت جلده . والمجالدة : المبالطة ، وتجالد القوم بالسيوف واجتلدوا . وفي الحديث : فنظر إلى مجتلد القوم فقال : الآن حمي الوطيس أي : إلى موضع الجلاد ، وهو الضرب بالسيف في القتال . وفي حديث أبي هريرة في بعض الروايات : أيما رجل من المسلمين سببته أو لعنته أو جلده ، هكذا رواه بإدغام التاء في الدال ، وهي لغة . وجالدناهم بالسيوف مجالدة وجلادا : ضاربناهم . وجلدته الحية : لدغته ، وخص بعضهم به الأسود من الحيات ، قالوا : والأسود يجلد بذنبه . والجلد : القوة والشدة . وفي حديث الطواف : ليرى المشركون جلدهم ; الجلد القوة والصبر ; ومنه حديث عمر : كان أخوف جلدا أي : قويا في نفسه وجسده . والجلد : الصلابة والجلادة ; تقول منه : جلد الرجل - بالضم - فهو جلد جليد وبين الجلد والجلادة والجلودة . والمجلود ، وهو مصدر : مثل المحلوف والمعقول ; قال الشاعر :


                                                          واصبر فإن أخا المجلود من صبرا

                                                          قال : وربما قالوا : رجل جضد ، يجعلون اللام مع الجيم ضادا إذا سكنت . وقوم جلد وجلداء وأجلاد وجلاد ، وقد جلد جلادة وجلودة ، والاسم الجلد والجلود . والتجلد : تكلف الجلادة . وتجلد : أظهر الجلد ; وقوله :


                                                          وكيف تجلد الأقوام عنه     ولم يقتل به الثأر المنيم

                                                          عداه بعن لأن فيه معنى تصبر . أبو عمرو : أحرجته لكذا وكذا ، وأوجبته وأجلدته وأدمغته وأدغمته إذا أحوجته إليه . والجلد : الغليظ من الأرض . والجلد : الأرض الصلبة ; قال النابغة :


                                                          إلا الأواري لأيا ما أبينها     والنؤي كالحوض بالمظلومة الجلد

                                                          وكذلك الأجلد ; قال جرير :


                                                          أجالت عليهن الروامس بعدنا     دقاق الحصى من كل سهل وأجلدا

                                                          وفي حديث الهجرة : حتى إذا كنا بأرض جلدة أي : صلبة ; ومنه حديث سراقة : وحل بي فرسي وإني لفي جلد من الأرض . وأرض جلد : صلبة مستوية المتن غليظة ، والجمع أجلاد ; قاله أبو حنيفة : أرض جلد - بفتح اللام - وجلدة - بتسكين اللام - وقال مرة : هي الأجالد ، واحدها جلد ; قال ذو الرمة :


                                                          فلما تقضى ذاك من ذاك واكتست     ملاء من الآل المتان الأجالد



                                                          الليث : هذه أرض جلدة ، ومكان جلدة ، ومكان جلد ، والجمع الجلدات . والجلاد من النخل : الغزيرة ، وقيل هي التي لا تبالي بالجدب ; قال سويد بن الصامت الأنصاري :


                                                          أدين وما ديني عليكم بمغرم     ولكن على الجرد الجلاد القراوح



                                                          قال ابن سيده : كذا رواه أبو حنيفة ، قال : ورواه ابن قتيبة على الشم ، واحدتها جلدة . والجلاد من النخل : الكبار الصلاب ، وفي حديث علي - كرم الله تعالى وجهه - : كنت أدلو بتمرة أشترطها جلدة ، الجلدة - بالفتح والكسر - : هي اليابسة اللحاء الجيدة . وتمرة جلدة : صلبة مكتنزة ; وأنشد :


                                                          وكنت إذا ما قرب الزاد مولعا     بكل كميت جلدة لم توسف



                                                          والجلاد من الإبل : الغزيرات اللبن ، وهي المجاليد ، وقيل : الجلاد التي لا لبن لها ، ولا نتاج ; قال :


                                                          وحاردت النكد الجلاد ولم يكن     لعقبة قدر المستعير بن معقب

                                                          والجلد : الكبار من النوق التي لا أولاد لها ولا ألبان ، الواحدة - بالهاء - ; قال محمد بن المكرم : قوله : لا أولاد لها ، الظاهر منه أن غرضه لا أولاد لها صغار تدر عليها ، ولا يدخل في ذلك الأولاد الكبار ، والله أعلم . والجلد - بالتسكين - : واحدة الجلاد ، وهي أدسم الإبل لبنا . وناقة جلدة : مدرار ، عن ثعلب ، والمعروف أنها الصلبة الشديدة . وناقة جلدة ونوق جلدات ، وهي القوية على العمل والسير . ويقال للناقة الناجية : جلدة ، وإنها لذات مجلود أي : فيها جلادة ; وأنشد :


                                                          من اللواتي إذا لانت عريكتها     يبقى لها بعدها أل ومجلود

                                                          قال أبو الدقيش : يعني بقية جلدها . والجلد من الغنم والإبل : التي لا أولاد لها ولا ألبان لها كأنه اسم للجمع ; وقيل : إذا مات ولد الشاة فهي جلد ، وجمعها جلاد ، وجلدة وجمعها جلد ; وقيل : الجلد [ ص: 175 ] والجلدة الشاة التي يموت ولدها حين تضعه . الفراء : إذا ولدت الشاة فمات ولدها فهي شاة جلد ، ويقال لها أيضا جلدة ، وجمع جلدة جلد وجلدات ، وشاة جلدة إذا لم يكن لها لبن ولا ولد . والجلد من الإبل : الكبار التي لا صغار فيها ; قال :


                                                          تواكلها الأزمان حتى أجاءها     إلى جلد منها قليل الأسافل

                                                          قال الفراء : الجلد من الإبل التي لا أولاد معها فتصبر على الحر والبرد ; قال الأزهري : الجلد التي لا ألبان لها وقد ولى عنها أولادها ، ويدخل في الجلد بنات اللبون فما فوقها من السن ، ويجمع الجلد أجلاد وأجاليد ، ويدخل فيها المخاض والعشار والحيال ، فإذا وضعت أولادها زال عنها اسم الجلد ، وقيل لها العشار واللقاح ، وناقة جلدة : لا تبالي البرد ; قال رؤبة :


                                                          ولم يدروا جلدة برعيسا

                                                          وقال العجاج :


                                                          كأن جلدات المخاض الأبال     ينضحن في حمأته بالأبوال
                                                          من صفرة الماء وعهد محتال

                                                          أي متغير من قولك : حال عن العهد أي : تغير عنه . ويقال : جلدات المخاض شدادها وصلابها . والجليد : ما يسقط من السماء على الأرض من الندى فيجمد . وأرض مجلودة أصابها الجليد . وجلدت الأرض من الجليد ، وأجلد الناس وجلد البقل ، ويقال في الصقيع والضريب مثله . والجليد : ما جمد من الماء وسقط على الأرض من الصقيع فجمد . الجوهري : الجليد الضريب والسقيط ، وهو ندى يسقط من السماء فيجمد على الأرض . وفي الحديث : حسن الخلق يذيب الخطايا كما تذيب الشمس الجليد ; هو الماء الجامد من البرد . وإنه ليجلد بكل خير أي : يظن به ، ورواه أبو حاتم يجلذ - بالذال المعجمة - . وفي حديث الشافعي : كان مجالد يجلد أي كان يتهم ويرمى بالكذب ، فكأنه وضع الظن موضع التهمة . واجتلد ما في الإناء : شربه كله . أبو زيد : حملت الإناء فاجتلدته واجتلدت ما فيه إذا شربت كل ما فيه . سلمة : القلفة والقلفة والرغلة والرغلة والغرلة والجلدة : كله الغرلة ; قال الفرزدق :


                                                          من آل حوران لم تمسس أيورهم     موسى فتطلع عليها يابس الجلد



                                                          قال : وقد ذكر الأرلة ; قال : ولا أدري بالراء أو بالدال كله الغرلة ; قال : وهو عندي بالراء . والمجلد : مقدار من الحمل معلوم المكيلة والوزن . وصرحت بجلدان وجلداء ; يقال ذلك في الأمر إذا بان . وقال اللحياني : صرحت بجلدان أي : بجد . وبنو جلد : حي . وجلد وجليد ومجالد : أسماء ; قال :


                                                          نكهت مجالدا وشممت منه     كريح الكلب مات قريب عهد
                                                          فقلت له متى استحدثت هذا ؟     فقال أصابني في جوف مهدي



                                                          وجلود : موضع بإفريقية ; ومنه : فلان الجلودي - بفتح الجيم - هو منسوب إلى جلود قرية من قرى إفريقية ، ولا تقل الجلودي - بضم الجيم - والعامة تقول الجلودي . وبعير مجلند : صلب شديد . وجلندى : اسم رجل ; وقوله :


                                                          وجلنداء في عمان مقيما     إنما مده للضرورة ، وقد روي
                                                          وجلندى لدى عمان مقيما

                                                          الجوهري : وجلندى - بضم الجيم مقصور - اسم ملك عمان .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية