الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ جيأ ]

                                                          جيأ : المجيء : الإتيان . جاء جيئا ومجيئا . وحكى سيبويه عن بعض العرب : هو يجيك ، بحذف الهمزة . وجاء يجيء جيئة ، وهو من بناء المرة الواحدة إلا أنه وضع موضع المصدر ، مثل الرجفة والرحمة . والاسم الجيئة على فعلة - بكسر الجيم - وتقول : جئت مجيئا حسنا ، وهو شاذ ; لأن المصدر من : فعل يفعل مفعل - بفتح العين - وقد شذت منه حروف فجاءت على مفعل كالمجيء والمحيض والمكيل والمصير .

                                                          وأجأته ؛ أي : جئت به . وجايأني على فاعلني ، وجاءاني فجئته أجيئه ؛ أي : غالبني بكثرة المجيء فغلبته . قال ابن بري : صوابه " جايأني " ; قال : ولا يجوز ما ذكره إلا على القلب . وجاء به ، وأجاءه ، وإنه لجياء بخير ، وجثاء ، الأخيرة نادرة . وحكى ابن جني - رحمه الله - : جائي على وجه الشذوذ . وجايا : لغة في جاءا ، وهو من البدلي . ابن الأعرابي : جايأني الرجل من قرب ؛ أي : قابلني ومر بي ، مجايأة ؛ أي : مقابلة ; قال الأزهري : هو من : جئته مجيئا ومجيئة : فأنا جاء . أبو زيد : جايأت فلانا : إذا وافقت مجيئه . ويقال : لو قد جاوزت هذا المكان لجايأت الغيث مجايأة وجياء ؛ أي : وافقته . وتقول : الحمد لله الذي جاء بك ؛ أي : الحمد لله إذ جئت ، ولا تقل الحمد لله الذي جئت . قال ابن بري : الصحيح ما وجدته بخط الجوهري في كتابه عند هذا الموضع ، وهو : الحمد لله الذي جاء بك ، والحمد لله إذ جئت ، هكذا بالواو في قوله : والحمد لله إذ جئت ، عوضا من قوله : أي : الحمد لله إذ جئت ; قال : ويقوي صحة هذا قول ابن السكيت ، تقول : الحمد لله إذ كان كذا وكذا ، ولا تقل : الحمد لله الذي كان كذا ، وكذا حتى تقول به أو منه أو عنه . وإنه لحسن الجيئة ؛ أي : الحالة التي يجيء عليها . وأجاءه إلى الشيء : جاء به وألجأه واضطره إليه ; قال زهير بن أبي سلمى :


                                                          وجار سار معتمدا إليكم أجاءته المخافة والرجاء

                                                          قال الفراء : أصله من " جئت " ، وقد جعلته العرب إلجاء . وفي المثل : شر ما أجاءك إلى مخة العرقوب ، وشر ما يجيئك إلى مخة عرقوب ، قال الأصمعي : وذلك أن العرقوب لا مخ فيه ، وإنما يحوج إليه من لا يقدر على شيء ; ومنهم من يقول : شر ما ألجأك ، والمعنى واحد ، وتميم تقول : شر ما أشاءك ; قال الشاعر :


                                                          وشددنا شدة صادقة     فأجاءتكم إلى سفح الجبل

                                                          [ ص: 249 ] وما جاءت حاجتك ؛ أي : ما صارت . قال سيبويه : أدخل التأنيث على ما حيث كانت الحاجة ; كما قالوا : من كانت أمك ، حيث أوقعوا " من " على مؤنث ، وإنما صير " جاء " بمنزلة كان في هذا الحرف ; لأنه بمنزلة المثل ، كما جعلوا " عسى " بمنزلة كان في قولهم : عسى الغوير أبؤسا ، ولا تقول : عسيت أخانا . والجئاوة والجياء والجياءة : وعاء توضع في القدر ، وقيل هي كل ما وضعت فيه من خصفة أو جلد أو غيره ; وقال الأحمر : هي الجواء والجياء ; وفي حديث علي : لأن أطلي بجواء قدر أحب إلي من أن أطلي بزعفران . قال : وجمع الجئاء أجئية ، وجمع الجواء أجوية . الفراء : جأوت البرمة : رقعتها ، وكذلك النعل . الليث : جياوة : اسم حي من قيس قد درجوا ولا يعرفون . وجيأت القربة : خطتها . قال الشاعر :


                                                          تخرق ثفرها أيام خلت     على عجل فجيب بها أديم
                                                          فجيأها النساء فخان منها     كبعثاة ورادعة ردوم

                                                          ابن السكيت : امرأة مجيأة : إذا أفضيت ، فإذا جومعت أحدثت .

                                                          ورجل مجيأ : إذا جامع سلح . وقال الفراء في قول الله : فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة ; هو من جئت كما تقول : فجاء بها المخاض ، فلما ألقيت الباء جعل في الفعل ألف ، كما تقول : آتيتك زيدا ، تريد : أتيتك بزيد . والجايئة : مدة الجرح والخراج ، وما اجتمع فيه من المدة والقيح ; يقال : جاءت جايئة الجراح . والجئة والجيئة : حفرة في الهبطة يجتمع فيها الماء ، والأعرف : الجية ، من الجوى الذي هو فساد الجوف ; لأن الماء يأجن هناك فيتغير ، والجمع جيء . وفي التهذيب : الجيأة : مجتمع ماء في هبطة حوالي الحصون ، وقيل : الجيأة : الموضع الذي يجتمع فيه الماء ; وقال أبو زيد : الجيأة : الحفرة العظيمة يجتمع فيها ماء المطر وتشرع الناس فيه حشوشهم ; قال الكميت :


                                                          ضفادع جيأة حسبت أضاة     منضبة ستمنعها وطينا

                                                          وجيئة البطن : أسفل من السرة إلى العانة . والجيئة : قطعة يرقع بها النعل ، وقيل : هي سير يخاط به . وقد أجاءها . والجيء والجيء : الدعاء إلى الطعام والشراب ، وهو أيضا دعاء الإبل إلى الماء ; قال معاذ الهراء :


                                                          وما كان على الجيء     ولا الهيء امتداحيكا

                                                          وقولهم : لو كان ذلك في الهيء والجيء ما نفعه ; قال أبو عمرو : الهيء : الطعام والجيء : الشراب . وقال الأموي : هما اسمان من قولهم : جأجأت بالإبل إذا دعوتها للشرب ، وهأهأت بها : إذا دعوتها للعلف .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية