الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ جبب ]

                                                          جبب : الجب : القطع . جبه يجبه جبا وجبابا واجتبه وجب خصاه جبا : استأصله . وخصي مجبوب بين الجباب . والمجبوب : الخصي الذي قد استؤصل ذكره وخصياه . وقد جب جبا . وفي حديث مأبور الخصي الذي أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتله لما اتهم بالزنا : فإذا هو مجبوب . أي : مقطوع الذكر . وفي حديث زنباع : أنه جب غلاما له . وبعير أجب بين الجبب أي : مقطوع السنام . وجب السنام يجبه جبا : قطعه . والجبب : قطع في السنام . وقيل : هو أن يأكله الرحل أو القتب ; فلا يكبر . بعير أجب وناقة جباء . الليث : الجب : استئصال السنام من أصله . وأنشد :


                                                          ونأخذ بعده بذناب عيش أجب الظهر ليس له سنام

                                                          وفي الحديث : أنهم كانوا يجبون أسنمة الإبل وهي حية . وفي حديث حمزة - رضي الله عنه - : أنه اجتب أسنمة شارفي علي - رضي الله عنه - لما شرب الخمر ، وهو افتعل من الجب أي : القطع . ومنه حديث الانتباذ في المزادة المجبوبة التي قطع رأسها ، وليس لها عزلاء من أسفلها يتنفس منها الشراب . وفي حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - : نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الجب . قيل : وما الجب ؟ فقالت امرأة عنده : هو المزادة يخيط بعضها إلى بعض ، كانوا ينتبذون فيها حتى ضريت أي : تعودت الانتباذ فيها واشتدت عليه ، ويقال لها المجبوبة أيضا . ومنه الحديث : إن الإسلام يجب ما قبله ، والتوبة تجب ما قبلها . أي : يقطعان ويمحوان ما كان قبلهما من الكفر والمعاصي والذنوب . وامرأة جباء : لا أليتين لها . ابن شميل : امرأة جباء أي : رسحاء . والأجب من الأركاب : القليل اللحم . وقال شمر : امرأة جباء إذا لم يعظم ثديها . ابن الأثير : وفي حديث بعض الصحابة - رضي الله عنهم - : وسئل عن امرأة تزوج بها : كيف وجدتها ؟ فقال : كالخير من امرأة قباء جباء . قالوا : أوليس ذلك خيرا ؟ قال : ما ذاك بأدفأ للضجيع ، ولا أروى للرضيع . قال : يريد بالجباء أنها صغيرة الثديين ، وهي في اللغة أشبه بالتي لا عجز لها ، كالبعير الأجب الذي لا سنام له . وقيل : الجباء القليلة لحم الفخذين . والجباب : تلقيح النخل . وجب النخل : لقحه . وزمن الجباب : زمن التلقيح للنخل . الأصمعي : إذا لقح الناس النخيل قيل : قد جبوا ، وقد أتانا زمن الجباب . والجبة : ضرب من مقطعات الثياب تلبس ، وجمعها جبب وجباب . والجبة : من أسماء الدرع وجمعها جبب . وقال الراعي :


                                                          لنا جبب وأرماح طوال     بهن نمارس الحرب الشطونا

                                                          والجبة من السنان : الذي دخل فيه الرمح . والثعلب : ما دخل من الرمح في السنان . وجبة الرمح : ما دخل من السنان فيه . والجبة : حشو الحافر وقيل قرنه ، وقيل : هي من الفرس ملتقى الوظيف على الحوشب من الرسغ . وقيل : هي موصل ما بين الساق والفخذ . وقيل : موصل الوظيف في الذراع . وقيل : مغرز الوظيف في الحافر . الليث : الجبة : بياض يطأ فيه الدابة بحافره حتى يبلغ الأشاعر . [ ص: 65 ] والمجبب : الفرس الذي يبلغ تحجيله إلى ركبتيه . أبو عبيدة : جبة الفرس : ملتقى الوظيف في أعلى الحوشب . وقال مرة : هو ملتقى ساقيه ووظيفي رجليه ، وملتقى كل عظمين ، إلا عظم الظهر . وفرس مجبب : ارتفع البياض منه إلى الجبب ، فما فوق ذلك ، ما لم يبلغ الركبتين . وقيل : هو الذي بلغ البياض أشاعره . وقيل : هو الذي بلغ البياض منه ركبة اليد وعرقوب الرجل ، أو ركبتي اليدين وعرقوبي الرجلين . والاسم الجبب وفيه تجبيب . قال الكميت :


                                                          أعطيت من غرر الأحساب شادخة     زينا وفزت من التحجيل بالجبب



                                                          والجب : البئر مذكر . وقيل : هي البئر لم تطو . وقيل : هي الجيدة الموضع من الكلأ . وقيل : هي البئر الكثيرة الماء البعيدة القعر . قال :


                                                          فصبحت بين الملا وثبره     جبا ترى جمامه مخضره
                                                          فبردت منه لهاب الحره



                                                          وقيل : لا تكون جبا حتى تكون مما وجد لا مما حفره الناس . والجمع : أجباب وجباب وجببة ، وفي بعض الحديث : جب طلعة مكان جف طلعة ، وهو أن دفين سحر النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل في جب طلعة ، أي : في داخلها ، وهما معا وعاء طلع النخل . قال أبو عبيد : جب طلعة ليس بمعروف إنما المعروف جف طلعة ، قال شمر : أراد داخلها إذا أخرج منها الكفرى ، كما يقال لداخل الركية من أسفلها إلى أعلاها جب . يقال إنها لواسعة الجب ، مطوية كانت أو غير مطوية . وسميت البئر جبا ؛ لأنها قطعت قطعا ولم يحدث فيها غير القطع من طي وما أشبهه . وقال الليث : الجب البئر غير البعيدة . الفراء : بئر مجببة الجوف إذا كان وسطها أوسع شيء منها مقببة . وقالت الكلابية : الجب القليب الواسعة الشحوة . وقال ابن حبيب : الجب ركية تجاب في الصفا . وقال مشيع : الجب جب الركية قبل أن تطوى . وقال زيد بن كثوة : جب الركية جرابها ، وجبة القرن التي فيها المشاشة . ابن شميل : الجباب الركايا تحفر ينصب فيها العنب أي : يغرس فيها ، كما يحفر للفسيلة من النخل ، والجب الواحد . والشربة الطريقة من شجر العنب على طريقة شربه . والغلفق ورق الكرم . والجبوب : وجه الأرض . وقيل : هي الأرض الغليظة . وقيل : هي الأرض الغليظة من الصخر لا من الطين . وقيل : هي الأرض عامة ، لا تجمع . وقال اللحياني : الجبوب : الأرض ، والجبوب : التراب . وقول امرئ القيس :


                                                          فيبتن ينهسن الجبوب بها     وأبيت مرتفقا على رحلي

                                                          يحتمل هذا كله . والجبوبة : المدرة . ويقال للمدرة الغليظة تقلع من وجه الأرض جبوبة . وفي الحديث : أن رجلا مر بجبوب بدر فإذا رجل أبيض رضراض . قال القتيبي ، قال الأصمعي : الجبوب - بالفتح - : الأرض الغليظة . وفي حديث علي - كرم الله وجهه - : رأيت المصطفى - صلى الله عليه وسلم - يصلي أو يسجد على الجبوب . ابن الأعرابي : الجبوب الأرض الصلبة ، والجبوب المدر المفتت . وفي الحديث : أنه تناول جبوبة فتفل فيها . هو من الأول . وفي حديث عمر : سأله رجل ، فقال : عنت لي عكرشة ، فشنقتها بجبوبة أي : رميتها ، حتى كفت عن العدو . وفي حديث أبي أمامة قال : لما وضعت بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القبر طفق يطرح إليهم الجبوب ، ويقول : سدوا الفرج ، ثم قال : إنه ليس بشيء ، ولكنه يطيب بنفس الحي . وقال أبو خراش يصف عقابا أصاب صيدا :


                                                          رأت قنصا على فوت فضمت     إلى حيزومها ريشا رطيبا
                                                          فلاقته ببلقعة براح     تصادم بين عينيه الجبوبا



                                                          قال ابن شميل : الجبوب وجه الأرض ومتنها من سهل أو حزن أو جبل . أبو عمرو : الجبوب الأرض ؛ وأنشد :


                                                          لا تسقه حمضا ولا حليبا     إن ما تجده سابحا يعبوبا
                                                          ذا منعة يلتهب الجبوبا



                                                          وقال غيره : الجبوب الحجارة والأرض الصلبة . وقال غيره :


                                                          تدع الجبوب إذا انتحت     فيه طريقا لاحبا



                                                          والجباب - بالضم - : شيء يعلو ألبان الإبل ، فيصير كأنه زبد ، ولا زبد لألبانها . قال الراجز :


                                                          يعصب فاه الريق أي عصب     عصب الجباب بشفاه الوطب



                                                          وقيل : الجباب للإبل كالزبد للغنم والبقر ، وقد أجب اللبن . التهذيب : الجباب شبه الزبد يعلو الألبان ، يعني ألبان الإبل ، إذا مخض البعير السقاء ، وهو معلق عليه ، فيجتمع عند فم السقاء ، وليس لألبان الإبل زبد إنما هو شيء يشبه الزبد . والجباب : الهدر الساقط الذي لا يطلب . وجب القوم : غلبهم . قال الراجز :


                                                          من رول اليوم لنا فقد غلب     خبزا بسمن وهو عند الناس جب



                                                          وجبت فلانة النساء تجبهن جبا : غلبتهن من حسنها . قال الشاعر :


                                                          جبت نساء وائل وعبس



                                                          وجابني فجببته ، والاسم الجباب : غالبني فغلبته . وقيل : هو غلبتك إياه في كل وجه من حسب أو جمال أو غير ذلك . وقوله :


                                                          جبت نساء العالمين بالسبب



                                                          قال : هذه امرأة قدرت عجيزتها بخيط ، وهو السبب ، ثم ألقته إلى نساء الحي ليفعلن كما فعلت ، فأدرنه على أعجازهن ، فوجدنه فائضا كثيرا ، فغلبتهن . وجابت المرأة صاحبتها فجبتها حسنا أي : فاقتها بحسنها . والتجبيب : النفار . وجبب الرجل تجبيبا إذا فر وعرد . قال الحطيئة :


                                                          ونحن إذا جببتم عن نسائكم     كما جببت من عند أولادها الحمر



                                                          [ ص: 66 ] وفي حديث مورق : المتمسك بطاعة الله إذا جبب الناس عنها ، كالكار بعد الفار ، أي : إذا ترك الناس الطاعات ، ورغبوا عنها . يقال : جبب الرجل إذا مضى مسرعا فارا من الشيء . الباهلي : فرش له في جبة الدار أي : في وسطها . وجبة العين : حجاجها . ابن الأعرابي : الجباب : القحط الشديد ، والمجبة : المحجة ، وجادة الطريق . أبو زيد : ركب فلان المجبة ، وهي الجادة . وجبة والجبة : موضع . قال النمر بن تولب :


                                                          زبنتك أركان العدو فأصبحت     أجأ وجبة من قرار ديارها



                                                          وأنشد ابن الأعرابي :


                                                          لا مال إلا إبل جماعه     مشربها الجبة أو نعاعه



                                                          والجبجبة : وعاء يتخذ من أدم يسقى فيه الإبل ، وينقع فيه الهبيد . والجبجبة : الزبيل من جلود ينقل فيه التراب ، والجمع الجباجب . وفي حديث عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - : أنه أودع مطعم بن عدي ، لما أراد أن يهاجر ، جبجبة فيها نوى من ذهب ، هي زبيل لطيف من جلود . ورواه القتيبي - بالفتح - . والنوى : قطع من ذهب ، وزن القطعة خمسة دراهم . وفي حديث عروة - رضي الله عنه - : إن مات شيء من الإبل ، فخذ جلده فاجعله جباجب ينقل فيها ، أي : زبلا . والجبجبة والجبجبة والجباجب : الكرش يجعل فيها اللحم ، يتزود به في الأسفار ، ويجعل فيها اللحم المقطع ، ويسمى الخلع . وأنشد :


                                                          أفي أن سرى كلب فبيت جلة     وجبجبة للوطب سلمى تطلق



                                                          وقيل : هي إهالة تذاب وتحقن في كرش . وقال ابن الأعرابي : هو جلد جنب البعير يقور ويتخذ فيه اللحم الذي يدعى الوشيقة ، وتجبجب واتخذ جبجبة إذا اتشق ، والوشيقة لحم يغلى إغلاءة ، ثم يقدد ، فهو أبقى ما يكون . قال خمام بن زيد مناة اليربوعي :


                                                          إذا عرضت منها كهاة سمينة     فلا تهد منها واتشق وتجبجب



                                                          وقال أبو زيد : التجبجب أن تجعل خلعا في الجبجبة ، فأما ما حكاه ابن الأعرابي من قولهم : إنك ما علمت جبان جبجبة ، فإنما شبهه بالجبجبة التي يوضع فيها هذا الخلع ، شبهه بها في انتفاخه ، وقلة غنائه ، كقول الآخر :


                                                          كأنه حقيبة ملأى حثا



                                                          ورجل جباجب ومجبجب إذا كان ضخم الجنبين . ونوق جباجب . قال الراجز :


                                                          جراشع جباجب الأجواف     حم الذرا مشرفة الأنواف



                                                          وإبل مجبجبة : ضخمة الجنوب . قالت :


                                                          حسنت إلا الرقبه     فحسننها يا أبه
                                                          كي ما تجيء الخطبه     بإبل مجبجبه



                                                          ويروى مخبخبه . أرادت مبخبخة أي : يقال : لها بخ بخ إعجابا بها ، فقلبت . أبو عمرو : جمل جباجب وبجابج : ضخم ، وقد جبجب إذا سمن . وجبجب إذا ساح في الأرض عبادة . وجبجب إذا تجر في الجباجب . أبو عبيدة : الجبجبة أتان الضحل ، وهي صخرة الماء ، وماء جبجاب وجباجب : كثير . قال : وليس جباجب بثبت . وجبجب : ماء - معروف - . وفي حديث بيعة الأنصار : نادى الشيطان يا أصحاب الجباجب . قال : هي جمع جبجب - بالضم - ، وهو المستوي من الأرض ليس بحزن ، وهي هاهنا أسماء منازل بمنى سميت به ؛ لأن كروش الأضاحي تلقى فيها أيام الحج . الأزهري في أثناء كلامه على حيهل . وأنشد لعبد الله بن الحجاج التغلبي من أبيات :


                                                          إياك أن تستبدلي قرد القفا     حزابية وهيبانا جباجبا
                                                          ألف كأن الغازلات منحنه     من الصوف نكثا أو لئيما دبادبا



                                                          وقال : الجباجب والدبادب الكثير الشر والجلبة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية