الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ جعر ]

                                                          جعر : الجعار : حبل يشد به المستقي وسطه إذا نزل في البئر لئلا يقع فيها ، وطرفه في يد رجل فإن سقط مده به ; وقيل : هو حبل يشده الساقي إلى وتد ثم يشده في حقوه وقد تجعر به ; قال :


                                                          ليس الجعار مانعي من القدر ولو تجعرت بمحبوك ممر

                                                          والجعرة : الأثر الذي يكون في وسط الرجل من الجعار ; حكاه ثعلب ; وأنشد :


                                                          لو كنت سيفا كان أثرك جعرة     وكنت حرى ألا يغيرك الصقل

                                                          والجعرة : شعير غليظ القصب عريض ضخم السنابل كأن سنابله جراء الخشخاش ، ولسنبله حروف عدة ، وحبه طويل عظيم أبيض ، وكذلك سنبله وسفاه ، وهو رقيق خفيف المئونة في الدياس ، والآفة إليه سريعة ، وهو كثير الريع طيب الخبز ، كله عن أبي حنيفة . والجعروران : خبراوان إحداهما لبني نهشل ، والأخرى لبني عبد الله بن دارم ، يملؤهما جميعا الغيث الواحد ، فإذا ملئت الجعروران وثقوا بكرع شائهم ; عن ابن الأعرابي ; وأنشد :


                                                          إذا أردت الحفر بالجعرور     فاعمل بكل مارن صبور
                                                          لا غرف بالدرحاية القصير     ولا الذي لوح بالقتير

                                                          الدرحاية : العريض القصير ; يقول : إذا غرف الدرحاية مع الطويل الضخم بالحفنة من الغدير ، غدير الخبراء ، لم يلبث الدرحاية أن يزكته الربو فيسقط . زكته الربو . ملأ جوفه . وفي التهذيب : والجعور خبراء لبني نهشل ، والجعور الأخرى خبراء لبني عبد الله بن دارم . وجعار : اسم للضبع ; لكثرة جعرها ، وإنما بنيت على الكسر ; لأنه حصل فيها العدل والتأنيث والصفة الغالبة ، ومعنى قولنا غالبة أنها غلبت على الموصوف حتى صار يعرف بها كما يعرف باسمه ، وهي معدولة عن جاعرة ، فإذا منع من الصرف بعلتين وجب البناء بثلاث ; لأنه ليس بعد منع الصرف إلا منع الإعراب ; وكذلك القول في حلاق اسم للمنية ; وقول الشاعر الهذلي في صفة الضبع :


                                                          عشنزرة جواعرها ثمان     فويق زماعها خدم حجول
                                                          تراها الضبع أعظمهن رأسا     جراهمة لها حرة وثيل

                                                          قيل : ذهب إلى تفخيمها كما سميت حضاجر ، وقيل : هي أولادها وجعلها الشاعر خنثى لها حرة وثيل ; قال بعضهم : جواعرها ثمان ; لأن للضبع خروقا كثيرة . والجراهمة : المغتلمة . قال الأزهري : الذي عندي في تفسير جواعرها ثمان كثرة جعرها . والجواعر : جمع الجاعرة ، وهو الجعر أخرجه على فاعلة وفواعل ، ومعناه المصدر ، كقول العرب : سمعت رواغي الإبل أي : رغاءها ، وثواغي الشاء أي : ثغاءها ، وكذلك العافية مصدر ، وجمعها عواف . قال الله تعالى : ليس لها من دون الله كاشفة ; أي : ليس لها من دونه - عز وجل - كشف وظهور . وقال الله - عز وجل - : لا تسمع فيها لاغية ; أي : لغوا ، ومثله كثير في كلام العرب ، ولم يرد عددا محصورا بقوله جواعرها ثمان ، ولكنه وصفها بكثرة الأكل والجعر ، وهي من آكل الدواب ، وقيل : وصفها بكثرة الجعر كأن لها جواعر كثيرة كما يقال فلان يأكل في سبعة أمعاء ، وإن كان له معى واحد ، وهو مثل لكثرة أكله ; قال ابن بري البيت أعني :


                                                          عشنزرة جواعرها ثمان

                                                          لحبيب بن عبد الله الأعلم . وللضبع جاعرتان ، فجعل لكل جاعرة أربعة غضون ، وسمى كل غضن منها جاعرة باسم ما هي فيه . وجيعر وجعار وأم جعار ، كله : الضبع لكثرة جعرها . وفي المثل : روعي جعار وانظري أين المفر ; يضرب لمن يروم أن يفلت ولا يقدر على ذلك ; وهذا المثل في التهذيب يضرب في فرار الجبان وخضوعه . ابن السكيت : تشتم المرأة فيقال لها : قومي جعار ، تشبه بالضبع . ويقال للضبع : تيسي أو عيثي جعار ; وأنشد :


                                                          فقلت لها عيثي جعار وجرري     بلحم امرئ لم يشهد القوم ناصره

                                                          والمجعر : الدبر . ويقال للدبر : الجاعرة والجعراء . والجعر : نجو كل ذات مخلب من السباع . والجعر : ما تيبس في الدبر من العذرة . والجعر : يبس الطبيعة ، وخص ابن الأعرابي به جعر الإنسان إذا كان يابسا ، والجمع جعور ; ورجل مجعار إذا كان كذلك . وفي حديث عمرو بن دينار : كانوا يقولون في الجاهلية : دعوا الصرورة بجهله ، وإن رمى بجعره في رحله ; قال ابن الأثير : الجعر ما يبس من الثفل في الدبر أو خرج يابسا ، ومنه حديث عمر : إني مجعار البطن أي : يابس الطبيعة ; وفي حديثه الآخر : إياكم ونومة الغداة فإنها مجعرة ; يريد يبس الطبيعة أي : أنها مظنة لذلك . وجعر الضبع والكلب والسنور يجعر جعرا : خرئ . والجعراء : الاست ، وقال كراع الجعرى ، قال : ولا نظير لها إلا الجعبى ، وهي الاست أيضا والزمكي والزمجى وكلاهما أصل الذنب من الطائر ، والقمصى الوثوب ، والعبدى العبيد ، والجرشى النفس ; والجعرى أيضا : كلمة يلام بها [ ص: 156 ] الإنسان كأنه ينسب إلى الاست . وبنو الجعراء : حي من العرب يعيرون بذلك ; قال :


                                                          دعت كندة الجعراء بالخرج مالكا     وندعو لعوف تحت ظل القواصل

                                                          والجعراء : دغة بنت مغنج ، ولدت في بلعنبر ، وذلك أنها خرجت وقد ضربها المخاض فظنته غائطا ، فلما جلست للحدث ولدت فأتت أمها ، فقالت : يا أمت هل يفتح الجعر فاه ؟ ففهمت عنها ، فقالت : نعم ، ويدعو أباه ، فتميم تسمى بلعنبر الجعراء لذلك . والجاعرة : مثل الروث من الفرس . والجاعرتان : حرفا الوركين المشرفان على الفخذين ، وهما الموضعان اللذان يرقمهما البيطار ، وقيل : الجاعرتان موضع الرقمتين من است الحمار ; قال كعب بن زهير يذكر الحمار والأتن :


                                                          إذا ما انتحاهن شؤبوبه     رأيت لجاعرتيه غضونا

                                                          وقيل : هما ما اطمأن من الورك والفخذ في موضع المفصل ، وقيل : هما رءوس أعالي الفخذين ، وقيل : هما مضرب الفرس بذنبه على فخذيه ، وقيل : هما حيث يكوى الحمار في مؤخره على كاذتيه . وفي حديث العباس : أنه وسم الجاعرتين ; هما لحمتان تكتنفان أصل الذنب ، وهما من الإنسان في موضع رقمتي الحمار . وفي الحديث : أنه كوى حمارا في جاعرتيه . وفي كتاب عبد الملك إلى الحجاج : قاتلك الله أسود الجاعرتين ! قيل : هما اللذان يبتدئان الذنب . والجعار : من سمات الإبل وسم في الجاعرة ; عن ابن حبيب من تذكرة أبي علي . والجعرانة : موضع ; وفي الحديث : أنه نزل الجعرانة ، وتكرر ذكرها في الحديث ، وهي موضع قريب من مكة ، وهي في الحل وميقات الإحرام ، وهي - بتسكين العين والتخفيف - وقد تكسر العين وتشدد الراء . والجعرور : ضرب من التمر صغار لا ينتفع به . وفي الحديث : أنه نهى عن لونين في الصدقة من التمر : الجعرور ولون الحبيق ; قال الأصمعي : الجعرور ضرب من الدقل يحمل رطبا صغارا لا خير فيه ، ولون الحبيق من أردإ التمران أيضا . والجعرور : دويبة من أحناش الأرض . ولصبيان الأعراب لعبة يقال لها الجعرى ، الراء شديدة ، وذلك أن يحمل الصبي بين اثنين على أيديهما ; ولعبة أخرى يقال لها سفد اللقاح ، وذلك انتظام الصبيان بعضهم في إثر بعض ، كل واحد آخذ بحجزة صاحبه من خلفه . وأبو جعران : الجعل عامة ، وقيل : ضرب من الجعلان . وأم جعران : الرخمة ; كلاهما عن كراع .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية