الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ جبل ]

                                                          جبل : الجبل : اسم لكل وتد من أوتاد الأرض إذا عظم وطال من الأعلام والأطواد والشناخيب ، وأما ما صغر وانفرد فهو من القنان ، [ ص: 70 ] والقور والأكم ، والجمع أجبل وأجبال وجبال . وأجبل القوم : صاروا إلى الجبل . وتجبلوا : دخلوا في الجبل ؛ واستعاره أبو النجم للمجد والشرف فقال :


                                                          وجبلا طال معدا فاشمخر أشم لا يسطيعه الناس الدهر



                                                          وأراد الدهر وهو مذكور في موضعه . ابن الأعرابي : أجبل إذا صادف جبلا من الرمل ، وهو العريض الطويل ، وأحبل إذا صادف حبلا من الرمل ، وهو الدقيق الطويل ، وجبلة الجبل وجبلته : تأسيس خلقته التي جبل وخلق عليها . وأجبل الحافر : انتهى إلى جبل . وأجبل القوم إذا حفروا فبلغوا المكان الصلب ، قال الأعشى :


                                                          وطال السنام على جبلة     كخلقاء من هضبات الحضن



                                                          وفي حديث عكرمة : أن خالدا الحذاء كان يسأله فسكت خالد فقال له عكرمة : ما لك أجبلت ؟ أي : انقطعت من قولهم : أجبل الحافر إذا أفضى إلى الجبل أو الصخر الذي لا يحيك فيه المعول . وسألته فأجبل أي : وجدته جبلا ؛ عن ابن الأعرابي ؛ قال ابن سيده : هكذا حكاه وإنما المعروف في هذا أن يقال فيه فأجبلته . الفراء : الجبل سيد القوم وعالمهم . وأجبل الشاعر : صعب عليه القول ، كأنه انتهى إلى جبل منه ، وهو منه . وابنة الجبل : الحية ؛ لأن الجبل مأواها ؛ حكاه ابن الأعرابي ؛ وأنشد لسدوس بن ضباب :


                                                          إني إلى كل أيسار ونادبة     أدعو حبيشا كما تدعى ابنة الجبل



                                                          أي أنوه به كما ينوه بابنة الجبل ؛ قال ابن بري : ابنة الجبل تنطلق على عدة معان : أحدها أن يراد بها الصدى ، ويكون مدحا لسرعة إجابته ، كما قال سدوس بن ضباب ، وأنشد البيت : كما تدعى ابنة الجبل ، وبعده :


                                                          إن تدعه موهنا يعجل بجابته     عاري الأشاجع يسعى غير مشتمل



                                                          قال : ومثله قول الآخر :


                                                          كأني إذ دعوت بني سليم دعوت بدعوتي لهم الجبالا



                                                          قال : وقد يضرب ابنة الجبل الذي هو الصدى مثلا للرجل الإمعة المتابع الذي لا رأي له . وفي بعض الأمثال : كنت الجبل مهما يقل تقل . وابنة الجبل : الداهية ؛ لأنها تثقل كأنها جبل ، وعليه قول الكميت :


                                                          فإياكم إياكم وملمة يقول لها الكانون صمي ابنة الجبل



                                                          قال : وقيل : إن الأصل في ابنة الجبل هنا الحية التي لا تجيب الراقي . وابنة الجبل : القوس ، إذا كانت من النبع الذي يكون هناك ؛ لأنها من شجر الجبل ؛ قال ابن بري : أنشد أبو العباس ثعلب وغيره :


                                                          لا مال إلا العطاف توزره     أم ثلاثين وابنة الجبل



                                                          ابنة الجبل : القوس ، والعطاف السيف ، كما يقال له الرداء ؛ قال : وعليه قول الآخر :


                                                          ولا مال لي إلا عطاف ومدرع     لكم طرف منه جديد ولي طرف



                                                          ورجل مجبول : عظيم ، على التشبيه بالجبل ، وجبلة الأرض : صلابتها . والجبلة - بالضم - : السنام . والجبل : الساحة ؛ قال كثير عزة :


                                                          وأقوله للضيف أهلا ومرحبا     وآمنه جارا وأوسعه جبلا



                                                          والجمع أجبل وجبول . وجبل الله الخلق يجبلهم ويجبلهم : خلقهم . وجبله على الشيء : طبعه . وجبل الإنسان على هذا الأمر أي : طبع عليه . وجبلة الشيء : طبيعته وأصله وما بني عليه . وجبلته وجبلته - بالفتح - ؛ عن كراع : خلقه . وقال ثعلب : الجبلة الخلقة ، وجمعها جبال ، قال : والعرب تقول : أجن الله جباله أي : جعله كالمجنون ، وهذا نص قوله . التهذيب في قولهم : أجن الله جباله ، قال الأصمعي : معناه أجن الله جبلته أي : خلقته ، وقال غيره : أجن الله جباله أي : الجبال التي يسكنها أي : أكثر الله فيها الجن . وفي حديث الدعاء : أسألك من خيرها وخير ما جبلت ، عليه أي : خلقت عليه وطبعت عليه . والجبلة - بالكسر - : الخلقة ؛ قال قيس بن الخطيم :


                                                          بين شكول النساء خلقتها     قصد فلا جبلة ولا قضف



                                                          قال : الشكول الضروب ؛ قال ابن بري : الذي في شعر قيس بن الخطيم جبلة - بالفتح - قال : وهو الصحيح ، قال : وهو اسم الفاعل من جبل يجبل فهو جبل وجبل إذا غلظ ، والقضف : الدقة وقلة اللحم ، والجبلة : الغليظة ، يقال : جبلت فهي جبلة وجبلة . وثوب جيد الجبلة أي : الغزل والنسج والفتل . ورجل مجبول : غليظ الجبلة . وفي حديث ابن مسعود : كان رجلا مجبولا ضخما ؛ المجبول المجتمع الخلق ، والجبل من السهام : الجافي البري ؛ عن أبي حنيفة ؛ وأنشد الكميت في ذكر صائد :


                                                          وأهدى إليها من ذوات حفيرة     بلا حظوة منها ولا مصفح جبل



                                                          والجبل : الضخم ، قال أبو الأسود العجلي :


                                                          علاكمه مثل الفنيق شملة وحافره في ذلك المحلب الجبل



                                                          والجبلة والجبلة والجبل والجبلة والجبيل والجبل والجبل والجبل والجبل كل ذلك : الأمة من الخلق ، والجماعة من الناس . وحي جبل : كثير ؛ قال أبو ذؤيب :


                                                          منايا يقربن الحتوف لأهلها     جهارا ويستمتعن بالأنس الجبل



                                                          أي : الكثير . يقول : الناس كلهم متعة للموت يستمتع بهم ؛ قال ابن بري : ويروى الجبل - بضم الجيم - قال : وكذا رواه أبو عبيدة . الأصمعي : الجبل والعبر الناس الكثير . وقول الله - عز وجل - : ولقد أضل منكم جبلا كثيرا ؛ يقرأ جبلا عن أبي عمرو ، وجبلا عن [ ص: 71 ] الكسائي ، وجبلا عن الأعرج ، وعيسى بن عمر ، وجبلا - بالكسر والتشديد ، عن الحسن وابن أبي إسحاق ، قال : ويجوز أيضا جبل - بكسر الجيم وفتح الباء - جمع جبلة ، وجبل ، وهو في جميع هذه الوجوه : خلقا كثيرا . وقال أبو الهيثم : جبل وجبل وجبل وجبل ولم يعرف جبلا ، قال : وجبيل وجبلة لغات كلها . والجبلة : الخلقة . وفي التنزيل العزيز : والجبلة الأولين ؛ وقرأها الحسن - بالضم - والجمع الجبلات . التهذيب : قال الكسائي الجبلة والجبلة تكسر وترفع مشددة كسرت أو رفعت ، وقال في قوله : ولقد أضل منكم جبلا كثيرا ، قال : فإذا أردت جماع الجبيل قلت جبلا مثال قبيل وقبلا ، ولم يقرأ أحد جبلا . الليث : الجبل الخلق ، جبلهم الله فهم مجبولون ؛ وأنشد :


                                                          بحيث شد الجابل المجابلا



                                                          أي حيث شد أسر خلقهم . وكل أمة مضت على حدة فهي جبلة . والجبل : الشجر اليابس . ومال جبل : كثير ، قال الشاعر :


                                                          وحاجب كردسه في الحبل     منا غلام كان غير وغل
                                                          حتى افتدى منه بمال جبل



                                                          قال : وروي بيت أبي ذؤيب :


                                                          ويستمتعن بالأنس الجبل

                                                          وقال : الأنس الإنس . والجبل الكثير . وحي جبل أي : كثير . والجبولاء : العصيدة ، وهي التي تقول لها العامة الكبولاء . والجبلة والجبلة : الوجه ، وقيل ما استقبلك ، وقيل جبلة الوجه بشرته . ورجل جبل الوجه : غليظ بشرة الوجه . ورجل جبل الرأس : غليظ جلدة الرأس والعظام ؛ قال الراجز :


                                                          إذا رمينا جبلة الأشد     بمقذف باق على المرد



                                                          ويقال : أنت جبل وجبل أي : قبيح . والمجبل في المنع . الجوهري : ويقال للرجل إذا كان غليظا : إنه لذو جبلة . وامرأة مجبال أي : غليظة الخلق . وشيء جبل - بكسر الباء - أي غليظ جاف ؛ وأنشد ابن بري لأبي المثلم :


                                                          صافي الحديدة لا نكس ولا جبل



                                                          ورجل جبيل الوجه : قبيحه ، وهو أيضا الغليظ جلدة الرأس والعظام . ويقال : فلان جبل من الجبال إذا كان عزيزا ، وعز فلان يزحم الجبال ؛ وأنشد :


                                                          أللبأس أم للجود أم لمقاوم     من العز يزحمن الجبال الرواسيا ؟



                                                          وفلان ميمون العريكة والجبيلة والطبيعة . والجبل : القدح العظيم ؛ هذه عن أبي حنيفة : وأجبلته وجبلته أي : أجبرته . والجبلان : جبلا طيء : أجأ وسلمى . وجبلة بن الأيهم : آخر ملوك غسان . وجبل وجبيل وجبلة : أسماء . ويوم جبلة : معروف . وجبلة : موضع بنجد .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية