الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ جزع ]

                                                          جزع : قال الله تعالى : إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا ; الجزوع : ضد الصبور على الشر ، والجزع نقيض الصبر . جزع - بالكسر - يجزع جزعا فهو جازع وجزع وجزع وجزوع ، وقيل : إذا كثر منه الجزع ، فهو جزوع وجزاع ; عن ابن الأعرابي : وأنشد :


                                                          ولست بميسم في الناس يلحى على ما فاته وخم جزاع

                                                          وأجزعه غيره . والهجزع : الجبان ، هفعل من الجزع ، هاؤه بدل من الهمزة ; عن ابن جني ; قال : ونظيره هجرع وهبلع فيمن أخذه من الجرع والبلع ، ولم يعتبر سيبويه ذلك . وأجزعه الأمر ; قال أعشى باهلة :


                                                          فإن جزعنا فإن الشر أجزعنا     وإن صبرنا فإنا معشر صبر

                                                          وفي الحديث : لما طعن عمر جعل ابن عباس - رضي الله عنهما - يجزعه ; قال ابن الأثير : أي : يقول له ما يسليه ويزيل جزعه ، وهو الحزن والخوف . والجزع : قطعك واديا أو مفازة أو موضعا تقطعه عرضا ، وناحيتاه جزعاه . وجزع الموضع يجزعه جزعا : قطعه عرضا ; قال الأعشى :


                                                          جازعات بطن العقيق كما تم     ضي رفاق أمامهن رفاق

                                                          وجزع الوادي - بالكسر - : حيث تجزعه أي : تقطعه ، وقيل منقطعه ، وقيل جانبه ومنعطفه ، وقيل هو ما اتسع من مضايقه أنبت أو لم [ ص: 141 ] ينبت ، وقيل : لا يسمى جزع الوادي جزعا حتى تكون له سعة تنبت الشجر وغيره ; واحتج بقول لبيد :


                                                          حفزت وزايلها السراب كأنها     أجزاع بئشة أثلها ورضامها

                                                          وقيل : هو منحناه ، وقيل : هو إذا قطعته إلى الجانب الآخر ، وقيل : هو رمل لا نبات فيه ، والجمع أجزاع . وجزع القوم : محلتهم ; قال الكميت :


                                                          وصادفن مشربه والمسا     م شربا هنيا وجزعا شجيرا

                                                          وجزعة الوادي : مكان يستدير ويتسع ويكون فيه شجر يراح فيه المال من القر ويحبس فيه إذا كان جائعا أو صادرا أو مخدرا ، والمخدر : الذي تحت المطر . وفي الحديث : أنه وقف على محسر فقرع راحلته فخبت حتى جزعه ، أي : قطعه عرضا ; قال امرؤ القيس :


                                                          فريقان منهم سالك بطن نخلة     وآخر منهم جازع نجد كبكب

                                                          وفي حديث الضحية : فتفرق الناس إلى غنيمة فتجزعوها ، أي : اقتسموها ، وأصله من الجزع القطع . وانجزع الحبل : انقطع بنصفين ، وقيل : هو أن ينقطع ، أيا كان ، إلا أن ينقطع من الطرف . والجزعة والجزعة : القليل من المال والماء . وانجزعت العصا : انكسرت بنصفين . وتجزع السهم : تكسر ; قال الشاعر :


                                                          إذا رمحه في الدارعين تجزعا

                                                          واجتزعت من الشجرة عودا : اقتطعته واكتسرته . ويقال : جزع لي من المال جزعة أي : قطع لي منه قطعة . وبسرة مجزعة ومجزعة إذا بلغ الإرطاب ثلثيها . وتمر مجزع ومجزع ومتجزع : بلغ الإرطاب نصفه ، وقيل : بلغ الإرطاب من أسفله إلى نصفه ، وقيل : إلى ثلثيه ، وقيل : بلغ بعضه من غير أن يحد ، وكذلك الرطب والعنب . وقد جزع البسر والرطب وغيرهما تجزيعا ، فهو مجزع . قال شمر : قال المعري المجزع - بالكسر - وهو عندي بالنصب على وزن مخطم . قال الأزهري : وسماعي من الهجريين رطب مجزع - بكسر الزاي - كما رواه المعري عن أبي عبيد . ولحم مجزع ومجزع : فيه بياض وحمرة ، ونوى مجزع إذا كان محكوكا . وفي حديث أبي هريرة : أنه كان يسبح بالنوى المجزع ، وهو الذي حك بعضه بعضا حتى ابيض الموضع المحكوك منه ، وترك الباقي على لونه تشبيها بالجزع . ووتر مجزع : مختلف الوضع ، بعضه رقيق ، وبعضه غليظ ، وجزع : مكان لا شجر فيه . والجزع والجزع : الأخيرة ; عن كراع : ضرب من الخرز ، وقيل : هو الخرز اليماني ، وهو الذي فيه بياض وسواد تشبه به الأعين ; قال امرؤ القيس :


                                                          كأن عيون الوحش حول خبائنا     وأرحلنا الجزع الذي لم يثقب

                                                          واحدته جزعة ; قال ابن بري : سمي جزعا ; لأنه مجزع أي : مقطع بألوان مختلفة أي : قطع سواده ببياضه ، وكأن الجزعة مسماة بالجزعة ، المرة الواحدة من جزعت . وفي حديث عائشة - رضي الله عنها - : انقطع عقد لها من جزع ظفار . والجزع : المحور الذي تدور فيه المحالة ، لغة - يمانية - . والجازع : خشبة معروضة بين خشبتين منصوبتين ، وقيل : بين شيئين يحمل عليها ، وقيل : هي التي توضع بين خشبتين منصوبتين عرضا ، لتوضع عليها سروع الكروم وعروشها وقضبانها ، لترفعها عن الأرض . فإن وصفت قيل : جازعة . والجزعة والجزعة من الماء واللبن : ما كان أقل من نصف السقاء والإناء والحوض . وقال اللحياني مرة : بقي في السقاء جزعة من ماء ، وفي الوطب جزعة من لبن إذا كان فيه شيء قليل . وجزعت في القربة : جعلت فيها جزعة ، وقد جزع الحوض إذا لم يبق فيه إلا جزعة . ويقال : في الغدير جزعة وجزعة ، ولا يقال في الركية جزعة وجزعة ، وقال ابن شميل : يقال في الحوض جزعة وجزعة ، وهي الثلث أو قريب منه ، وهي الجزع والجزع . وقال ابن الأعرابي : الجزعة والكثبة والغرفة والخمطة البقية من اللبن . والجزعة : القطعة من الليل ، ماضية أو آتية ، يقال : مضت جزعة من الليل أي : ساعة من أولها وبقيت جزعة من آخرها . أبو زيد : كلأ جزاع وهو الكلأ الذي يقتل الدواب ومنه الكلأ الوبيل . والجزيعة : القطيعة من الغنم . وفي الحديث : ثم انكفأ إلى كبشين أملحين فذبحهما ، وإلى جزيعة من الغنم فقسمها بيننا ، الجزيعة : القطعة من الغنم تصغير جزعة - بالكسر - ، وهو القليل من الشيء ; قال ابن الأثير : هكذا ضبطه الجوهري مصغرا ، والذي جاء في المجمل لابن فارس الجزيعة - بفتح الجيم وكسر الزاي - وقال : هي القطعة من الغنم فعيلة بمعنى مفعولة ، قال : وما سمعناها في الحديث إلا مصغرة . وفي حديث المقداد : أتاني الشيطان فقال : إن محمدا يأتي الأنصار فيتحفونه ما به حاجة إلى هذه الجزيعة ، هي تصغير جزعة يريد القليل من اللبن ، هكذا ذكره أبو موسى وشرحه ، والذي جاء في صحيح مسلم : ما به حاجة إلى هذه الجزعة ، غير مصغرة ، وأكثر ما يقرأ في كتاب مسلم : الجرعة - بضم الجيم وبالراء - وهي الدفعة من الشرب . والجزع : الصبغ الأصفر الذي يسمى العروق في بعض اللغات .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية