الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ جوا ]

                                                          جوا : الجو : الهواء ; قال ذو الرمة :


                                                          والشمس حيرى لها في الجو تدويم

                                                          وقال أيضا :


                                                          وظل للأعيس المزجي نواهضه     في نفنف الجو تصويب وتصعيد

                                                          ويروى : في نفنف اللوح . والجو : ما بين السماء والأرض . وفي حديث علي رضوان الله عليه : ثم فتق الأجواء وشق الأرجاء ، جمع جو ، وهو ما بين السماء والأرض . وجو السماء : الهواء الذي بين السماء والأرض . قال الله تعالى : ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ; قال قتادة : في جو السماء في كبد السماء ، ويقال : كبيداء السماء . وجو الماء : حيث يحفر له ; قال :


                                                          تراح إلى جو الحياض وتنتمي

                                                          والجوة : القطعة من الأرض فيها غلظ . والجوة : نقرة . ابن سيده : والجو والجوة المنخفض من الأرض ; قال أبو ذؤيب :


                                                          يجري بجوته موج السراب كأن     ضاح الخزاعى حازت رنقها الريح

                                                          والجمع جواء ; أنشد ابن الأعرابي :


                                                          إن صاب ميثا أتئقت جواؤه

                                                          قال الأزهري : الجواء جمع الجو ; قال زهير :


                                                          عفا من آل فاطمة الجواء

                                                          ويقال : أراد بالجواء موضعا بعينه . وفي حديث سليمان : إن لكل امرئ جوانيا وبرانيا فمن أصلح جوانيه أصلح الله برانيه ; قال ابن الأثير : أي : باطنا وظاهرا وسرا وعلانية ، وعنى بجوانيه سره وببرانيه علانيته ، وهو منسوب إلى جو البيت ، وهو داخله ، وزيادة الألف والنون للتأكيد . وجو كل شيء : بطنه وداخله ، وهو الجوة أيضا ; وأنشد بيت أبي ذؤيب :


                                                          يجري بجوته موج الفرات كأن     ضاح الخزاعى حازت رنقه الريح

                                                          قال : وجوته بطن ذلك الموضع ; وقال آخر :


                                                          ليست ترى حولها شخصا وراكبها     نشوان في جوة الباغوت مخمور

                                                          والجوى : الحرقة وشدة الوجد من عشق أو حزن ، تقول منه : جوي الرجل - بالكسر - فهو جو مثل دو ; ومنه قيل للماء المتغير المنتن : جو ; قال الشاعر :


                                                          ثم كان المزاج ماء سحاب     لا جو آجن ولا مطروق

                                                          والآجن : المتغير أيضا إلا أنه دون الجوي في النتن . والجوي : الماء المنتن . وفي حديث يأجوج ومأجوج : فتجوى الأرض من نتنهم ; قال أبو عبيد : تنتن ويروى بالهمز ، وقد تقدم . وفي حديث عبد الرحمن بن القاسم : كان القاسم لا يدخل منزله إلا تأوه ، قلت : يا أبت ، ما أخرج هذا منك إلا جوى ، يريد إلا داء الجوف ، ويجوز أن يكون من الجوى شدة الوجد من عشق أو حزن . ابن سيده : الجوى الهوى الباطن ، والجوى السل وتطاول المرض . والجوى - مقصور - : كل داء يأخذ في الباطن لا يستمرأ معه الطعام ، وقيل : هو داء يأخذ في الصدر ، جوي جوى ، فهو جو وجوى ، وصف بالمصدر ، وامرأة جوية . وجوي الشيء جوى واجتواه : كرهه ; قال :


                                                          فقد جعلت أكبادنا تجتويكم     كما تجتوي سوق العضاه الكرازما

                                                          وجوي الأرض جوى واجتواها : لم توافقه . وأرض جوية وجوية غير موافقة . وتقول : جويت نفسي إذا لم يوافقك البلد . واجتويت البلد إذا كرهت المقام فيه وإن كنت في نعمة . وفي حديث العرنيين : فاجتووا المدينة ؛ أي : أصابهم الجوى ، وهو المرض وداء الجوف إذا تطاول ، وذلك إذا لم يوافقهم هواؤها واستوخموها . واجتويت البلد إذا كرهت المقام فيه ، وإن كنت في نعمة . وفي الحديث : أن وفد عرينة قدموا المدينة فاجتووها . أبو زيد : اجتويت البلاد إذا كرهتها وإن كانت موافقة لك في بدنك ; وقال في نوادره : الاجتواء النزاع إلى الوطن وكراهة المكان الذي أنت فيه وإن كنت في نعمة ، قال : وإن لم تكن نازعا إلى وطنك فإنك مجتو أيضا . قال : ويكون الاجتواء أيضا ألا تستمرئ الطعام بالأرض ولا الشراب ، غير أنك إذا أحببت المقام بها ولم يوافقك طعامها ولا شرابها فأنت مستوبل ولست [ ص: 248 ] بمجتو ; قال الأزهري : جعل أبو زيد الاجتواء على وجهين . ابن بزرج : يقال للذي يجتوي البلاد به اجتواء وجوى منقوص ، وجية . قال : وحقروا الجية جيية . ابن السكيت : رجل جوي الجوف ، وامرأة جوية ؛ أي : دوي الجوف . وجوي الطعام جوى واجتواه واستجواه : كرهه ولم يوافقه ، وقد جويت نفسي منه ; وعنه قال زهير :


                                                          بشمت بنيها فجويت عنها     وعندي لو أشاء لها دواء

                                                          أبو زيد : جويت نفسي جوى إذا لم توافقك البلاد . والجوة : مثل الحوة ، وهو لون كالسمرة وصدإ الحديد . والجواء : خياطة حياء الناقة . والجواء : البطن من الأرض . والجواء : الواسع من الأودية . والجواء : موضع بالصمان ; قال الراجز يصف مطرا وسيلا :


                                                          يمعس بالماء الجواء معسا     وغرق الصمان ماء قلسا

                                                          والجواء : الفرجة بين بيوت القوم . والجواء : موضع . والجواء والجواءة والجياء والجياءة والجياوة ، على القلب : ما توضع عليه القدر . وفي حديث علي - رضي الله عنه - : لأن أطلي بجواء قدر أحب إلي من أن أطلي بزعفران ; الجواء : وعاء القدر أو شيء توضع عليه من جلد أو خصفة ، وجمعها أجوية ، وقيل : هي الجئاء - مهموزة - وجمعها أجئئة ، ويقال لها الجياء ، بلا همز ، ويروى بجئاوة مثل جعاوة . وجياوة : بطن من باهلة .

                                                          وجاوى بالإبل : دعاها إلى الماء ، وهي بعيدة منه ; قال الشاعر :


                                                          جاوى بها فهاجها جوجاته

                                                          قال ابن سيده : وليست جاوى بها من لفظ الجوجاة ، إنما هي في معناها ; قال : وقد يكون جاوى بها من ( ج و و ) . وجو : اسم اليمامة ، كأنها سميت بذلك ; الأزهري : كانت اليمامة جوا ; قال الشاعر :


                                                          أخلق الدهر بجو طللا

                                                          قال الأزهري : الجو ما اتسع من الأرض واطمأن وبرز ، قال : وفي بلاد العرب أجوية كثيرة كل جو منها يعرف بما نسب إليه . فمنها جو غطريف ، وهو فيما بين الستارين وبين الجماجم ، ومنها جو الخزامى ، ومنها جو الأحساء ، ومنها جو اليمامة ; وقال طرفة :


                                                          خلا لك الجو فبيضي واصفري

                                                          قال أبو عبيد : الجو في بيت طرفة هذا هو ما اتسع من الأودية . والجو : اسم بلد ، وهو اليمامة يمامة زرقاء . ويقال : جو مكلئ ؛ أي : كثير الكلأ ، وهذا جو ممرع . قال الأزهري : دخلت مع أعرابي دحلا بالخلصاء ، فلما انتهينا إلى الماء قال : هذا جو من الماء لا يوقف على أقصاه . الليث : الجواء موضع ; قال : والفرجة التي بين محلة القوم وسط البيوت تسمى جواء . يقال : نزلنا في جواء بني فلان ; وقول أبي ذؤيب :


                                                          ثم انتهى بصري عنهم وقد بلغوا     بطن المخيم فقالوا الجو أو راحوا

                                                          قال ابن سيده : المخيم والجو موضعان ، فإذا كان ذلك فقد وضع الخاص موضع العام ، كقولنا ذهبت الشام ; قال ابن دريد : كان ذلك اسما لها في الجاهلية ; وقال الأعشى :


                                                          فاستنزلوا أهل جو من منازلهم     وهدموا شاخص البنيان فاتضعا

                                                          وجو البيت : داخله ، شامية . والجوة - بالضم - : الرقعة في السقاء ، وقد جواه وجويته تجوية إذا رقعته . والجوجاة : الصوت بالإبل ، أصلها جوجوة ; قال الشاعر :


                                                          جاوى بها فهاجها جوجاته

                                                          ابن الأعرابي : الجو الآخرة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية