الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ جوف ]

                                                          جوف : الجوف : المطمئن من الأرض . وجوف الإنسان : بطنه - معروف . ابن سيده : الجوف باطن البطن . والجوف ما انطبقت عليه الكتفان والعضدان والأضلاع والصقلان ، وجمعها : أجواف . وجافه جوفا : أصاب جوفه . وجاف الصيد : أدخل السهم في جوفه ولم يظهر من الجانب الآخر . والجائفة : الطعنة التي تبلغ الجوف . وطعنة جائفة : تخالط الجوف ، وقيل : هي التي تنفذه . وجافه بها وأجافه بها : أصاب جوفه . الجوهري : أجفته الطعنة وجفته بها ; حكاه عن الكسائي في باب أفعلت الشيء وفعلت به . ويقال : طعنته فجفته . وجافه الدواء فهو مجوف إذا دخل جوفه . ووعاء مستجاف : واسع . واستجاف الشيء واستجوف : اتسع ; قال أبو داود :


                                                          فهي شوهاء كالجوالق فوها مستجاف يضل فيه الشكيم

                                                          واستجفت المكان : وجدته أجوف . والجوف - بالتحريك - : مصدر قولك شيء أجوف . وفي حديث خلق آدم - عليه السلام - : فلما رآه أجوف عرف أنه خلق لا يتمالك ; الأجوف : الذي له جوف ، ولا يتمالك ؛ أي : لا يتماسك . وفي حديث عمران : كان عمر أجوف جليدا ؛ أي : كبير الجوف عظيمه . وفي حديث خبيب : فجافتني ; هو من الأول ؛ أي : وصلت إلى جوفي . وفي حديث مسروق في البعير المتردي في البئر : جوفوه ؛ أي : اطعنوه في جوفه . وفي الحديث : في الجائفة ثلث الدية ; هي الطعنة التي تنفذ إلى الجوف . يقال : جفته إذا أصبت جوفه وأجفته الطعنة وجفته بها . قال ابن الأثير : والمراد بالجوف ههنا كل ما له قوة محيلة كالبطن والدماغ . وفي حديث حذيفة : ما منا أحد لو فتش إلا فتش عن جائفة أو منقلة ; المنقلة من الجراح : ما ينقل العظم عن موضعه ; أراد ليس أحد إلا وفيه عيب عظيم ، فاستعار الجائفة والمنقلة لذلك . والأجوفان : البطن والفرج لاتساع أجوافهما . أبو عبيد في قوله في الحديث : لا تنسوا الجوف وما وعى ؛ أي : ما يدخل فيه من الطعام والشراب ، وقيل فيه قولان : قيل أراد بالجوف البطن والفرج معا كما قال : إن أخوف ما أخاف عليكم الأجوفان ، وقيل : أراد بالجوف القلب وما وعى وحفظ من معرفة الله تعالى . وفرس أجوف ومجوف ومجوف : أبيض الجوف إلى منتهى الجنبين وسائر لونه ما كان . ورجل أجوف : واسع الجوف ; قال :

                                                          [ ص: 242 ]

                                                          حار بن كعب ألا الأحلام تزجركم     عنا وأنتم من الجوف الجماخير

                                                          وقول صخر الغي :


                                                          أسال من الليل أشجانه     كأن ظواهره كن جوفا

                                                          يعني أن الماء صادف أرضا خوارة فاستوعبته فكأنها جوفاء غير مصمتة . ورجل مجوف ومجوف : جبان لا قلب له كأنه خالي الجوف من الفؤاد ; ومنه قول حسان :


                                                          ألا أبلغ أبا سفيان عني     فأنت مجوف نخب هواء

                                                          ؛ أي : خالي الجوف من القلب . قال أبو عبيدة : المجوف الرجل الضخم الجوف ; قال الأعشى يصف ناقته :


                                                          هي الصاحب الأدنى وبيني وبينها     مجوف علافي وقطع ونمرق

                                                          يعني هي الصاحب الذي يصحبني . وأجفت الباب : رددته ; وأنشد ابن بري :


                                                          فجئنا من الباب المجاف تواترا     وإن تقعدا بالخلف فالخلف واسع

                                                          وفي حديث الحج : أنه دخل البيت وأجاف الباب ؛ أي : رده عليه . وفي الحديث : أجيفوا أبوابكم ؛ أي : ردوها . وجوف كل شيء : داخله . قال سيبويه : الجوف من الألفاظ التي لا تستعمل ظرفا إلا بالحروف ; لأنه صار مختصا كاليد والرجل . والجوف من الأرض : ما اتسع واطمأن فصار كالجوف ; وقال ذو الرمة :


                                                          مولعة خنساء ليست بنعجة     يدمن أجواف المياه وقيرها

                                                          وقول الشاعر :


                                                          يجتاب أصلا قالصا متنبذا     بعجوب أنقاء يميل هيامها

                                                          من رواه يجتاف - بالفاء - فمعناه يدخل يصف مطرا . والقالص : المرتفع . والمتنبذ : المتنحي ناحية . والجوف من الأرض أوسع من الشعب تسيل فيه التلاع والأودية وله جرفة ، وربما كان أوسع من الوادي وأقعر ، وربما كان سهلا يمسك الماء ، وربما كان قاعا مستديرا فأمسك الماء . ابن الأعرابي : الجوف الوادي . يقال : جوف لاخ إذا كان عميقا ، وجوف جلواح : واسع ، وجوف زقب : ضيق . أبو عمرو : إذا ارتفع بلق الفرس إلى جنبيه فهو مجوف بلقا ; وأنشد :


                                                          ومجوف بلقا ملكت عنانه     يعدو على خمس قوائمه زكا

                                                          أراد أنه يعدو على خمس من الوحش فيصيدها ، وقوائمه زكا ؛ أي : ليست خسا ولكنها أزواج ، ملكت عنانه ؛ أي : اشتريته ولم أستعره . أبو عبيدة : أجوف أبيض البطن إلى منتهى الجنبين ولون سائره ما كان ، وهو المجوف بالبلق ومجوف بلقا . الجوهري : المجوف من الدواب الذي يصعد البلق حتى يبلغ البطن ; عن الأصمعي ; وأنشد لطفيل :


                                                          شميط الذنابى جوفت وهي جونة     بنقبة ديباج وريط مقطع

                                                          واجتافه وتجوفه بمعنى ؛ أي : دخل في جوفه . وشيء جوفي ؛ أي : واسع الجوف . ودلاء جوف ؛ أي : واسعة . وشجرة جوفاء ؛ أي : ذات جوف . وشيء مجوف ؛ أي : أجوف وفيه تجويف . وتلعة جائفة : قعيرة . وتلاع جوائف ، وجوائف النفس : ما تقعر من الجوف ومقار الروح ; قال الفرزدق :


                                                          ألم يكفني مروان لما أتيته     زيادا ورد النفس بين الجوائف ؟

                                                          وتجوفت الخوصة العرفج : وذلك قبل أن تخرج وهي في جوفه . والجوف : خلاء الجوف كالقصبة الجوفاء . والجوفان : جمع : الأجوف . واجتاف الثور الكناس وتجوفه ، كلاهما : دخل في جوفه ; قال العجاج يصف الثور والكناس :


                                                          فهو إذا ما اجتافه جوفي     كالخص إذ جلله الباري

                                                          وقال ذو الرمة :


                                                          تجوف كل أرطاة ربوض     من الدهنا تفرعت الحبالا

                                                          والجوف : موضع باليمن . والجوف : اليمامة ، وب اليمن واد يقال له الجوف ; ومنه قوله :


                                                          الجوف خير لك من أغواط     ومن ألاءات ومن أراط

                                                          وجوف حمار وجوف الحمار : واد منسوب إلى حمار بن مويلع رجل من بقايا عاد ، فأشرك بالله فأرسل الله عليه صاعقة أحرقته والجوف ، فصار ملعبا للجن لا يتجرأ على سلوكه ; وبه فسر بعضهم قوله :


                                                          وخرق كجوف العير قفر مضلة

                                                          أراد كجوف الحمار فلم يستقم له الوزن فوضع العير موضعه ; لأنه في معناه ; وفي التهذيب ; قال امرؤ القيس :


                                                          وواد كجوف العير قفر قطعته

                                                          قال : أراد بجوف العير ، واديا بعينه أضيف إلى العير وعرف بذلك .

                                                          الجوهري : وقولهم أخلى من جوف حمار ، هو اسم واد في أرض عاد فيه ماء وشجر ، حماها رجل يقال له حمار ، وكان له بنون فأصابتهم صاعقة فماتوا ، فكفر كفرا عظيما ، وقتل كل من مر به من الناس ، فأقبلت نار من أسفل الجوف فأحرقته ومن فيه ، وغاض ماؤه فضربت العرب به المثل ، فقالوا : أكفر من حمار ، وواد كجوف الحمار ، وكجوف العير ، وأخرب من جوف حمار . وفي الحديث : فتوقلت بنا القلاص من أعالي الجوف ; الجوف أرض لمراد ، وقيل : هو بطن الوادي . وقوله في الحديث قيل له : أي الليل أسمع ؟ قال : جوف الليل الآخر ؛ أي : ثلثه الآخر ، وهو الجزء الخامس من أسداس الليل ، وأهل اليمن والغور يسمون فساطيط العمال الأجواف . والجوفان : [ ص: 243 ] ذكر الرجل ; قال :


                                                          لأحناء العضاه أقل عارا     من الجوفان يلفحه السعير

                                                          وقال المؤرج : أير الحمار يقال له الجوفان ، وكانت بنو فزارة تعير بأكل الجوفان ، فقال سالم بن دارة يهجو بني فزارة :


                                                          لا تأمنن فزاريا خلوت به     على قلوصك واكتبها بأسيار
                                                          لا تأمننه ولا تأمن بوائقه     بعد الذي امتل أير العير في النار

                                                          منها :


                                                          أطعمتم الضيف جوفانا مخاتلة     فلا سقاكم إلهي الخالق الباري

                                                          والجائف : عرق يجري على العضد إلى نغض الكتف وهو الفليق .

                                                          والجوفي والجواف - بالضم - : ضرب من السمك ، واحدته جوافة ; وأنشد أبو الغوث :


                                                          إذا تعشوا بصلا وخلا     وكنعدا وجوفيا قد صلا
                                                          باتوا يسلون الفساء سلا     سل النبيط القصب المبتلا

                                                          قال الجوهري : خففه للضرورة . وفي حديث مالك بن دينار : أكلت رغيفا ورأس جوافة فعلى الدنيا العفاء ; الجوافة - بالضم والتخفيف - : ضرب من السمك ، وليس من جيده . والجوفاء : موضع أو ماء ; قال جرير :


                                                          وقد كان في بقعاء ري لشائكم     وتلعة والجوفاء يجري غديرها

                                                          وقوله في صفة نهر الجنة : حافتاه الياقوت المجيب ; قال ابن الأثير : الذي جاء في كتاب البخاري اللؤلؤ المجوف ، قال : وهو معروف ، قال : والذي جاء في سنن أبي داود " المجيب أو المجوف " بالشك ، قال : والذي جاء في معالم السنن " المجيب أو المجوب " ، بالباء فيهما ، على الشك ، قال : ومعناه الأجوف .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية