الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : قال عمر وابن عباس : الذكاة في الحلق واللبة ، وزاد عمر : ولا تعجلوا الأنفس أن تزهق ، ونهى عن النخع .

                                                                                                                                            قال الماوردي : أما قوله : الذكاة في الحلق واللبة ، فقد رواه الشافعي عن عمر وابن عباس ورواه غيره عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : وليس يمتنع أن يكون مسنونا عن الرسول ، ومأثورا عن الصحابة ، وقد مضى حكم الذكاة في الحلق واللبة ، وأما ما رواه الشافعي عن عمر أنه قال : لا تعجلوا الأنفس أن تزهق .

                                                                                                                                            فالزهق : الإسراع ، والمراد به إسراع خروج النفس ، ومنه قوله تعالى : وتزهق أنفسهم [ التوبة : 55 ] وفي المراد بنهي عمر عنه ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                            أحدها : أن يقطع أعضاء الذبيحة قبل خروج نفسها ليتعجل أكلها كالذي كانت تفعله الجاهلية .

                                                                                                                                            والثاني : أن يعجل سلخها قبل خروج نفسها ليتعجل أكلها .

                                                                                                                                            والثالث : أن يمسكها بعد الذبح حتى لا تضطرب ليتعجل خروج روحها كاليهود ، وهذه الثلاثة لا تمنع من الإباحة لوجودها بعد الذكاة ، وأغلظها في الكراهة قطعها ثم سلخها ثم إمساكها ، وإن لم يحرم الأكل بواحد منها ، وأما نهي عمر - رضي الله عنه - عن النخع ، فقد روي عنه أنه قال : لا تنخعوا ولا تفرسوا فأما النخع ففيه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه كسر العنق في قول الشافعي .

                                                                                                                                            والثاني : كسر عظم الرأس في قول أبي هريرة .

                                                                                                                                            [ ص: 91 ] والثالث : أن يبالغ في القطع حتى يصل إلى قطع النخاع ، وهو عرق في الصلب يمتد إلى القفا ، وهذا قول أبي عبيدة .

                                                                                                                                            وأما الفرس ففيه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه كسر العظم .

                                                                                                                                            والثاني : أنه قطع الرأس مأخوذ من افتراس السبع ، وليس في النخع ولا الفرس على كلا الوجهين مانع من الإباحة ، وإن كانا مكروهين لحدوثهما بعد كمال الذكاة ، وإن كانت الروح باقية وأشدهما كراهة أشدهما تعذيبا وألما .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية