فصل : فإذا صح جواز ، فهو بغير عوض من العقود الجائزة ، دون اللازمة ، وإن كان معقودا على عوض ، ففي لزومه قولان : السبق بعوض وغير عوض
أحدهما : أنه من العقود اللازمة كالإجارة ليس لواحد منهما فسخه بعد تمامه إلا عن تراض منهما بقسمة ، ولا يدخله خيار الثلاث ، وفي دخول خيار المجلس فيه وجهان .
كالإجارة ، فإن شرعا في السبق والرمي يسقط خيار المجلس فيه : لأن الشروع في العمل رضى بالإمضاء .
والقول الثاني : أنه من العقود الجائزة دون اللازمة ، كالجعالة ، وبه قال أبو حنيفة : ويكون كل واحد من المسابقين قبل الشروع من السبق ، وبعد الشروع فيه ما لم يستقر السبق ، وينبرم بالخيار .
[ ص: 184 ] فإن شرط فيه اللزوم بطل ، فإن قيل بلزومه على القول الأول ، فدليله شيئان : أحدهما : أنه عقد ، ومن شرط صحته أن يكون معلوم العوض والمعوض ، فوجب أن يكون لازما كالإجارة طردا والجعالة عكسا .
والثاني : أن ما أفضى إلى إبطال المعقود بالعقد كان ممنوعا منه في العقد ، وبقاء خياره فيه مفض إلى إبطاله المقصود به : لأنه إذا توجه السبق على أحدهما فسخ لم يتوصل إلى سبق ، ولم يستحق فيه عوض ، والعقد موضوع لاستقراره واستحقاقه ، فنافاه الخيار وضاهاه اللزوم .
فإن قيل : بجوازه على القول الثاني ، فدليله شيئان :
أحدهما : أن ما صح من عقود المعاوضات إذا قابل غير موثوق بالقدرة عليه عند استحقاقه كان من العقود الجائزة دون اللازمة كالجعالة طردا : لأنه لا يثق بالغلبة في السبق والرمي كما لا يثق بوجود الضالة في الجعالة ، وعكسه الإجارة متى لم يثق بصحة العمل منه لم يصح العقد .
والثاني : أن ما كان إطلاق العوض فيه موجبا لتعجيل استحقاقه كان جائزا كالجعالة ، وإطلاق العوض في السبق والرمي لا يوجب التعجيل ، فوجب أن يكون جائزا ولا يكون لازما ، والله أعلم .