مسألة : قال الشافعي : ( فأما ليس بعارض غلب عليه ، فلا يرد إليه ) . إن جاز السهم أو أجاز من وراء الناس ، فهذا سوء رمي
قال الماوردي : يقال : جاز السهم إذا مر في إحدى جانبي الهدف ، ويسمى : خاصر وجمعه خواصر : لأنه في أحد الجانبين مأخوذ من الخاصرة ؛ لأنها في جانبي الإنسان ، ويقال : أجاز السهم إذا سقط وراء الهدف .
فإذا أجاز السهم ، ووقع في جانب الهدف ، أو أجاز ووقع وراء الهدف كان محسوبا منه خطؤه : لأنه منسوب إلى سوء رميه ، وليس بمنسوب إلى عارض في بدنه أو اليد .
وقال أبو علي بن أبي هريرة : الجائز أن يقع في الهدف عن أحد جانبي الشن ، فعلى هذا إن كانت الإصابة مشروطة في الشن كان الجائز مخطئا ، وإن كانت مشروطة في الهدف كان الجائز مصيبا ، ويجوز أن يشترطا أن تكون إصابة سهامهما جائزة ، فيحتسب بالجائز ولا يحتسب بغير الجائز .
ويقال : " سهم " طامح ، وفيه تأويلان :
أحدهما : أن الطامح هو الذي قارب الإصابة ، ولم يصب ، ويكون مخطئا .
والتأويل الثاني : ذكره ابن أبي هريرة أنه الواقع بين الشن ورأس الهدف ، فيكون مخطئا إن شرط الإصابة في الشن ، ومصيبا إن شرط في الهدف ، ويجوز أن يشترط في الإصابة فلا يحتسب له مصيبا إلا بسهم طامح كالجائز .
ويقال : سهم " عاصد " ، وهو الواقع في أحد الجانبين ، فيكون كالجائز في تأويل ابن أبي هريرة .
ويقال : سهم ( طائش ) وهو الذي يجاوز الهدف كالجائز إلا أن الجائز ما عرف مكان وقوعه ، والطائش ما لم يعرف مكان وقوعه ، والطائش محسوب عليه في الخطأ كالجائز .
[ ص: 213 ] ويقال : سهم ( غائر ) وهو المصيب الذي لا يعرف راميه ، فلا يحتسب به لواحد من الراميين للجهل به .
ويقال : سهم ( خاطف ) وهو المرتفع في الهواء ثم يخطف نازلا ، فإن أخطأ به كان محسوبا عليه ؛ لأنه من سوء رميه ، وإن أصاب به ، ففي الاحتساب به وجهان :
أحدهما : يحتسب به من إصابته لحصوله برميه .
والوجه الثاني : لا يحتسب به من الإصابة : لأن تأثير الرمي في إيقاع السهم ، فأما سقوطه ، فلثقله ، فصار مصيبا بغير فعله ، فعلى هذا هل يحتسب من خطئه أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : يحتسب به من خطئه : لأنه إذا لم يكن مصيبا كان مخطئا .
والوجه الثاني : لا يحتسب به من الخطأ ؛ لأنه ما أخطأ ، وأسوأ أحواله إن لم يكن مصيبا أن لا يكون مخطئا .
والصحيح عندي من ذلك : أن ينظر نزول السهم خطأ بعد ارتفاعه ، فإن انحط فاترا لحدة لا يقطع مسافة احتسب عليه خاطئا ، وإن نزل في بقية حدته جاريا في قطع مسافته احتسب له صائبا ؛ لأن الرمي بالفتور منقطع وبالحدة مندفع .