فصل : والحال الثانية من الأصل : أن يكون لعقده على مائة رشق ، فهذا على ثلاثة أقسام : النضال معقودا على أرشاق كثيرة لا يمكن رمي جميعها في يوم واحد
أحدها : أن يشترطا فيه ما يمكن ، وهو أن يجعلا في كل يوم رمي أرشاق معلومة يتسع اليوم لرميها من غير إرهاق ، فهذا جائز ، ويختص كل يوم برمي ما سمي فيه ، ولا يلزم الزيادة عليه ، ولا النقصان منه ، وليس هذا بتأجيل يخرج على الوجهين ، وإنما هو تقدير الرمي في زمانه ، فصح وجها واحدا .
والقسم الثاني : أن يشترطا ما يمتنع ، وهو رمي جميع الأرشاق في يوم واحد ، وهو يضيق عن جميعها فهذا باطل ، لامتناعه ، ويكون العقد به باطلا .
والقسم الثالث : أن يكون العقد مطلقا لا يشترطا فيه تقدير الرمي ، فيلزم فيه أن يرميا في كل يوم ما اتسع له بحسب طول النهار وقصره ، ولا يلزم الرمي في الليل [ ص: 240 ] لخروجه عن معهود العمل إلى الاستراحة ، ولا يلزم الارتفاق في رمي النهار ويكون ابتداؤه بعد طلوع الشمس وانتهاؤه قبل غروبها ، ويمسكان عنه في أوقات الأكل والشرب والطهارة والصلاة وأوقات الاستراحة المعهودة .
وعادة الرماة تختلف في مواصلة الرمي : لأن فيهم من تكثر إصابته إذا واصل لقوة بدنه ، وشدة ساعده ، ومنهم من تقل إصابته إذا واصل لضعف بدنه ، وشدة ساعده ، فإذا عدل بهما عن المواصلة والفتور إلى حال معتدلة اعتدل رميهما وتكافأ ، فإن عرض ما يمنع من الرمي إما في الزمان من مطر أو ريح ، أو في أبدانهما من مرض أو علة أخر الرمي فيه إلى زواله .