الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : ولو شرطوا أن يكون فلان مقدما وفلان معه وفلان ثان كان السبق مفسوخا ولكل حزب أن يقدموا من شاءوا ويقدم الآخرون كذلك .

                                                                                                                                            [ ص: 249 ] قال الماوردي : نبدأ قبل ذكر المسألة بحكم نضال الحزبين ، فإذا كان كل واحد من الحزبين ثلاثة ، واستقرت البداية بالرمي لأحد الحزبين إما بشرط أو قرعة ، فلهما في العقد ثلاثة أحوال :

                                                                                                                                            أحدها : أن يشترطا فيه إذا رمى واحد من هذا الحزب رمى واحد من الحزب الآخر ، ثم إذا رمى الثاني من الحزب الأول رمى ثان من الحزب الآخر .

                                                                                                                                            وإذا رمى ثالث من الحزب الأول رمى الثالث من الحزب الآخر ، فهذا صحيح ، وهو الأولى لأنه أقرب إلى التكافؤ .

                                                                                                                                            والحالة الثانية : أن يشترطا فيه أن يتقدم رماة الحزب الأول ، فيرموا جميعا ثم يتلوهم رماة الحزب الآخر ، فيرموا جميعا ، فهذا لا يجوز ، وإن تفاضلوا فيه لأجل الشرط .

                                                                                                                                            والحالة الثالثة : أن يطلقوا من غير شرط ، فالواجب إذا رمى واحد من الحزب الأول أن يرمي بعده واحد من الحزب الآخر ، وإذا رمى ثان من الحزب الأول رمى بعده ثان من الحزب الآخر ، ليتقابل رماة الحزبين ، ولا يتقدم الجميع على الجميع ؛ لأن مطلق العقد يوجب التساوي ، وإن استقر فيه التقدم ؛ لأن التقدم ضرورة ، وليس الاجتماع ضرورة ، وكذلك إذا أغفل ذكر التقدم أقرع بينهم ، وإذا أغفل ذكر الترتيب في واحد بعد واحد لم يقرع بينهم ، ثم لزعيم كل حزب أن يقدم من شاء من أول وثان وثالث ، فإن أطاعه أصحابه على ترتيبه حملوا عليه ، وله أن يعيد ترتيبهم في الرشق الأول أن يرتبهم في الرشق الثاني مثل ترتيبهم في الأول ، وعلى خلاف الأول يحتسب ما يراه ، وإن خالفوا زعيمهم في الترتيب والتقديم نظر ، فإن كان مخرج المال هو الزعيم كان القول في التقديم والترتيب قوله دونهم ، وإن كانوا هم المخرجين للمال كانوا بترتيبهم في التقدم أحق منه ، فإن اتفقوا عليه حملوا على اتفاقهم ، وإن تنازعوا فيه أقرع بينهم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية