مسألة : قال الشافعي : " أدوا مدا مما يقتات أقرب البلدان إليهم " . وإذا لم يكن لأهل بلاد قوت من طعام سوى اللحم
قال الماوردي : إذا اقتات قوم ما لا يزكى من الأقوات ، مثل أن يقتاتوا اللحم كالترك ، أو اللبن كالأعراب ، أو السمك كسكان البحار ، فإن قيل : إن إخراج الأقط لا يجزئ لم يجز إخراج غيره من اللحم أو اللبن أو السمك ، وإن قيل : إنه يجزئ ففيها وجهان :
أحدهما : يجزئ ؛ لأنها أقوات كالأقط .
والثاني : أنها لا تجزئ بخلاف الأقط ، للفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : وجود الأثر في الأقط ، وعدمه في سواه .
والثاني : أن الأقط يبقى ويدخر ، وليس يبقى ما سواه ويدخر ولا يكال ، وهذا قول أبي علي بن أبي هريرة ، وإذا لم يجزهم إخراج ذلك عدلوا في كفاراتهم وزكاة فطرهم إلى أقوات غيرهم من أهل البلاد ، وفيها قولان :
أحدهما : يكونون مخيرين بين جميعها .
والقول الثاني : يعدلون إلى الأغلب من قوت أقرب البلاد بهم فيخرجونه ، فإن [ ص: 303 ] عدلوا عنه إلى ما هو أدنى لم يجزهم ، وإن عدلوا عنه إلى ما هو أعلى كان على ما ذكرنا من الوجهين ، والله أعلم .