الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " وإذا لم يكن لأهل بلاد قوت من طعام سوى اللحم أدوا مدا مما يقتات أقرب البلدان إليهم " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : إذا اقتات قوم ما لا يزكى من الأقوات ، مثل أن يقتاتوا اللحم كالترك ، أو اللبن كالأعراب ، أو السمك كسكان البحار ، فإن قيل : إن إخراج الأقط لا يجزئ لم يجز إخراج غيره من اللحم أو اللبن أو السمك ، وإن قيل : إنه يجزئ ففيها وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يجزئ ؛ لأنها أقوات كالأقط .

                                                                                                                                            والثاني : أنها لا تجزئ بخلاف الأقط ، للفرق بينهما من وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : وجود الأثر في الأقط ، وعدمه في سواه .

                                                                                                                                            والثاني : أن الأقط يبقى ويدخر ، وليس يبقى ما سواه ويدخر ولا يكال ، وهذا قول أبي علي بن أبي هريرة ، وإذا لم يجزهم إخراج ذلك عدلوا في كفاراتهم وزكاة فطرهم إلى أقوات غيرهم من أهل البلاد ، وفيها قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : يكونون مخيرين بين جميعها .

                                                                                                                                            والقول الثاني : يعدلون إلى الأغلب من قوت أقرب البلاد بهم فيخرجونه ، فإن [ ص: 303 ] عدلوا عنه إلى ما هو أدنى لم يجزهم ، وإن عدلوا عنه إلى ما هو أعلى كان على ما ذكرنا من الوجهين ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية