الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإذا حلف لا يشم البنفسج ، فشم دهن البنفسج ، أو لا يشم الورد ، فشم دهن الورد أو شم ماء الورد لم يحنث .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : يحنث بدهن البنفسج ، ولا يحنث بدهن الورد وماء الورد ، فرق بينهما بعرف أهل الكوفة ، أنهم يسمون دهن البنفسج بنفسجا ، ولا يسمون دهن الورد وردا ، وهذا فاسد من وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنها تسمية مجاز ، فكان اعتبارها بالحقيقة أولى .

                                                                                                                                            والثاني : أن اسم الورد والبنفسج منطلق على جسم ورائحة ، فلم يجز أن يتعلق [ ص: 424 ] حكمها بالرائحة وهي فرع مع عدم الجسم وهو أصل .

                                                                                                                                            فعلى هذا لو شم البنفسج بعد انتقال رائحته إلى الدهن حنث به عندنا ، ولم يحنث به عند أبي حنيفة ، وما قلناه أولى ، لأنه لا يعدم بقايا رائحته من بقايا شمه .

                                                                                                                                            ولو شم عصارة الورد بعد استخراج مائه لم يحنث به ، لأن اسم الورد قد زال عنه ، وماؤه قد خرج منه ، فخالف بهذين حال البنفسج بعد التربية ، وكان ورق الورد بعد التربية كالبنفسج بعد التربية في وقوع الحنث بهما ، ما كانت رطوبتهما باقية ، فإن يبسا كان في الحنث بهما بعد يبسهما وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : لا يحنث ، كمن حلف لا يأكل رطبا ، فأكل تمرا .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : يحنث لبقاء اسمه وجسمه . وخالف أكل التمر عن الرطب لزوال اسم الرطب عنه ، وبقاء اسم الورد والبنفسج على ما يبس منه . ولتعليل هذين الوجهين :

                                                                                                                                            كان من حنث من حلف لا يأكل هذا الرطب ، فأكله تمرا على وجهين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية