فصل : فإذا تقرر أن الحالف بأحدهما لا يحنث بالآخر وجب أن يميز اللحم الذي يحنث به الحالف عليه من الشحم الذي لا يحنث به الحالف عليه .
وأما اللحم فهو جميع ما اختص بكونه في بدن الحيوان مركب على عظمه ، وتغطى بجلده ، فهو لحم يحنث به الحالف لا يأكل لحما ، سواء كان من مقدم البدن أو من مؤخره أو جنبه أو ظهره . والبياض الذي على الجنب والظهر والزور لم يحنث به إذا حلف لا يأكل لحما ، ولا يحنث به إذا حلف لا يأكل شحما ، وبه قال أبو حنيفة .
وقال أبو يوسف ومحمد : هو شحم يحنث به إذا حلف لا يأكل شحما ، ولا يحنث به الحالف إذا حلف لا يأكل لحما ، وقال به شاذ من أصحابنا استدلالا بقول الله تعالى : ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما [ الأنعام : 146 ] ، فدل على دخوله في الاسم ، واستثنائه في الحكم ، ولأنه بصفة الشحم أشبه منه بصفة اللحم .
والدليل على أنه من اللحم أن الله تعالى استثناه من حكم الشحم ، فدل على [ ص: 426 ] دخوله في حكم اللحم ، ولأنه لا يفرد عن اللحم ، وإن أفرد عنه الشحم ، فدل على أنه لحم ، وليس شحم ، لأنه في صلابة اللحم وكثافته وما بين لحمه وجلده ، وإذا وصف قيل : لحم سمين ، فكان باللحم أخص به من الشحم .