الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا تقرر أن الحالف بأحدهما لا يحنث بالآخر وجب أن يميز اللحم الذي يحنث به الحالف عليه من الشحم الذي لا يحنث به الحالف عليه .

                                                                                                                                            وأما اللحم فهو جميع ما اختص بكونه في بدن الحيوان مركب على عظمه ، وتغطى بجلده ، فهو لحم يحنث به الحالف لا يأكل لحما ، سواء كان من مقدم البدن أو من مؤخره أو جنبه أو ظهره . والبياض الذي على الجنب والظهر والزور لم يحنث به إذا حلف لا يأكل لحما ، ولا يحنث به إذا حلف لا يأكل شحما ، وبه قال أبو حنيفة .

                                                                                                                                            وقال أبو يوسف ومحمد : هو شحم يحنث به إذا حلف لا يأكل شحما ، ولا يحنث به الحالف إذا حلف لا يأكل لحما ، وقال به شاذ من أصحابنا استدلالا بقول الله تعالى : ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما [ الأنعام : 146 ] ، فدل على دخوله في الاسم ، واستثنائه في الحكم ، ولأنه بصفة الشحم أشبه منه بصفة اللحم .

                                                                                                                                            والدليل على أنه من اللحم أن الله تعالى استثناه من حكم الشحم ، فدل على [ ص: 426 ] دخوله في حكم اللحم ، ولأنه لا يفرد عن اللحم ، وإن أفرد عنه الشحم ، فدل على أنه لحم ، وليس شحم ، لأنه في صلابة اللحم وكثافته وما بين لحمه وجلده ، وإذا وصف قيل : لحم سمين ، فكان باللحم أخص به من الشحم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية