الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : ولو وجب عليه صوم شهرين متتابعين صامهما ، وقضى كل أثانين فيهما ولا يشبه شهر رمضان لأن هذا شيء أدخله على نفسه بعدما وجب عليه صوم الأثانين وشهر رمضان أوجبه الله عليه لا بشيء أدخله على نفسه " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : إذا اجتمع عليه صوم الأثانين عن نذر ، وصوم شهرين متتابعين عن كفارة ، صام أثانين الشهرين المتتابعين عن كفارته ، دون نذره ، لأن قضاء أثانين نذره ممكن وقضاء تتابع صيامه بغير الأثانين غير ممكن ، وما أمكن معه أداء الحقين كان أولى من إسقاط أحدهما بالآخر ، فإذا فعل هذا ، وصام أثانين الشهرين عن كفارته ، حتى تتابع شهرا صيامه أجزأته عن الكفارة ، وإن كان صيام أثانينه مستحقا عن غيرها ، لما قدمنا من التعليل .

                                                                                                                                            فأما قضاء أثانينه عن النذر فمعتبر بأسبقهما وجوبا ، فإن تقدم وجوب النذر على وجوب الكفارة وجب عليه أن يقضي أثانين الشهرين عن نذره ، لأنه أدخله على نفسه بإيجاب الكفارة ما منعه من صيام النذر قضاء كالفطر بعذر ، أو غير عذر ، فإن تقدم وجوب الكفارة على وجوب النذر ففي قضاء أثانين الكفارة وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : لا يلزمه قضاؤها ، لتقدم استحقاقها عنه كأثانين رمضان .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : يلزمه قضاؤها بخلاف أثانين رمضان ، لأنه أدخل وجوب الكفارة على نفسه ، وقد التزم بالنذر أثانينها فقضاها ، لأن الشرع لم يستثنها ، وصيام رمضان [ ص: 500 ] أوجبه الله تعالى عليه ، فلم يقض أثانينه ، لأن الشرع قد استثناها ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية