فصل : وإذا فهو على ثلاثة أقسام : نذر صلاة ركعتين في موضع بعينه
أحدها : ما لا يتعين عليه فعل الصلاة ، ويكون مخيرا بين الصلاة فيه ، وفي غيره ، وهو إذا نذر أن يصلي في مسجد البصرة ، جاز أن يصلي في مسجد الكوفة .
ولو نذر أن يصلي في مسجد الكوفة ، جاز أن يصلي في مسجد البصرة ، لأن الصلاة في كل واحد منهما كالصلاة في الآخر وهذا متفق عليه .
والقسم الثاني : ما يجب عليه أن يصلي بنذره فيه ، ولا يجزئه في غيره ، وهو المسجد الحرام المختص بوجوب الفضل في الشرع .
وقال أبو حنيفة : لا تلزمه الصلاة فيه ، ويجوز أن يصليها في غيره كما لو نذر أن يصلي في جامع البصرة أو الكوفة ، لأنه ليس يلزم في الشرع الصلاة في موضع بعينه فلم يلزم في النذر .
ودليلنا قول الله تعالى : وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم [ النحل : 91 ] . فكان إذا على عمومه .
وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : من نذر نذرا يطيقه فليف به ، ومن نذر نذرا سماه فعليه الوفاء به وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجدي وصلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه فجعل الصلاة في صلاة في المسجد الحرام كمائة ألف صلاة في غيره ، فصار الناذر للصلاة فيه ، كالناذر لمائة ألف صلاة ، فلم يجزه عنها صلاة واحدة ، وبهذا المعنى فارق نذر الصلاة في غيره ، لأنه لا فضل لغيره من المواضع على غيره .
والقسم الثالث : ما اختلف قوله في وجوب الصلاة فيه ، وهو إذا نذر أن يصلي في المسجد الأقصى أو في مسجد المدينة ، ففي وجوب الصلاة فيه قولان ، بناء على اختلاف قولي الشافعي في وجوب النذر بالمشي إليهما :
[ ص: 503 ] أحدهما : أنه واجب كالحرم ، فعلى هذا يلزمه الصلاة فيهما كما تلزمه الصلاة في الحرم .
والقول الثاني : لا يجب ، كما لا يجب نذر المشي إلى غيرهما من بلاد الحل ، فعلى هذا لا يلزمه الصلاة فيهما ويجوز أن يصلي في غيرهما من البلاد .