الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وشرطها ) أي الأضحية لتجزئ حيث لم يلتزمها ناقصة ( سلامة من عيب ينقص لحما ) يعني مأكولا إذ مقطوعة الألية لا تجزئ مع أنها ليست بلحم ، على أنه قد يطلق عليه في بعض الأبواب كما في قولهم يحرم بيع اللحم بالحيوان ، وسواء كان النقص في الحال كقطع فلقة من نحو فخذ أو المآل كعرج بين لأنه ينقص رعيها فتهزل ، ويعتبر سلامتها وقت الذبح حيث لم يتقدمها إيجاب وإلا فوقت خروجها عن ملكه .

                                                                                                                            وقضية كلامه عدم إجزاء التضحية بالحامل لأن الحمل يهزلها وهو المعتمد ، فقد حكاه في المجموع في آخر زكاة الغنم عن الأصحاب ، وما وقع في الكفاية من أن المشهور إجزاؤها لأن ما حصل من نقص اللحم ينجبر بالجنين غير معول عليه ، فقد لا يكون فيه جبر أصلا كالعلقة وأيضا فزيادة اللحم لا تجبر عيبا كعرجاء أو جرباء سمينة ، وإنما عدوا الحامل كاملة في الزكاة لأن القصد فيها النسل دون طيب اللحم ، وما جمع به بعضهم من حمل الإجزاء على ما إذا لم يحصل بالحمل نقص فاحش ، ومقابله على خلافه مردود بما تقرر من أن الحمل نفسه عيب وأن العيب لا يجبر وإن قل .

                                                                                                                            نعم يتجه إجزاء قريبة العهد بالولادة لزوال المحذور بها ، أما لو التزمها ناقصة كأن نذر الأضحية بمعيبة أو صغيرة أو قال جعلتها أضحية فإنه يلزمه

                                                                                                                            [ ص: 135 ] ذبحها ، ولا تجزئ ضحية وإن اختص ذبحها بوقت الأضحية وجرت مجراها في الصرف ، وعلم مما قررنا أنه لو نذر التضحية بهذا وهو سليم ثم حدث به عيب ضحى به وثبتت له أحكام التضحية ، وينقص بفتح أوله وضم ثالثه بضبط المصنف إذ هي لغة القرآن ( فلا تجزئ عجفاء ) وهي التي ذهب مخها من الهزال ، وقد يكون خلقة أو لهرم أو مرض للخبر الصحيح { أربع لا تجزئ في الأضاحي : العوراء البين عورها ، والمريضة البين مرضها ، والعرجاء البين عرجها ، والكسيرة } وفي رواية { والعجفاء التي لا تنقي } من النقي بكسر النون وسكون القاف وهو المخ ( ومجنونة ) لأنه ورد النهي عن التولاء وهي المجنونة التي تستدبر المرعى ولا ترعى إلا القليل وذلك يورث الهزال ( ومقطوعة بعض أذن ) أبين وإن قل لذهاب جزء مأكول ، وأفهم كلامه عدم إجزاء مقطوعة كلها بالأولى وكذا فاقدتها خلقة ، ولا يضر فقد ألية خلقة إذ المعز لا ألية له ولا فقد ضرع إذ الذكر لا ضرع له ، ويفارق ما مر في فقد الأذن بأنها عضو لازم غالبا . نعم لو قطع من الألية جزء يسير لأجل كبرها ، فالأوجه الإجزاء كما أفتى به الوالد رضي الله تعالى عنه بدليل قولهم لا يضر فقد فلقة يسيرة من عضو كبير ( وذات عرج ) بين بحيث تتخلف بسببه عن الماشية في المرعى ، وإذا ضر ولو باضطرابها عند ذبحها فكسر العضو وفقده أولى ( و ) ذات ( عور ) وعلم [ ص: 136 ] منه امتناع العمياء بالأولى ولا يضر ضعف بصرها ولا عدمه ليلا ( و ) ذات ( مرض ) بين يحصل بسببه الهزال ( و ) ذات ( جرب بين ) للخبر المار ، وعطف هذه على ما قبلها من عطف الخاص على العام إذ الجرب مرض ، ولا فرق بين نقصها بهذه العيوب أو لا ( ولا يضر يسيرها ) أي يسير الأربعة لعدم تأثيره في اللحم ( ولا فقد قرن ) إذ لا يتعلق بالقرن كبير غرض وإن كانت القرناء أفضل ، نعم إن أثر انكساره في اللحم ضر كما علم من قوله وشرطها إلخ وتجزئ فاقدة بعض الأسنان ( وكذا شق أذن وخرقها وثقبها في الأصح ) حيث لم يذهب جزء منها .

                                                                                                                            والثاني يضر ذلك لصحة النهي عن التضحية بالخرقاء وهي مخروقة الأذن والشرقاء وهي مشقوقتها ، والأول حمل النهي على التنزيه جمعا بينه وبين مفهوم العدد في خبر { أربع لا تجزئ في الأضاحي } لاقتضائه جواز ما سواها ( قلت : الصحيح المنصوص يضر يسير الجرب ، والله أعلم ) لأنه يفسد اللحم والودك وألحق به القروح والبثور .

                                                                                                                            والثاني لا يضر كالمرض

                                                                                                                            التالي السابق



                                                                                                                            الخدمات العلمية