الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولو حكم خصمان ) أو اثنان من غير خصومة كفي نكاح أو حكم أكثر من اثنين ( رجلا في غير حد ) أو تعزير ( لله تعالى ) ( جاز مطلقا ) أي مع وجود قاض أفضل وعدمه ( بشرط أهلية القضاء ) المطلقة لا في خصوص تلك الواقعة فقط لأن ذلك وقع لجمع من الصحابة ولم ينكر مع اشتهاره فكان إجماعا .

                                                                                                                            أما حده تعالى أو تعزيره فلا يجوز التحكيم فيه ، إذ لا طالب له معين ، وهذا الاستثناء من زياداته على المحرم .

                                                                                                                            وأخذ منه أن حق الله المالي الذي لا طالب له معين لا يجوز التحكيم فيه .

                                                                                                                            وأما غير الأهل فلا يجوز تحكيمه : أي مع وجود الأهل وإلا جاز ولو في النكاح ، نعم لا يجوز تحكيم غير مجتهد مع وجود قاض ولو قاضي ضرورة .

                                                                                                                            قال البلقيني : ولا يجوز لوكيل من غير إذن موكله تحكيم ولا لولي إن أضر بموليه ، وكوكيل مأذون له في التجارة وعامل قراض ومفلس إن أضر غرماء ومكاتب إن أضر به ( وفي قول لا يجوز ) التحكيم لما فيه من الافتيات على الإمام ونوابه ، [ ص: 243 ] ورد بأنه ليس له حبس ولا ترسيم ولا استيفاء عقوبة لآدمي ثبت موجبها عنده لئلا يخرق أبهتهم فلا افتيات .

                                                                                                                            قيل وقضية كلامهم أن للمحكم أن يحكم بعلمه وهو ظاهر وإن زعم بعض المتأخرين أن الراجح خلافه ، وقول الأذرعي لم أر فيه شيئا : أي صريحا بشرط اجتهاده وكونه ظاهر التقوى والورع ، لكن المعتمد منع ذلك لانحطاط رتبته عن القاضي ( وقيل ) إنما يجوز ( بشرط عدم قاض بالبلد ) للضرورة ( وقيل يختص ) الجواز ( بما دون قصاص ونكاح ونحوهما ) كلعان وحد قذف ( ولا ينفذ حكمه إلا على راض ) لفظا فلا أثر للسكوت أخذا من نظائره ، ولا بد من رضا الزوجين معا في النكاح ، والأوجه الاكتفاء بسكوت البكر في استئذانها في التحكيم ( به ) أي بحكمه الذي يتحكم به من ابتداء الحكم إلى الانتهاء منه لأنه المثبت للولاية فلا بد من تقدمه ، نعم لو كان أحد الخصمين ممن له ولاية القضاء لم يشترط رضاهما لأن ذلك تولية منه وقول ابن الرفعة نقلا عن جمع التحاكم لشخص ليس تولية له يمكن حمله على ما إذا لم يجر غير الرضا ، وحمل الأول على ما إذا انضم له لفظ يفيد التفويض كاحكم بيننا مثلا ، وفي كلام الماوردي ما يدل على ذلك ( فلا يكفي رضا قاتل في ضرب دية على عاقلته ) بل لا بد من رضا العاقلة لأنهم لا يؤاخذون بإقرار الجاني فكيف يؤاخذون برضاه ( وإن رجع أحدهما قبل الحكم ) ولو بعد استيفاء شروط البينة ( امتنع الحكم ) لعدم استمرار الرضا ( ولا يشترط الرضا بعد الحكم في الأظهر ) كحكم المولى من جهة الإمام ، ولا ينقض حكمه إلا من حيث ينقض حكم القاضي ، وله أن يشهد على حكمه وإثباته من في مجلسه خاصة لانعزاله بالتفرق ، وإذا تولى القضاء بعد سماع بينة حكم بها بعده من غير إعادتها .

                                                                                                                            والثاني يشترط لأن رضاهما معتبر في الحكم فكذا في لزومه .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله وهذا الاستثناء ) هو قوله في غيره إلخ [ ص: 243 ] قوله : أي صريحا ) خبر ، وقوله لكن المعتمد إلخ من م ر ، وقوله منع ذلك : أي ولو مجتهدا ( قوله : ولا بد من رضا الزوجين ) أي فلا يكتفي بالرضا من ولي المرأة والزوج ، بل الرضا إنما يكون بين الزوجين حيث كانت الولاية للقاضي ، وصرح بذلك لأنه قد يتوهم من كلام المصنف عدم رضا الزوجة إذا كان لها من يتكلم عنها ( قوله ولا ينقض حكمه إلا من حيث ينقض حكم القاضي ) أي وذلك فيما لو خالف نصا أو قياسا جليا ( قوله : لانعزاله بالتفرق ) وينبغي أن لا يكتفي في التفرق هنا بما اكتفى به في التفرق بين المتبايعين ، بل لا بد من وصوله إلى بيته والسوق مثلا ( قوله : وإذا تولى ) أي المحكم .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : فيه ) أي المتولي ( قوله : أي مع وجود الأهل ) أي شخص أهل للتحكيم




                                                                                                                            الخدمات العلمية