الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( والقرعة ) علمت مما مر في القسمة وتحصل في هذا المثال بأحد أمرين : أولهما ( أن يؤخذ ثلاث رقاع متساوية ) ثم ( يكتب في ثنتين ) منها ( رق وفي واحدة عتق ) إذ الرق ضعف الحرية ( وتدرج في بنادق كما سبق ) ثم ( وتخرج واحدة باسم أحدهم فإن خرج العتق عتق ورق الآخران ) بفتح الخاء ( أو الرق رق وأخرجت أخرى باسم آخر ) فإن خرج العتق عتق ورق الثالث وإلا فالعكس ولو اقتصر على رقعتين جاز أن يكون في واحدة رق وفي أخرى عتق كما رجحه البلقيني كالإمام وهو أوجه مما ذهب إليه ابن النقيب من وجوب الثلاث ، وزعم أن كلامهم يدل عليه ( و ) ثانيهما أنه ( يجوز أن يكتب أسماؤهم ) في الرقاع ( ثم تخرج رقعة ) والأولى إخراجها ( على الحرية ) لا الرق لأنه أقرب إلى فصل الأمر ( فمن خرج اسمه عتق ورقا ) أي الباقيان لانفصال الأمر بهذا أيضا ، وقضية عبارته أولوية الأول ، لكن صوب جمع من المتقدمين أولوية الثاني لأن الإخراج فيه مرة واحدة ، بخلافه في الأول فإنه قد يتكرر ( وإن ) لم تكن قيمتهم سواء كأن ( كانوا ثلاثة قيمة واحد مائة وآخر مائتان وآخر ثلثمائة أقرع ) بينهم ( بسهمي رق وسهم عتق ) بأن يكتب في رقعتين رق وفي واحدة عتق ويفعل ما مر ( فإن خرج العتق لذي المائتين عتق ورقا ) أي الباقيان لأن به يتم الثلث ( أو لذي الثلثمائة عتق ثلثاه ) لأنهما الثلث ورق باقيه والآخران ( أو ) خرجت ( للأول [ ص: 392 ] عتق ثم يقرع بين الآخرين بسهم رق وسهم عتق ) في رقعتين .

                                                                                                                            ( فمن خرج ) العتق على اسمه ( تمم منه الثلث ) وإن خرج للثاني عتق نصفه أو للثالث فثلثه والطريق الأخرى جائزة هنا ، فإن خرج اسم الأول عتق ثم يخرج أخرى فإن خرج اسم الثاني عتق نصفه أو الثالث عتق ثلثه ( وإن كانوا ) أي المعتقون معا ( فوق ثلاثة ) لا يملك غيرهم ( وأمكن توزيعهم بالعدد والقيمة ) في جميع الأجزاء ( كستة قيمتهم سواء ) ومثلهم ستة قيمة ثلاثة مائة مائة وثلاثة خمسون خمسون ( جعلوا اثنين اثنين ) فيضم كل خسيس لنفيس ( أو ) أمكن توزيعهم ( بالقيمة دون العدد ) في كل الأجزاء كخمسة قيمة أحدهم مائة واثنين مائة واثنين مائة جعل الواحد جزءا والاثنان جزءا ثانيا والاثنان جزءا ثالثا أو في بعضها ( كستة قيمة أحدهم مائة وقيمة اثنين مائة و ) قيمة ( ثلاثة مائة جعل الأول جزءا والاثنان جزءا والثلاثة جزءا ) وأقرع كما سبق ، وفي عتق الاثنين إن خرج وافق ثلث العدد ثلث القيمة ، فقوله دون العدد صادق ببعض الأجزاء في مقابلته للمثبت قبله في جميع الأجزاء فلا اعتراض على كلامه ، ولا يخالفه ما في الروضة كأصلها من جعل الستة المذكورة مثالا للاستواء في العدد دون القيمة نظرا إلى أن القيمة مختلفة فلا يمكن التوزيع بها في الكل ، بخلاف العدد فإنه يمكن الاستواء فيه وإن كان للنظر إلى القيمة في ذلك دخل ، ولهذا قال الشارح : لا يتأتى التوزيع بالعدد دون القيمة : أي مع قطع النظر عنها أصلا .

                                                                                                                            وأجاب الشيخ عن هذا التناقض بين ما في الكتاب والروضة بأن إمكان الستة المذكورة صالح لإمكان التوزيع بالقيمة دون العدد نظرا إلى عدم تأتي توزيعها بالعدد مع القيمة ولعكسه نظرا إلى عدم تأتي توزيعها بالقيمة مع العدد ، وهو راجع لما تقرر أولا إذ عدم التأتي من كل من الأمرين إنما هو بالنظر لما مر ، وقد يقال : لا منافاة أيضا بينهما من وجه آخر ، وهو أن عبارة الكتاب كأصله مصرحة بالتوزيع ، وأما الروضة وأصلها فعبر بالتسوية وبين التوزيع والتسوية فرق ظاهر لصدقها في الستة المذكورة ولو مع قطع النظر من القيمة بخلافه فصح جعل الروضة كأصلها لها مثالا لما ذكراه ، وبه يتضح أن قول الشارح لا يتأتى التوزيع بالعدد دون القيمة لا ينافي قول الروضة كأصلها وإن أمكن التسوية بالعدد دون القيمة كستة إلى آخره ( وإن تعذر ) توزيعهم ( بالقيمة ) وبالعدد بأن لم يكن لهم ولا لقيمتهم ثلث صحيح ( كأربعة قيمتهم سواء ، ففي قول يجزءون ثلاثة أجزاء واحد ) جزء ( وواحد ) جزء ( واثنان ) جزء لأنه أقرب إلى فعله صلى الله عليه وسلم ( فإن خرج العتق لواحد عتق ) كله سواء أكتب الرق والعتق أم الأسماء ( ثم أقرع ) بين الثلاثة الباقين بعد تجزئتهم أثلاثا ( لتتميم الثلث ) فمن خرج له سهم الحرية عتق ثلثه ، هذا ما دل عليه كلامهما وهو يرد ما فهمه جمع من الشراح من بقاء الاثنين على حالهما ، ثم ترددوا فيما إذا خرجت لاثنين هل [ ص: 393 ] يعتق من كل سدسه أم يقرع بينهما ثانيا ، فمن قرع عتق ثلثه زاد الزركشي أن الأول مقتضى كلامهم لأنهم جعلوا الاثنين بمثابة الواحد ( أو ) خرج العتق ( للاثنين ) المجعولين جزءا ( رق الآخران ثم أقرع بينهما ) أي الاثنين ( فيعتق من خرج له العتق وثلث الآخر ) لأن بذلك يتم الثلث ( وفي قول يكتب اسم كل عبد في رقعة ) فالرقاع أربع ثم يخرج على العتق واحدة بعد أخرى إلى أن يتم الثلث ( فيعتق من خرج ) أولا ( و ) تعاد القرعة بين الباقين ، فمن خرجت له ثانيا بان أن ثلثه هو الباقي من الثلث فيعتق ( ثلث الباقي ) وهو القارع ثانيا لأن هذا أقرب إلى فصل الأمر ، وفي بعض النسخ الثاني بالمثلثة والنون وصوبت ( قلت : أظهرهما الأول والله أعلم ) .

                                                                                                                            لما مر أن تجزئتهم ثلاثة أجزاء أقرب لما مر في الخبر ( والقولان في استحباب ) لأن المقصود يحصل بكل ( وقيل ) في ( إيجاب ) والمعتمد الأول وإن انتصر للثاني جمع وادعى أنه نص الأم ومقتضى كلام الأكثرين ، أما إذا أعتق عبيدا مرتبا فلا قرعة بل يعتق الأول فالأول إلى تمام الثلث

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : جاز أن يكون في واحدة ) أي بأن يكون ثم إن خرج العتق ابتداء لواحد عتق ورق الآخران ، وإن خرج الرق لواحد احتيج لإعادتها بين الآخرين بواحدة رق وأخرى عتق ( قوله : أولوية الثاني ) [ ص: 392 ] أي الأمر الثاني وكان الأولى التعبير فيما قبله بالأول ليطابق قوله أولا أمرين . . . إلخ ( قوله : والطريق الأخرى ) أي كتابة الأسماء ( قوله في كل الأجزاء ) المراد أنه لا يمكن جعل الخمسة أجزاء متساوية في العدد أصلا ، بخلاف الستة فإنه يمكن جعلها متساوية في العدد دون القيمة فهي عكس مثال الخمسة حيث أمكن تجزئة الخمسة بالقيمة دون العدد ( قوله إن خرج ) أي العتق لهما ( قوله : مثالا لما ذكراه ) أي في قوله للاستواء في العدد دون القيمة ( قوله : وبه يتضح ) أي بقوله وأجاب الشيخ . . . إلخ [ ص: 393 ] قوله : أن الأول ) هو قوله هل يعتق من كل سدسه ( قوله : والمعتمد الأول ) أي لأنه أقرب إلى فصل الأمر لأنه لم يحتج معه بعد خروج القرعة الثانية إلى أخرى ، بخلاف الأول



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : جاز كما رجحه البلقيني . . . إلخ ) قال الشيخ : ثم إن خرج العتق لواحد عتق ورق الآخران ، وإن خرج الرق لواحد احتيج لإعادتها بين الآخرين بواحدة رق وأخرى عتق ( قوله : لأن الإخراج فيه مرة واحدة ) أي بالنظر للأولى الذي قدمه من الإخراج [ ص: 392 ] على الحرية ( قوله : فيضم كل نفيس . . . إلخ ) أي في المثال الذي زاده ( قوله : في كل الأجزاء ) أي إذا لم يكن التوزيع بالعقد مع القيمة في شيء من الأجزاء : يعني أنه لم يتوافق ثلث العد وثلث القيمة ، كذا قاله ابن قاسم : أي بخلاف مثال المصنف فإنه توافق فيه ثلث العدد وهو الاثنان مع ثلث القيمة ( قوله إن خرج ) أي العتق لهما ( قوله : وأجاب الشيخ عن هذا التناقض ) أي بحسب الظاهر .




                                                                                                                            الخدمات العلمية