الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولو ) ( ادعت ورثة ) أو بعضهم ( مالا ) عينا أو دينا أو منفعة ( لمورثهم ) الذي مات قبل نكوله ( وأقاموا شاهدا ) بالمال بعد إثباتهم لموته منه وإرثهم وانحصاره فيهم ( وحلف معه بعضهم ) على استحقاق مورثه الجميع ولا يقتصر على قدر حصته ، ومثله [ ص: 315 ] ما إذا حلف جميعهم لأنه إنما ثبت بحلفه الملك لمورثه ( أخذ نصيبه ولا يشارك فيه ) من جهة بقيتهم لأن الحجة تثبت في حقه فقط . وأما غيره فمتمكن منها بالحلف ولأن الشخص لا يستحق شيئا بيمين غيره ، وبهذين فارق ما لو ادعيا دارا إرثا فصدق المدعى عليه أحدهما في نصيبه وكذب الآخر أنهما يشتركان فيه ، وكذا لو أقر بدين للميت فأخذ بعض ورثته قدر حصته ولو بغير دعوى ولا إذن من حاكم فللبقية مشاركته فيه ، ولو أخذ أحد شركاء في دار أو منفعتها قدر حصته من أجرتها لم يشاركه فيها البقية ، ولو ادعى غريم من غرماء ميت مديون على وارثه بوضع يده من تركته على ما يفي بحقه فأنكر وحلف له أنه لم يضع يده على شيء منها لم تكفه هذه اليمين للبقية بل كل من ادعى عليه منهم بعدها بوضع اليد حلفه أيضا ، كذا أفتى به البلقيني . ورد ذلك بقولهم لو ادعى حقا على جمع فردوا عليه اليمين أو أقام شاهدا ليحلف معه كفته يمين واحدة ، وقولهم لو ثبت إعسار مدين وطلب غرماؤه تحليفه أجيبوا وتكفيه يمين واحدة ، وقولهم لو ثبت إعساره بيمينه فظهر له غريم آخر لم يكن له تحليفه . وأجيب بأن ما سوى الأخيرة قد لا يرد عليه لوقوع الدعوى بينهم أو عليهم فوقعت اليمين لجميعهم بخلافه في مسألة البلقيني .

                                                                                                                            وأما الأخيرة فالإعسار خصلة واحدة وقد ثبت . والظاهر دوامه فلم يجب الثاني لتحليفه ، بخلاف وضع اليد فإنه إذا انتفى باليمين الأولى ليس الظاهر دوامه فوجبت اليمين على نفيه لكل مدعى به من الغرماء ، ويكفي في ثبوت دين على ميت حضور بعض ورثته لكن الحكم لا يتعدى لغير الحاضر ، ولو أقر بدين للميت ثم ادعى أداءه إليه وأنه نسي ذلك حالة إقراره سمعت دعواه لتحليف الوارث كما في الإقرار ، وتقبل بينته بالأداء لاحتمال نسيانه

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : الذي مات قبل نكوله ) أي الميت ( قوله : على استحقاق مورثه ) ولا منافاة [ ص: 315 ] بين ما هنا وما يأتي في قوله وبحث هو أيضا إلخ لأن الدعوى هنا وقعت بجميع المال بخلاف ما يأتي ( قوله : بل كل من ادعى عليه منهم ) غرماء أو ورثة ( قوله : كذا أفتى به البلقيني ) معتمد ( قوله وأقام شاهدا ) أي أو لم يقم وحلف اليمين المردودة فإنه يكتفي بيمين واحدة ( قوله : وقولهم لو ثبت إلخ ) ويمكن أن يفرق بينهما بأن مسألة البلقيني حصل فيها طلب اليمين في دعاوى متعددة بعدد الغرماء ، وما هنا اليمين المتوجهة في دعوى واحدة فاكتفى بها لاتحاد الدعوى وطلب التعدد في تلك بتعدد الدعاوى فليتأمل . ثم رأيت قوله وأجيب إلخ ، وما ذكرنا أوضح ( قوله : سوى الأخيرة ) هي قوله لو ثبت إعساره بيمينه ( قوله : لوقوع الدعوى بينهم ) أي في الثانية ، وقوله أو عليهم أي في الأولى



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : بعد إثباتهم لموته وإرثهم منه وانحصاره فيهم ) أي بالبينة الكاملة أو الإقرار ، وأشار بما ذكره من هذه الثلاثة إلى شروط [ ص: 315 ] دعوى الوارث الإرث ، لكن يتأمل قوله وانحصاره فيهم مع قوله قبل أو بعضهم ( قوله : لكن الحكم لا يتعدى لغير الحاضر ) سيأتي له في أوائل كتاب الدعوى والبينات عقب قول المصنف أو عقدا ماليا كبيع أو هبة كفى الإطلاق في الأصح ما نصه : لكن لا يحكم : أي القاضي إلا بعد إعلام الجميع بالحال فانظره مع ما هنا




                                                                                                                            الخدمات العلمية