الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ولو باع شقصا بشرط الخيار له ثم أعتق باقيه والخيار باق سرى وإن أعسر بحصة المشتري لكنه بالسراية يقع الفسخ حينئذ فلا شركة فلا يرد ( أو إلى ما أيسر به ) من قيمته ليقرب حاله من الحرية ، ولو كان لثلاثة فأعتق اثنان منهما نصيبهما معا وأحدهما موسر فقط قوم جميع ما لم يعتق عليه وحده ( وعليه قيمة ذلك يوم الإعتاق ) أي وقته لأنه وقت الإتلاف كجناية على قن سرت لنفسه يعتبر قيمته وقتها لا وقت موته ( وتقع السراية بنفس الإعتاق ) لظاهر الخبر المذكور ، نعم يستثنى ما لو كاتب الشريكان ثم أعتق أحدهما نصيبه فإنه يحكم بالسراية بعد العجز عن أداء نصيب الشريك ، فإن في التعجيل إضرارا بالسيد لفوات الولاء وبالمكاتب لانقطاع الكسب عنه ( وفي قول ) لا يقع الإعتاق إلا ( بأداء القيمة ) أو الاعتياض عنها لخبر { إن كان موسرا فيقوم عليه قيمة عدل } وأجابوا بأنه إنما يدل على أن العتق بالتقويم لا بالدفع ، وحينئذ فيدل للأول لأنه إنما قوم لأنه صار متلفا وإنما يتلف بالسراية .

                                                                                                                            ( وفي قول ) يوقف الأمر رعاية للجانبين ، فعليه ( إن دفعها ) أي القيمة ( بان أنها ) أي السراية حصلت ( بالإعتاق ) وإلا بان أنه لم يعتق ( واستيلاد أحد الشريكين الموسر يسري ) إلى حصة شريكه كالعتق بل أولى لأنه فعل وهو أقوى ولهذا نفذ من مريض من رأس المال ، بخلاف إعتاقه فإنه من الثلث أما من المعسر فلا يسري كالعتق إلا من والد الشريك لأنه ينفذ منه إيلاد كلها ( وعليه ) أي الموسر ( قيمة ) ما أيسر به من ( نصيب شريكه ) لأنه أتلفه بإزالة ملكه عنه ( وحصته من مهر مثل ) لاستمتاعه بملك غيره حيث تأخر الإنزال عن مغيب الحشفة كما هو الغالب ، وإلا لم يلزمه حصة مهر لأن الموجب له تغييب الحشفة في ملك [ ص: 385 ] غيره ، وهو منتف لما يأتي أن السراية تقع بنفس العلوق ، واعتماد جمع وجوبها مطلقا مبني على مرجوح كما يعلم من التعليل الآتي بوقوع العلوق في ملكه وبذلك يندفع الفرق بين هذا ، وما مر في الأب بأنه إنما قدر الملك فيه لحرمته ، ويجب مع ذلك في بكر حصته من أرش البكارة .

                                                                                                                            ( وتجرى الأقوال ) المارة ( في وقت حصول السراية ) إذ العلوق هنا كالعلوق ثم ( فعلى الأول ) وهو الحصول بنفس العلوق ( والثالث ) وهو التبين ( لا تجب قيمة حصته من الولد ) لانعقاده حرا على الأول بحصول العلوق في ملكه ولتنزل استحقاق السراية منزلة حصول الملك على الثالث وعلى الثاني تجب ( ولا يسري تدبير ) لباقي القن من مالك كل أو بعض لأنه ليس إتلافا لجواز بيع المدبر فيعتق بموت السيد ما دبره فقط لإعسار الميت ، وحصوله في الحمل ليس سراية بل تبعا كعضو منها ( ولا يمنع السراية دين ) حال ( مستغرق ) بدون حجر ( في الأظهر ) لأنه مالك لما في يده نافذ التصرف فيه ولذا نفذ إعتاقه ، والثاني يمنع لأنه معسر يحل له أخذ الزكاة قال البلقيني : ولا حاجة لمستغرق في جريان الخلاف ، ولو كان بالدين الحال رهن لازم ليس له غيره ولا يفضل منه شيء لم يسر قطعا ، ولو علق وهو مستقل ثم وجدت الصفة وهو محجور عليه لم يسر بناء على الأصح أن العبرة في نفوذ العتق بحالة وجود الصفة .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            [ ص: 384 ] قوله : بشرط الخيار له ) أي أو لهما ( قوله : ما لم يعتق عليه وحده ) أي دون المعسر ( قوله : أي وقته ) وسيأتي أن إيلاد أحد الشريكين نافذ مع اليسار ، وعليه فلو كان معسرا وقت الإحبال أو العلوق ثم أيسر بعد فهل يؤثر ذلك فيحكم بنفوذ الإعتاق والعلوق من وقتهما أو لا ويفرق بين الإعتاق فيحكم بعدم نفوذه لأنه قول إذا رد لغا ، وبنفوذ الاستيلاد لأنه من قبيل الإتلاف ؟ فيه نظر ، وقضية قول الشارح في آخر أمهات الأولاد والعبرة في اليسار وعدمه بوقت الإحبال إلخ أن طرو اليسار لا أثر له ، وقياس ما في الرهن من أنه لو أحبلها وهو معسر فبيعت في الدين ثم ملكها نفذ الإيلاد أنه هنا كذلك إذا ملكها ( قوله : عن أداء نصيب الشريك ) أي لا من عتق أحدهما ( قوله : لانقطاع الكسب عنه ) لعل المراد بانقطاعه عدم حصول ما كسبه قبل العتق له لأنا لو قلنا بالسراية بطلت الكتابة ، وببطلانها يتبين أن ما كسبه للسيد .

                                                                                                                            ( قوله : إلى حصة شريكه ) أي حيث كان موسرا بالكل وإلا ففيما أيسر به فقط كما يأتي ( قوله : فلا يسري كالعتق ) أي ويكون الولد حرا فيغرم لشريكه قيمة نصفه عباب ا هـ سم على منهج وسيأتي في كلام الشارح في أمهات الأولاد حكاية خلاف فيه ، وظاهره أن المعتمد منه أنه مبعض ( قوله : إلا من والد الشريك ) كأن كانت بينه وبين ولده ( قوله : وإلا لم يلزمه ) ولو تنازعا فزعم الواطئ تقدم الإنزال الشريك تأخره صدق الواطئ فيما يظهر عملا بالأصل من عدم وجوب المهر وإن كان الظاهر تأخر الإنزال ، ويحتمل تصديق الشريك لأن الأصل فيمن تعدى على ملك غيره الضمان حتى يوجد مسقط ولم نتحققه وهذا أقرب ، [ ص: 385 ] وكتب أيضا لطف الله به : قوله : وإلا : أي بأن تقدم أو قارن ( قوله : مطلقا ) أي تقدم الإنزال أو لا ( قوله : ويجب مع ذلك في بكر حصته من أرش البكارة ) ينبغي أن محل هذا إن تأخر الإنزال عن إزالتها وإلا فلا يجب لها أرش ولعله لم ينبه عليه لبعد العلوق من الإنزال قبل زوال البكارة ( قوله : لم يسر قطعا ) أي لأنه معسر ، ولا تشكل هذه بما مر من أن الدين لا يمنع السراية لأن ذلك مفروض فيمن له مال يدفع منه حصة شريكه بخلاف هذا ( قوله : لم يسر بناء على الأصح إلخ ) يتأمل هذا فإن الأصح فيما يأتي آخر كتاب التدبير أن العبرة بوقت التعليق حتى لو علق مستقلا ووجدت الصفة بعد الحجر عتق نظرا لحالة التعليق ، وقد يقال : ما هنا مبني على مقابل الأظهر فيما يأتي



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : لكنه بالسراية يقع الفسخ إلخ ) قال ابن قاسم : بل قد يقال لا شركة حقيقة حين الإعتاق أيضا لأنه إذا كان الخيار له فملك المبيع له فليتأمل ا هـ ( قوله : قيمة عدل ) تمامه { ولا وكس ولا شطط ثم يعتق } ( قوله : إلا من والد الشريك ) صورة المسألة أن أحد الشريكين الذي هو والد الشريك الآخر استولدها ، وعبارة كتب الأستاذ : ولو كان الشريك المستولد أصلا لشريكه سرى وإن كان معسرا كما لو استولد الجارية التي كلها له ا هـ ابن قاسم [ ص: 385 ] قوله قال البلقيني ولا حاجة لمستغرق في جريان الخلاف ) قال في التحفة : فلو أوجبت السراية مائة وهي عنده وعليه خمسون لم يسر على الضعيف إلا في الخمسين ( قوله : لم يسر قطعا ) أي ولا يقال إنه موسر بالرهن ( قوله بناء على الأصح أن العبرة إلخ ) نبه الشيخ في الحاشية على أن الشارح ناقض هذا في آخر التدبير .




                                                                                                                            الخدمات العلمية