الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وله ) أي المعصوم بل عليه ( أكل آدمي ميت ) محترم حيث لم يجد ميتة غيره ولو مغلظة لأن حرمة الحي أعظم ، نعم لو كانت ميتة نبي امتنع الأكل منها جزما وكذا ميتة مسلم والمضطر ذمي ، والوجه كما هو ظاهر كلامهم عدم النظر لأفضلية الميت مع اتحادهما إسلاما وعصمة ، قيل وقياسه عدم اعتبار اتحادهما نبوة ، ويتصور في عيسى والخضر صلى الله وسلم على [ ص: 161 ] نبينا وعليهما ، والمتجه خلافه إذ هما حيان فلا يصح القياس ، وإذا جاز أكل الآدمي حرم طبخه وشيه .

                                                                                                                            نعم قيد ذلك الأذرعي بحثا بما إذا كان محترما ، والأوجه الأخذ بإطلاقهم ، وقيده أيضا بعضهم بما إذا أمكن أكله نيئا ، ويؤيده تعليلهم باندفاع الضرر بدون نحو طبخه وشيه ( و ) له بل عليه ( قتل مرتد وحربي ) وزان محصن وتارك صلاة توجه قتله شرعا ومن يستحق عليه القتل وإن لم يؤذنه الإمام للضرورة ، ويؤخذ من هذا أنهم لو كانوا مضطرين لم يلزم أحدا بذل طعامه لهم ( لا ذمي ومستأمن ) لعصمتهما ( وصبي حربي ) امرأة حربية لحرمة قتلهم ( قلت : الأصح حل ) ( قتل الصبي والمرأة الحربيين ) ومثلهما الخنثى والمجنون ( للأكل ) ( ، والله أعلم ) لعدم عصمتهم ، وحرمة قتلهم إنما هو لحق الغانمين ومن ثم لم تجب فيه كفارة ، ومحل ذلك كما بحثه البلقيني إذا لم يستول عليهم وإلا صاروا أرقاء معصومين لا يجوز قتلهم قطعا لحق الغانمين ، وبحث ابن عبد السلام حرمة قتل صبي حربي مع وجود حربي بالغ ، ويمتنع على والد قتل ولده للأكل ، وسيد قتل قنه لذلك ، قال ابن الرفعة : إلا أن يكون القن ذميا فكالحربي والأقرب خلافه .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : امتنع الأكل منها ) أي لغير نبي لما يأتي فيه ( قوله : قيل وقياسه ) قائله حج [ ص: 161 ] قوله : إذ هما حيان فلا يصح القياس ) قد يقال هذا خلاف فرض المسألة ، إذ الكلام فيما لو مات أحدهما دون الآخر فلا ينظر إلى أفضلية أحدهما ، بل الحي يأكل من الميت وإن كان أفضل منه ، إلا أن يقال : مراده أن النبي حي بعد موته فهو كمن لم يمت ، فلا يجوز للحي الأكل من الميت ، وقياس هذا أن غير الشهيد وبعض الشهداء مع بعض لا يجوز له الأكل من الشهيد لما صح من أن الشهداء أحياء في قبورهم ( قوله : وحرمة قتلهم إنما هو لحق الغانمين ) قد يقتضي ذلك أنه يجوز للإنسان قتل عبد نفسه ليأكله وليس مرادا كما سيأتي فكان ينبغي الاقتصار على قوله وإلا صاروا أرقاء معصومين إلخ فلا يجوز قتلهم لعصمتهم ( قوله : والأقرب خلافه ) أي فلا فرق بين الذمي وغيره



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : وقياسه عدم اعتبار اتحادهما نبوة ) عبارة التحفة وقياسه أنها لو اتحدا نبوة لم ينظر لذلك أيضا ( قوله : ويتصور في عيسى والخضر ) كذا في التحفة ، ومراده كما لا يخفى من كلامه تصوير النبي الذي يأكل : أي فلا يقال : إن الأنبياء قد ماتوا فلا حاجة لهذا البحث فصوره [ ص: 161 ] بعيسى والخضر إذا أكلا من جثة نبي من الأنبياء الذين ماتوا ، ثم أجاب عنه بأن هذا غير محتاج إليه إذ النبي لا يتقيد برأي غيره ، والشارح فهم عنه أن مراده التصوير بعيسى والخضر إذا أكل أحدهما الآخر فأشار إلى رده بقوله والمتجه خلافه إلخ ، ولا يخفى أن هذا غير مراد صاحب التحفة إذ المأكول ليس محتاجا لتصويره ( قوله : لا يجوز قتلهم قطعا لحق الغانمين ) المراد بحق الغانمين هنا حق الملك بخلافه فيما مر قبله فافترقا .




                                                                                                                            الخدمات العلمية