الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ومن حمل حطبا على ظهره أو بهيمة ) وهو معها ، وسيأتي حكم ما لو أرسلها ( فحك بناء فسقط ضمنه ) ليلا أو نهارا لوجوب التلف بفعله أو فعل دابته المنسوب إليه ، نعم لو كان مستحق الهدم ، ولم يتلف من الآلة شيء فلا ضمان ، كأن بنى بناء مائلا إلى شارع أو ملك غيره لا إن كان مستويا ، ثم مال خلافا للبلقيني في الأخيرة ( وإن ) ( دخل ) من معه حطب ( سوقا فتلف به نفس أو مال ) مستقبلا كان أو مستدبرا ( ضمن ) هـ ( إن كان ) ثم ( زحام ، فإن لم يكن ) زحام ( وتمزق ) به ( ثوب ) مثلا ( فلا ) يضمنه ( إلا ثوب ) أو متاع أو بدن ( أعمى ) أو معصوب العين لرمد ونحوه كما ذكره الأذرعي وغيره ( ومستدبر البهيمة فيجب تنبيهه ) أي من ذكر ، فإن لم يفعل ضمن الكل ، والأشبه أن مستقبل الحطب ممن لا يميز لصغر أو جنون كالأعمى ، قاله الأذرعي ، ولو كان غافلا أو ملتفتا أو مطرقا مفكرا ضمنه صاحب الحطب ، إذ لا تقصير حينئذ .

                                                                                                                            وألحق البغوي وغيره بما إذا لم ينبهه ما لو كان أصم وإن لم يعلم بصممه ; لأن [ ص: 42 ] الضمان لا يختلف بالعلم وعدمه ، وقيد الإمام والغزالي وغيرهما البصير المقبل بما إذا وجد منحرفا .

                                                                                                                            وقضيته أنه إذا لم يجده لضيق وعدم عطفة يضمن ; لأنه في معنى الزحام ، نبه عليه الزركشي وهو ظاهر ، قال : ولو دخل السوق في غير وقت الزحام فحدث زحام فالمتجه إلحاقه بما إذا لم يكن زحام لعدم تقصيره كما لو حدثت الريح ، وأخرجت المال من النقب لا قطع فيه بخلاف تعريضه للريح الهابة ، ومحل ما تقرر حيث لا فعل من صاحب الثوب ، فإن تعلق الحطب به فجذبه فنصف الضمان على صاحب الحطب يجب كلاحق وطئ مداس سابق فانقطع ، فإنه يلزمه نصف الضمان ; لأنه انقطع بفعله وفعل السابق ، وقوله في الروضة ينبغي أن يقال إن انقطع مؤخر السابق فالضمان على اللاحق أو مقدم مداس اللاحق فلا ضمان على السابق ، يرد بأنه لا يشترط تساويهما في قوة الاعتماد ، وضعفه لعدم انضباطهما فسقط اعتبارهما ، ووجب إحالة ذلك على السببين جميعا كما في المصطدمين فإنه لا عبرة بقوة مشي أحدهما وقلة حركة الآخر ( وإنما يضمنه ) أي ما ذكر صاحب البهيمة ( إذا لم يقصر صاحب المال ، فإن قصر بأن وضعه بطريق ) ولو واسعا ، وإن أذن الإمام كما اقتضاه إطلاقهم إذ الفرض هنا تعريضه متاعه للتلف وهو موجود ( أو عرضه للدابة فلا ) يضمنه ; لأنه المضيع لماله ، وأفتى القفال بأن مثله ما لو أمر إنسان بحمار الحطب ، يريد التقدم عليه فمزق ثوبه فلا ضمان على سائقه لتقصيره بمروره عليه .

                                                                                                                            قال : وكذا لو وضع حطب بطريق واسع فمر به آخر فتمزق به ثوبه

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ضمنه إن كان ثم زحام ) ومن ذلك ما يقع كثيرا بأزقة مصر من دخول الجمال مثلا بالأحمال ثم إنهم يضطرون المشاة أو غيره فيقع المضطر على غيره فيتلف متاعه فالضمان على سائق الجمال وإن كثروا لأنهم منسوبون إليه .

                                                                                                                            وأما لو دفع المزحوم الجمل بحمله مثلا على غيره فأتلف شيئا ، فالضمان على الدافع لا على من مع الدابة ( قوله : فإن لم يفعل ) ولو اختلفا في التنبيه وعدمه فالظاهر تصديق صاحب الثوب ; لأنه وجد ما حصل به التلف المقتضي للضمان [ ص: 42 ] والأصل عدم التنبيه ، وقوله أو مطرقا مفكرا : أي ولو في أمور الدنيا ( قوله : لا يختلف بالعلم وعدمه ) أي ولأن له طريقا آخر كتنبيهه بجر ردائه مثلا أو غمزه بشيء في يده ( قوله : لضيق وعدم عطفة ) أي قريبة فلا يكلف العود لغيرها ( قوله فالمتجه إلحاقه بما إذا لم يكن زحام ) أي فلا ضمان ( قوله : فسقط اعتبارهما ) أي المؤخر والمقدم ( قوله : وإن أذن الإمام ) ومنه ما جرت به العادة الآن من إحداث مساطب أمام الحوانيت بالشوارع ، ووضع أصحابها عليها بضائع للبيع كالخضرية مثلا فلا ضمان على من أتلفت دابته شيئا منها بأكل أو غيره لتقصير صاحب البضاعة ( قوله : إذ الفرض هنا ) وفي نسخة الملحظ .

                                                                                                                            ( قوله : ما لو مر إنسان بحمار ) أي على حماره ( قوله : لتقصيره ) أي المار ( قوله : فمر به آخر ) أي ولو أعمى



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 42 ] ( قوله : وقوله في الروضة ) أي تبعا لبحث الرافعي




                                                                                                                            الخدمات العلمية