الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ويمنع كل كافر من استيطان الحجاز ) يعني الإقامة به ، ولو بلا استيطان كما أفهمه قوله الآتي ، وقيل له الإقامة إلى آخره . وأفهم كلامه جواز شراء أرض فيه لم يقم بها ، وهو الأوجه لكن الصواب منعه ; لأن ما حرم استعماله حرم اتخاذه كالأواني وآلات اللهو ، وإليه يشير قول الشافعي ولا يتخذ الذمي شيئا من الحجاز دارا وإن رد بأن هذا ليس من ذاك ، وإنما منع من الحجاز لقوله صلى الله عليه وسلم عند موته { أخرجوا المشركين من جزيرة العرب } وفي رواية { آخر ما تكلم به صلى الله عليه وسلم : أخرجوا اليهود من الحجاز } وفي أخرى { أخرجوا يهود الحجاز وأهل نجران من جزيرة العرب } وليس المراد جميعها بل الحجاز منها ; لأن عمر أجلاهم منه وأقرهم باليمن مع أنه منها ، إذ هي طولا من عدن إلى ريف العراق ، وعرضا من جدة وما والاها من ساحل البحر إلى الشام .

                                                                                                                            سميت بذلك لإحاطته بحر الحبشة وبحر فارس ودجلة والفرات بها ( وهو ) أي الحجاز ، سمي بذلك ; لأنه حجز بين نجد وتهامة ( مكة والمدينة واليمامة ) مدينة على أربع مراحل من مكة ومرحلتين من الطائف ، وقال بعض شراح البخاري بينها وبين الطائف مرحلة واحدة .

                                                                                                                            سميت باسم الزرقاء التي كانت تبصر من مسيرة ثلاثة أيام ( وقراها ) أي الثلاثة كالطائف وجدة وخيبر والينبع ( وقيل له الإقامة في طرقه الممتدة ) بين هذه البلاد ; لأنها لم تعتد فيها ، نعم التي بحرم مكة يمنعون منها قطعا كما يعلم من كلامه الآتي ، ولا يمنعون ركوب بحر خارج الحرم ، بخلاف جزائره المسكونة أو غيرها ، وإنما قيدوا بها للغالب .

                                                                                                                            قال القاضي : ولا يمكنون من المقام في المركب أكثر من ثلاثة أيام كالبر ، ولعل مراده كما قاله ابن الرفعة إذا أذن الإمام وأقام بموضع واحد

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            . ويمنع كل كافر من استيطان الحجاز ( قوله : لم يقم بها وهو الأوجه ) نسخة فيها : قيل وهو الأوجه لكن الصواب منعه ; لأن ما حرم استعماله حرم اتخاذه كالأواني وآلات اللهو ، وإليه يشير قول الشافعي ولا يتخذ الذمي شيئا من الحجاز دارا وإن رد بأن هذا ليس من ذاك ، وإنما منع إلخ ، وهذه النسخة هي الأقرب فليراجع ( قوله : وفي رواية أخرى ) أي في شأنهم ( قوله : أجلاهم ) أي أخرجهم ( قوله : سميت بذلك ) أي بالجزيرة ( قوله سميت ) أي المدينة ( قوله : كالطائف ) هو تمثيل لقرى الثلاث ، لكن أورد عليه أن اليمامة ليس لها قرى .

                                                                                                                            وأجيب بأن المراد قرى المجموع وهو لا يستلزم أن يكون لكل واحدة قرى ( قوله : بخلاف جزائره ) أي التي بالحجاز



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : ليس من ذاك ) أي من الاتخاذ الممنوع أي لأن اتخاذ ذاك يجر إلى استعماله ، بخلاف هذا كما أفصح بهابن حجر وهو الراد ( قوله : من ساحل البحر ) لعله بيان لما ، ولا يصح أن تكون من فيه ابتدائية كما لا يخفى ( قوله : ولا يمنعون ركوب بحر إلخ ) عبارة الدميري : فرع : لا يمنعون من ركوب بحر الحجاز ويمنعون من الإقامة في سواحله الممتدة وجزائره المسكونة ( قوله : إذا أذن الإمام ) أي أما إذا لم يأذن فلا يمكنون من ركوب [ ص: 91 ] البحر فضلا عن الإقامة فهو قيد للمفهوم بخلاف ما بعده




                                                                                                                            الخدمات العلمية