كتاب القضاء بالمد ، وهو في اللغة : إحكام الشيء وإمضاؤه ، وأتى لمعان أخر ، وفي الشرع : الولاية الآتية والحكم المترتب عليها ، أو إلزام من له الإلزام بحكم الشرع فخرج الإفتاء والأصل فيه الكتاب والسنة والإجماع وفي الخبر { } أي أراد الحكم { إذا حكم الحاكم } وفي رواية صحيحة بدل الأولى { فاجتهد ثم أصاب فله أجران ، إذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر } وقد أجمع المسلمون على أن هذا في حاكم عالم مجتهد . فله عشرة أجور
أما غيره فآثم بجميع أحكامه وإن وافق الصواب وأحكامه كلها مردودة لأن إصابته اتفاقية .
وروى الأربعة [ ص: 236 ] والحاكم خبر { والبيهقي } وفسر الأول بأنه عرف الحق وقضى به ، والأخيران بمن عرف وجار ومن قضى على جهل ، والذي يستفيده بالولاية إظهار حكم الشرع وإمضاؤه فيما يرفع إليه ، بخلاف المفتي مظهر لا ممض ، ومن ثم كان القضاة ثلاثة : قاض في الجنة ، وقاضيان في النار ( هو ) أي القيام بحقه أفضل من الإفتاء بل هو أسنى فروض الكفايات حتى ذهب قبوله من متعددين صالحين ( فرض كفاية ) الغزالي إلى تفضيله على الجهاد وذلك للإجماع مع الاضطرار إليه لأن طباع البشر مجبولة على التظالم وقل من ينصف من نفسه ، والإمام الأعظم مشتغل بما هو أهم منه فوجب من يقوم به ، فإن امتنع الصالحون له أثموا وأجبر الإمام أحدهم .
أما ففرض عين على الإمام فورا في قضاء الإقليم ، ويتعين فعل ذلك على قاضي الإقليم فيما عجز عنه كما يأتي ، ولا يجوز إخلاء مسافة العدوى عن قاض أو خليفة له لأن الإحضار من فوقها مشق ، وبه فارق اعتبار مسافة القصر بين كل مفتيين أما تقليده ففرض عين على الإمام أو نائبه كما قاله إيقاع القضاء بين المتخاصمين البلقيني ، ويمتنع عليه الدفع إذا أفضى لتعطيل أو طول نزاع ، ومن صريح التولية وليتك أو قلدتك أو فوضت إليك القضاء ، ومن كنايتها عولت واعتمدت عليك فيه ، ولا يعتبر القبول لفظا بل يكفي فيه الشروع بالفعل كالوكيل كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى ، نعم يرتد بالرد .