الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو فتح قفصا عن طائر وهيجه فطار ) حالا ( ضمن ) هـ إجماعا ؛ لأنه ألجأه إلى الفرار كإكراه الآدمي ( وإن اقتصر على الفتح فالأظهر أنه إن طار في الحال ) أو كان آخر القفص فمشى عقب الفتح قليلا قليلا حتى طار أو وثبت هرة عقب الفتح فقتلته كذا أطلقاه وقيده السبكي وغيره بما إذا علم بحضورها حين الفتح وإلا كانت كريح طرأت بعده وقد يفرق بأن الإتلاف قد يقصد من هرة تمر عليه بعده مفتوحا ولا كذلك الريح الطارئة ؛ لأن تلك أقوى في الإتلاف وأغلب في مراقبة المأكول ويتجه أن علمه بوجود نحو هرة ضارية بذلك المكان غالبا كحضورها حال الفتح حتى عند السبكي أو أطلق بهيمة وبجانبها حب فأكلته بخلاف ما لو فتح وعاء حب فأكلته بهيمة على ما نقل ويفرق بأنه في الأول أغرى البهيمة بإطلاقها وهو بجانبها وفي الثاني لم يغرها ، والفرض أنه لم يستول على الحب ( ضمنه ) لإشعاره بتنفيره ومحل قولهم المباشرة مقدمة على السبب ما لم يكن السبب ملجئا ( وإن وقف ثم طار فلا ) [ ص: 13 ] لإشعاره باختياره ويجري ذلك في حل رباط البهيمة وفتح باب إصطبلها ومثلها قن غير مميز ومجنون لا عاقل ، ولو آبقا وألحق جمع بفتح القفص ما لو كان بيد صبي أو مجنون طائر فأمره إنسان بإطلاقه من يده فأطلقه قال الأذرعي وهذا حيث لا تمييز ، وإلا ففيه نظر إذ عمد المميز عمد وكغير المميز من يرى تحتم طاعة آمره قيل الأولى طير لا طائر ؛ لأنه في القفص لا يطير ورد بأن الذي قاله جمهور اللغويين أن الطائر مفرد والطير جمعه .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله في المتن إن طار في الحال إلخ ) قال في الروض أو طار فصدمه جدار أو كسر قارورة القفص ضمن . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أو وثبت هرة إلخ ) قال في شرح الروض ثم ما ذكره من الضمان فيما أخذته هو ما في الأصل عن فتاوى القفال وهو قياس ما يأتي عنه في مسألة الحمار أي فيما إذا حل رباطا على شعير فأكله في الحال حمار بجنبه لكن قياس ما يأتي عن غيره أنه لا ضمان . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وقيده السبكي وغيره إلخ ) اعتمده م ر .

                                                                                                                              ( قوله بماذا علم بحضورها ) عبارة شرح الروض إذا كانت حاضرة ، وإلا فهو كعروض ريح بعد فتح الزق . ا هـ وظاهره الاكتفاء بحضورها ، وإن لم يعلم به ( قوله : وإلا ) شامل لحضورها ( قوله أو أطلق بهيمة وبجانبها حب إلخ ) لم يزد في شرح الروض على نقله في هذا عن الماوردي والروياني أنه لا ضمان ثم فرق بينه وبين ما اقتصر عليه الروض من الضمان في فتح وعاء الحب ونقله أصله عن [ ص: 13 ] فتاوى القفال ( قوله ويجري ذلك في حل رباط البهيمة إلخ ) عبارة الروض وشرحه وحل رباط البهيمة والعبد المجنون ، وفتح باب مكانهما كما صرح به أصله كفتح القفص فيما ذكر . ا هـ وقد يؤخذ منه أنه لو كسرت البهيمة حال خروجها باب المكان أو إناء هناك ضمنه الفاتح وهو محتمل ، وعليه فقوله في شرح الروض بعد ذلك وقد صرح هو أي الروياني كالماوردي بأنه لو حل رباط بهيمة فأكلت علفا وكسرت إناء لم يضمن سواء اتصل ذلك بأكل أم لا ؛ لأنها المتلفة يمكن أن لا يخالف ذلك بأن يفرق بين حل الرباط وفتح الباب وقد يفرق بين الطير والبهيمة ؛ لأن للطير عادة عند الفتح من الهيجان المؤثر ما ليس للبهيمة ويفرق بين إتلاف الباب الذي فتح والإناء الذي عنده وبين الإتلاف مع الحل ؛ لأن الخروج مؤثر في الباب وما عنده ما لا يؤثر مجرد الحل فيما هناك ، وقياس هذا أنه لو أتلف الطائر قارورة خارج القفص فلا ضمان . فالمسألتان سواء على هذا ( قوله فأمره إنسان بإطلاقه من يده فأطلقه ) فينظر هل يطير عقب إطلاقه أو لا كذا في شرح الروض عن الماوردي والروياني .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( فطار إلخ ) ، ولو طار فصدمه جدار فمات أو كسر في خروجه قارورة القفص ضمن مغني وروض ( قوله إجماعا ) إلى قوله كذا أطلقاه في المغني وإلى قوله وقد يفرق في النهاية ( قوله حتى طار ) كما قاله القاضي قال أو كان القفص مفتوحا فمشى إنسان على بابه ففزع الطائر وخرج ضمن مغني ونهاية ( قوله فقتلته ) ، وإن لم تدخل القفص ولم يعهد ذلك كما بحثه شيخنا . ا هـ مغني ( قوله وقيده السبكي إلخ ) عبارة النهاية وهو مقيد كما قال السبكي بما إذا علم إلخ . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله بما إذا علم إلخ ) ظاهر كلام شرح الروض الاكتفاء بحضورها ، وإن لم يعلم به . ا هـ سم ( قوله : وإلا إلخ ) شامل لحضورها . ا هـ سم ( قوله بأن الإتلاف قد يقصد من هرة إلخ ) يعني قد يقصد الفاتح بالفتح مع عدم حضور هرة إتلافا ناشئا من هرة تمر بعد على القفص وهو مفتوح ( قوله ويتجه إن علمه إلخ ) أقره سم وع ش ( قوله كحضورها ) أي وعلمه به

                                                                                                                              ( قوله أو أطلق إلخ ) عطف على فتح قفصا إلخ وجرى النهاية والمغني [ ص: 13 ] وشرح الروض على عكس ما في الشرح عبارتهم واللفظ للأول ، ولو حل رباطا عن علف في وعاء فأكلته في الحال بهيمة ضمن ولا ينافيه تصريح الماوردي بأنه لو حل رباط بهيمة فأكلت علفا أو كسرت إناء لم يضمن سواء اتصل ذلك بالحل أم لا ؛ لأن انتفاء الضمان في تلك لعدم تصرفه في التالف بل في المتلف عكس ما هنا . ا هـ قال ع ش قوله م ر رباط بهيمة أي لغيره ولعل عدم الضمان هنا مع ضمان صاحبها إذا أرسلها في وقت جرت العادة بحفظها فيه أن المطلق لها هنا لا يد له عليها ولا استيلاء حتى يضمن ما تولد من فعلها بخلاف المالك فإن عليه حفظ ما في يده فإرساله لها تقصير . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لإشعاره ) إلى قول المتن والأيدي في النهاية والمغني ( قوله لإشعاره إلخ ) أي الطيران في الحال ( قوله ومحل قولهم إلخ ) رد لدليل المرجوح عبارة المغني والثاني يضمن مطلقا ؛ لأنه لو لم يفتح لم يطر ، والثالث لا يضمن مطلقا ؛ لأن له قصدا واختيارا والفاتح متسبب والطائر مباشر والمباشرة مقدمة على السبب . ا هـ

                                                                                                                              ( قوله ويجري ذلك ) أي تفصيل فتح القفص أي نظيره ( قوله في حل رباط بهيمة إلخ ) أي خرجت وضاعت ، ولو خرجت البهيمة عقب فتح الباب فأتلفت زرعا أو غيره لم يضمنه الفاتح كما جزم به ابن المقري ، وإن جزم في الأنوار بخلافه إذ لا يلزمه حفظ بهيمة غيره عن ذلك ، ولو وقف على جداره طائر فنفره لم يضمنه ؛ لأن له منعه من جداره ، وإن رماه في الهواء ، ولو في هواء داره فقتله ضمنه إذ ليس له منعه من هواء داره ، ولو فتح حرزا فأخذ غيره ما فيه أو دل عليه اللصوص فلا ضمان عليه لعدم ثبوت يده على المال ، وتسيبه بالفتح في الأولى قد انقطع بالمباشرة نعم لو أخذ غيره بأمره وهو غير مميز أو أعجمي يرى طاعة آمره ضمنه دون الآخذ ، ولو بنى دارا فألقت الريح فيها ثوبا وضاع لم يضمنه ؛ لأنه لم يستول عليه نهاية ومغني قال ع ش قوله : لأن له منعه من جداره ، فلو اعتاد الطائر النزول على جدار غيره وشق منعه كلف صاحبه منعه بحبسه أو قص جناح له أو نحو ذلك ، وإن لم يتولد عن الطائر ضرر بجلوسه على الجدار ؛ لأن من شأن الطير تولد النجاسة منه بروثه ويترتب على جلوسه منع صاحب الجدار منه لو أراد الانتفاع به قوله ، ولو بنى دارا إلخ ، البناء ليس بقيد وقوله لم يضمنه أي حيث لم يتمكن من إعلام صاحبه ولم يعلمه ، وإلا ضمن . ا هـ كلام ع ش

                                                                                                                              ( قوله ومثلها قن إلخ ) أي في حل القيد وفتح الباب ، ولو اختلف المالك والفاتح في أنه خرج عقب الفتح أو تراخى عنه فينبغي تصديق الفاتح ؛ لأن الأصل عدم الضمان . ا هـ ع ش ( قوله لا عاقل ) عبارة المغني بخلاف الرقيق العاقل ولو كان آبقا ؛ لأنه صحيح الاختيار فخروجه عقب ما ذكر يحال عليه . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فأمره إنسان بإطلاقه ) أي فأطلقه فينظر هل يطير عقب إطلاقه أو لا كذا في شرح الروض عن الماوردي والروياني . ا هـ سم




                                                                                                                              الخدمات العلمية