الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( و ) التقاط ( الصبي ) والمجنون والمحجور عليه بسفه ؛ لأن المغلب فيها معنى الاكتساب لا الأمانة والولاية وبهذا يتبين ما في قول الأذرعي المراد بالفاسق من لا يوجب فسقه حجرا عليه في ماله ( و ) التقاط المرتد و ( الذمي ) والمعاهد والمستأمن ( في دار الإسلام ) وإن لم يكن عدلا في دينه [ ص: 320 ] على الأوجه لذلك وخرج بها دار الحرب ففيها تفصيل مر ( ثم الأظهر ) بناء على صحة التقاط الفاسق ومثله فيما يأتي الكافر قال الأذرعي إلا العدل في دينه ( أنه ينزع ) الملتقط ( من الفاسق ) وإن لم يخش ذهابه به ( ويوضع عند عدل ) ؛ لأن مال والده لا يقر في يده فأولى غيره والمتولي للوضع والنزع القاضي كما هو معلوم ( و ) الأظهر ( أنه لا يعتد بتعريفه ) كالكافر ( بل يضم إليه رقيب ) عدل يراقبه عند تعريفه .

                                                                                                                              وقال جمع بل يعرف معه وذلك لئلا يفرط في التعريف فإذا تم التعريف تملكها قال الماوردي وأشهد عليه الحاكم بغرمها إذا جاء صاحبها ومؤنته عليه وكذا أجرة المضموم إليه حيث لم يكن في بيت المال شيء وله بعد التعريف التملك ولو ضعف الأمين عنها لم تنزع منه بل يعضده الحاكم بأمين يقوى به على الحفظ والتعريف ( وينزع ) وجوبا ( الولي لقطة الصبي ) والمجنون والسفيه لحقه وحق المالك وتكون يده نائبة عنه ويستقل بذلك [ ص: 321 ] ( ويعرف ) ويراجع الحاكم في مؤنة التعريف ليقترض أو يبيع له جزءا منها وكان الفرق بين هذا وما يأتي أن مؤنة التعريف على المتملك وجوب الاحتياط لمال الصبي ونحوه ما أمكن ولا يصح تعريف الصبي والمجنون قال الدارمي إلا إن كان الولي معه والأذرعي إلا إن راهق ولم يعرف بكذب بخلاف السفيه الغير الفاسق فإنه يصح تعريفه ؛ لأنه يوثق بقوله دونهما ( ويتملكها للصبي ) أو نحوه ( إن رأى ذلك ) مصلحة له وذلك ( حيث يجوز الاقتراض له ) ؛ لأن تملكها كالاستقراض فإن لم يره حفظها أو سلمها للقاضي الأمين ( ويضمن ) في مال نفسه ولو الحاكم فيما يظهر خلافا للزركشي ومن تبعه ( إن قصر في انتزاعه ) أي الملتقط من المحجور ( حتى تلف ) أو أتلف ( في يد الصبي ) أو نحوه لتقصيره كما لو ترك ما احتطبه حتى تلف أو أتلف ثم يعرف التالف أما إذا لم يقصر بأن لم يشعر بها فأتلفها نحو الصبي ضمنها في ماله دون الولي وإن تلفت لم يضمنها أحد وللولي وغيره أخذها منه التقاطا ليعرفها ويتملكها ويبرأ الصبي حينئذ من ضمانها

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله والتقاط الصبي والمجنون ) بحيث كان لهما نوع تمييز كما بحثه بعضهم وهو ظاهر شرح م ر وعبارة شرح الروض وشرط الإمام في صحة التقاط الصبي التمييز قال الأذرعي ومثله المجنون ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله والتقاط المرتد ) كذا في الروض ( قوله في المتن والذمي ) كذا في الروض وسكت الشارح عن الحربي وقال الزركشي وخرج بالذمي الحربي وفي الناشري وافهم إطلاق المصنف أن الكافر يجوز التقاطه مطلقا وذاك خاص بالذمي وربما شرط فيه العدالة في دينه قال الأذرعي وهل المعاهد والمستأمن إذا جاءنا كالذمي لم أر فيه نقلا وهذا إذا كان في دار الإسلام وأما في دار الحرب فإن كان فيها مسلم فلقطة وإلا ففيء أو غنيمة أو كله للواجد أو أربعة أخماسه أو خمسه لأهل الفيء فيه خلاف قاله البغوي ا هـ وفي شرح المتفقهين لشيخنا الإمام العارف البكري ولقطة الحربي بدار الإسلام لا يملكها ومن أخذها منه عرفها كغيرها ولقطة المرتد كالحربي ا هـ وانظر ما ذكره في المرتد مع [ ص: 320 ] ما ذكره الشارح كالروض فيه ( قوله على الأوجه ) اعتمده م ر .

                                                                                                                              ( قوله لذلك ) أي ؛ لأن الغالب فيها معنى الاكتساب إلخ ش ( قوله ففيها تفصيل مر ) أي أول الباب وقضيته أن ما التقطه الذمي منها وقد دخل بلا أمان غنيمة مخمسة وفيه نظر ( قوله فيما يأتي ) يشمله قوله وإنه لا يعتد بتعريفه فيرجع إليه أيضا ما نقله عن الأذرعي فليحرر ( قوله في المتن وأنه لا يعتد بتعريفه ) أي وحده ( قوله فإذا تم التعريف تملكها ) هذا يشكل في المرتد بل ينبغي توقف تملكه على عوده إلى الإسلام فليراجع ( قوله ومؤنته عليه ) وكذا أجرة المضموم إليه حيث لم يكن في بيت المال شيء كذا شرح م ر وفي الروض وتنزع اللقطة منهم أي الذمي والفاسق والمرتد إلى عدل قال في شرحه قال في الأنوار وأجرة العدل في بيت المال ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ومؤنته عليه إلخ ) هل شرطه كون الالتقاط للتملك وإلا فعلى ما يأتي في الذمي وهل يصح التقاطه للحفظ أو لا ؛ لأنه ليس من أهله وقد جعل الزركشي محل الصحة في الفاسق والكافر والصبي إذا التقطوا للتملك قال وأما لقطة الحفظ فالظاهر امتناعها عليهم واختصاصها بالمسلم الأمين لكن في العباب ما يدل على صحة التقاطهم للحفظ حيث قال الثاني أي من الأركان اللاقط وهو مكتسب لا ولي فتصح من ذمي في دارنا ومن فاسق ومرتد وتنزع منهم إلى عدل ويضم إليهم مشرف عدل في التعريف وأجرتها من بيت المال إلا إن أرادوا التملك فهي عليهم .

                                                                                                                              وإذا تم التعريف فإن تملكوها أخذوها من العدل وأشهد عليهم القاضي وإلا بقيت معه ا هـ وانظر قوله فهي عليهم مع قول الشارح حيث لم يكن إلخ وعلى ما قاله الزركشي من عدم صحة التقاطهم للحفظ فمن أخذها منهم فهو الملتقط كما هو ظاهر ( قوله وله بعد التعريف التملك ) ما هذا مع فإذا تم إلخ ( قوله والتعريف ) فيه [ ص: 321 ] أن الأمين لا يعرف ( قوله في المتن ويعرف ) قال في الروض لا من مال الصبي بل يرفع إلى القاضي قال في شرحه ليبيع جزءا منها لمؤنة التعريف ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ويراجع الحاكم في مؤنة التعريف إلخ ) ظاهره وإن التقط للتملك وسيأتي بل الكلام في صحة التقاط نحو الصبي للحفظ ( قوله أن مؤنة إلخ ) بدل من ما ( قوله والأذرعي إلا إن راهق إلخ ) ظاهر كلامهم خلافه م ر ( قوله فإن لم يره حفظها إلخ ) فليس له أخذها لنفسه ( قوله ولو الحاكم ) اعتمده م ر ( قوله وإن تلفت لم يضمنها أحد ) وإن تلفت بتقصير ( قوله وللولي وغيره أخذها منه إلخ ) كذا في الناشري وهو مشكل مع صحة التقاط الصبي إلا أن يحمل هذا على الصبي غير المميز أو على ما إذا لم ير له المصلحة لكن قد يخالف هذا قوله فإن لم يره حفظها أو سلمها للقاضي الأمين فليتأمل ثم رأيت م ر في شرحه قال وللولي وغيره أخذها من غير المميز إلخ



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله والتقاط الصبي والمجنون ) حيث كان لهما تمييز كما بحثه بعضهم في الثاني وهو ظاهر ا هـ نهاية عبارة المغني وشرح الروض وشرط الإمام في صحة التقاط الصبي التمييز قال الأذرعي ومثله المجنون ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وبهذا ) أي التعليل ( قوله والتقاط المرتد ) عبارة المغني أما المرتد فترد لقطته على الإمام وتكون فيئا إن مات مرتدا فإن أسلم فحكمه كالمسلم ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله والذمي إلخ ) خرج به الحربي إذا وجدها في دار الإسلام فإنها تنزع منه بلا خلاف أي ومن أخذها منه كان له تعريفها وتملكها كما هو ظاهر كلامهم ا هـ مغني وفي سم عن شيخه البكري مثله قال

                                                                                                                              [ ص: 320 ] ع ش والظاهر عدم صحة التقاط نحو الذمي للمصحف ؛ لأن صحته تستدعي جواز تملكه وهو ممنوع منه قال ويؤيد ما يأتي في التقاط الأمة التي تحل له من الامتناع ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله على الأوجه ) اعتمده م ر ا هـ سم ( قوله لذلك ) أي ؛ لأن المغلب فيها معنى الاكتساب إلخ ش ا هـ سم ( قوله تفصيل مر ) أي في أول الباب قال الرشيدي الذي مر بالنسبة للمسلم أنه إذا وجده بدار حرب ليس فيها مسلم وقد دخلها بغير أمان فغنيمة أو بأمان فلقطة فانظره بالنسبة للذمي ونحوه وراجع باب قسم الفيء والغنيمة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فيما يأتي ) يشمل قوله وأنه لا يعتد بتعريفه أي وحده ا هـ سم ( قوله إلا العدل في دينه ) أي فلا تنزع منه ا هـ ع ش ( قوله ؛ لأن مال ) إلى قول المتن والأظهر بطلان إلخ في المغني إلا قوله وكان الفرق إلى خلاف السفيه وقوله وللولي إلى المتن ( قوله القاضي ) أي فإن لم يفعل ذلك أثم وقياس ما مر في قوله ولا يضمن وإن أثم بالترك عدم الضمان وقياس ما يأتي من ضمان ولي الصبي حيث لم ينتزع منه ولو حاكما الضمان وقد يفرق بين الفاسق والصبي ولعل هذا أي الفرق أقرب ا هـ ع ش قول المتن ( لا يعتد بتعريفه ) أي وحده ا هـ سم عبارة ع ش أي مستقلا بدليل قوله بل يضم إلخ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وقال جمع إلخ ) اعتمده المغني ( قوله كالكافر ) هذا مجرد تأكيد لقوله السابق ومثله فيما يأتي الكافر ( قوله تملكها ) عبارة النهاية فللملتقط التملك ا هـ زاد المغني وإذا لم يتملكها تركت بيد الأمين ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وأشهد عليه ) أي وجوبا ا هـ ع ش ( قوله ومؤنته ) أي التعريف مغني و ع ش ( قوله عليه ) أي الملتقط ولو غير فاسق ا هـ ع ش ( قوله حيث لم يكن إلخ ) لعل الأولى حيث تعذر أخذها من بيت المال لفلسه أو جور متوليه ثم هذا القيد خاص بأجرة المضموم ولذا غير الشارح الأسلوب بقوله وكذا إلخ بخلاف مؤنة التعريف فإنها على الواجد الفاسق ابتداء كغير الفاسق وينبغي أنه إن توقف الإشهاد على مؤنة أن يكون كمؤنة المضموم والله أعلم ا هـ سيد عمر وقوله ثم هذا القيد إلى قوله وينبغي في ع ش مثله وفي المغني ما يوافقه ( قوله وله بعد التعريف التملك ) مكرر مع قوله فإذا تم التعريف تملكها ( قوله ولو ضعف الأمين إلخ ) عبارة المغني ولو كان الملتقط أمينا لكنه ضعيف لا يقدر على القيام بها لم تنزع إلخ ( قوله بل يعضده إلخ ) أي وجوبا و ( قوله بأمين إلخ ) قياس ما مر في أجرة الرقيب أن الأجرة هنا على الملتقط إن لم يكن في بيت المال شيء ا هـ ع ش أقول : وقد يفرق .

                                                                                                                              ( قوله وجوبا ) إلى الفصل في النهاية ( قوله والسفيه ) عبارة النهاية والمحجور عليه بالسفه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لحقه ) أي [ ص: 321 ] الثابت له شرعا بمجرد الالتقاط حيث كان مميزا لما يأتي أن غير المميز لا حق له ا هـ ش وإفراد ضمير لحقه وما بعده إما لرعاية المتن وإما بتأويل المحجور أو من ذكر من الصبي والمجنون والسفيه ( قوله ويراجع الحاكم إلخ ) ما الحكم عند فقده أو فقد عدالته ثم رأيت الشارح فيما سيأتي في بيان التقاط ما يسرع فساده ذكر عقب قول المصنف فإن شاء باعه ما نصه بإذن الحاكم إن وجده أي ولم يخف منه عليه كما هو ظاهر وإلا استقل به فيما يظهر انتهى فيحتمل أن يقال بنظيره هنا ا هـ سيد عمر ( قوله وكان الفرق إلخ ) الأولى أن يقول وهذا مستثنى من كون مؤنة التعريف على المتملك لوجوب الاحتياط إلخ ( قوله إن مؤنة إلخ ) بيان لما يأتي ( قوله قال الدارمي إلخ ) عبارة النهاية نعم صرح الدارمي بصحة تعريف الصبي بحضرة الولي وهو قياس ما مر في الفاسق مع المشرف وما بحثه الأذرعي من صحة تعريف المراهق إلخ مخالف لكلامهم ا هـ قال ع ش قوله م ر نعم صرح الدارمي إلخ معتمد ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله والأذرعي إلخ ) ظاهر كلامهم خلافه م ر ا هـ سم ( قوله إلا إن راهق إلخ ) أي من غير ضم أحد إليه ا هـ ع ش ( قوله فإنه يصح تعريفه ) ولا بد من إذن وليه كما قاله الزركشي ا هـ خطيب وظاهر إطلاق الشارح م ر أي والتحفة أنه لا يتوقف على إذن الولي ويوجه بأن إذن الولي إنما يعتبر فيما فيه تفويت على السفيه ومجرد تعريفه لا تفويت فيه وهو طريق إلى تملكه ففيه مصلحة له ا هـ ع ش ( قوله دونهما ) أي الصبي والمجنون قول المتن ( حيث يجوز إلخ ) أي بأن كان ثم ضرورة للاقتراض ا هـ ع ش ( قوله حفظها إلخ ) فليس له أخذها لنفسه ا هـ سم قول المتن ( ويضمن ) أي الولي ( قوله ولو الحاكم ) وفاقا للنهاية والمغني ( قوله أو أتلف ) ببناء المفعول عبارة المغني حتى تلف في يد الصبي ومن ذكر معه أو أتلفه كل منهم ا هـ وهي أحسن ( قوله كما لو ترك ما احتطبه إلخ ) أي فإنه يضمنه للصبي ا هـ ع ش ( قوله ثم يعرف التالف إلخ ) عبارة المغني والروض مع شرحه ويعرف التالف المضمون ويتملك للصبي ونحوه القيمة وهذا بعد قبض الحاكم لها أما ما في الذمة فلا يمكن تملكه لهم ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ضمنها في ماله إلخ ) أي فلو ظهر مالكها وادعى أن الولي علم بها وقصر في انتزاعها حتى أتلفها الصبي أي أو تلف في يده صدق الولي في عدم التقصير ؛ لأن الأصل عدم العلم وعدم الضمان ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله وإن تلفت لم يضمنها أحد ) عبارة النهاية والمغني وإن لم يتلفها لم يضمنها أحد وإن تلفت بتقصير ولو لم يعلم الولي بها حتى كمل الآخذ فهو كما لو أخذها حال كماله سواء استأذن الحاكم فأقرها في يده أم لا كما هو أحد وجهين للصيمري يتجه ترجيحه ا هـ . قال ع ش قوله م ر بتقصير ظاهره وإن كان الملتقط مميزا وظاهر قوله ويبرأ الصبي حينئذ من ضمانها خلافه فإن التعبير بنفي الضمان عنه يشعر بضمانها لو تلفت في يده إلا أن يقال المراد بنفي الضمان عنه الضمان المتوقع بإتلافه لها أو الضمان المتعلق بوليه وقوله سواء استأذن أي نحو الصبي بعد كماله ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أخذها منه إلخ ) كذا في الناشري وهو مشكل مع صحة التقاط الصبي إلا أن يحمل هذا على الصبي غير المميز ثم رأيت م ر في شرحه قال أخذها من غير المميز إلخ ا هـ سم




                                                                                                                              الخدمات العلمية