الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو آجر عبده ثم أعتقه ) أو وقفه مثلا أو أمته ثم استولدها ثم مات ( فالأصح أنها ) أي القصة في ذلك ( لا تنفسخ الإجارة ) لأن نحو العتق لم يصادف إلا رقبة مسلوبة المنافع لا سيما والأصح أنها تحدث على ملك المستأجر وخرج بثم أعتقه ما لو علق عتقه بصفة ثم آجره ثم وجدت الصفة أثناء مدة الإجارة فإنها تنفسخ لسبق استحقاق العتق على الإجارة ومثله ما لو آجر أم ولده ثم مات كما اقتضاه كلامهما هنا واعتمده السبكي وغيره ( و ) الأصح ( أنه ) أي الشأن ( لا خيار للعبد ) في فسخ الإجارة بعد العتق وفارق عتق الأمة تحت عبد بأن سبب الخيار وهو نقصه موجود ولا سبب للخيار هنا لما تقرر أن المنافع تحدث مملوكة للمستأجر ( والأظهر أنه لا يرجع على سيده بأجرة ما ) أي المنافع التي تستوفى منه ( بعد العتق ) إلى انقضاء المدة لتصرفه في منافعه حين كان يملكها بعقد لازم كما لو زوج أمته ثم أعتقها بعد الوطء لا شيء لها فيما يستوفيه الزوج ولما مر أن المنافع ملك المستأجر ونفقته في بيت المال ثم على مياسير المسلمين وأفهم فرضه الكلام فيما إذا آجره ثم أعتقه أنه لا يرجع بشيء على وارث أعتق قطعا إذ لم ينقض ما عقده [ ص: 199 ] وأنه لو أقر بعتق قبل الإجارة غرم له بعد مضيها أجرة مثله لتعديه بها ولو فسخت الإجارة بعد العتق بعيب ملك منافع نفسه كما في الروضة وإن أطال الإسنوي في رده ( تنبيه )

                                                                                                                              سيذكر في الوقف أن إجارته لا تنفسخ بزيادة الأجرة ولا بظهور طالب بالزيادة ولا يختص ذلك بالوقف لجريانها بالغبطة في وقتها كما لو باع مال موليه ثم زادت القيمة أو ظهر طالب بالزيادة .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله أي القصة في ذلك ) يجوز أيضا رجوع الضمير للإجارة ويكون قوله الإجارة من الإظهار في موضع الإضمار ( قوله لا سيما والأصح أنها ) أي المنافع ش ( قوله وخرج بثم أعتقه إلخ ) ظاهر فإن الانفساخ فرع الانعقاد أي انعقاد الإجارة ثم تنفسخ إذا وجدت وظاهره وإن علم عند العقد وجود الصفة في أثناء المدة وهو ظاهر تشبيههم هذه المسألة بمسألة بلوغ الصبي بالسن في أثناء المدة وعبارة الروض وشرحه وكذا المعلق عتقه بالصفة التي لا يعلم وقوعها في المدة حكمه حكم البطن الأول فيما تقرر فيه لكن وجودها يعني وجود الصفة التي يعلم وقوعها في المدة كبلوغ الصبي بالسن فيها فلا يؤجر مدة توجد الصفة فيها كما لا يؤجر الصبي مدة يبلغ فيها بالسن وكالمعلق عتقه بصفة المدبر ا هـ وقال قبل ذلك فرع وإن أجر الولي الطفل أو ماله مدة يبلغ في أثنائها بالسن مضت إجارته بمعنى أنا نتبين بطلانها في الزائد على مدة البلوغ إلخ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ومثله ما لو آجر أم ولده ثم مات إلخ ) بقي ما لو آجر أم ولده ثم أعتقها وينبغي [ ص: 199 ] أن لا تنفسخ إلا بالموت أيضا ( قوله وأنه لو أقر ) أي بعد الإجارة ( قوله غرم له إلخ ) ولا يقبل قوله في فسخها م ر ( قوله ملك منافع نفسه إلخ ) اعتمده م ر وفي شرحه والمتجه فيما لو أوصى بمنافع عبد لزيد وبرقبته لآخر فرد زيد الوصية رجوع المنافع للورثة ا هـ .

                                                                                                                              ( فرع )

                                                                                                                              آجر نحو داره ثم وقفها ثم انفسخت الإجارة فلمن المنافع الباقية فيه تردد ويتجه أنها للواقف دون الموقوف عليه ولو مسجدا بخلافه في مسألة العتق ثم رأيت أن شيخنا الشهاب الرملي أفاد أنها للواقف م ر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله أو وقفه ) إلى قوله كما لو زوج أمته في النهاية وكذا في المغني إلا قوله أي القصة في ذلك وقوله واعتمده السبكي وغيره ( قوله مثلا ) أي أو باعه ا هـ مغني ( قوله أي القصة إلخ ) يجوز أيضا رجوع الضمير للإجارة ويكون قوله الإجارة من الإظهار في موضع الإضمار ا هـ سم ( قوله لا سيما والأصح ) الأخصر لأن الأصح ( قوله أنها ) أي المنافع ( قوله أم ولده ) ومثلها مدبره ا هـ نهاية ( قوله ثم مات إلخ ) بقي ما لو آجر أم ولده ثم أعتقها وينبغي أن لا تنفسخ إلا بالموت أيضا سم على حج ا هـ ع ش ( قوله نقصه ) أي العبد ( قوله بعقد لازم ) متعلق بقوله لتصرفه ( قوله فيما يستوفيه الزوج ) أي في استمتاعه بعد العتق ا هـ سيد عمر ( قوله ولما مر ) عطف على لتصرفه إلخ ( قوله ونفقته ) إلى قوله وإن أطال في النهاية والمغني ( قوله في بيت المال إلخ ) لأن السيد قد زال ملكه عنه وهو عاجز عن تعهد نفسه ا هـ مغني

                                                                                                                              ( قوله إذ لم ينقض إلخ ) عبارة المغني وهو كذلك ؛ لأنه لم يعقد عليه [ ص: 199 ] عقد ثم نقضه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وأنه لو أقر ) أي بعد الإجارة ( قوله قبل الإجارة ) متعلق بعتق أو نعت له وهو الأولى ( قوله غرم له ) عبارة المغني والنهاية عتق ولم يقبل قوله في بطلان الإجارة ويغرم للعبد إلخ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لتعديه إلخ ) عبارة المغني وهو كذلك كما نقلاه عن الشيخ أبي علي وأقراه وكما لا تنفسخ الإجارة بطرو الحرية لا تنفسخ بطرو الرقية فلو استأجر مسلم حربيا فاسترق أو استأجر منه دارا في دار الحرب ثم ملكهما المسلمون لم تنفسخ الإجارة ا هـ ( قوله ولو فسخت إلخ ) وإن آجر دارا بعبد ثم قبضه وأعتقه ثم انهدمت فالرجوع بقيمته ا هـ مغني ( قوله ملك منافع نفسه ) أي ويرجع المستأجر بقسط ما بقي على السيد أو الوارث ا هـ ع ش ( قوله كما في الروضة ) والمتجه فيما لو أوصى بمنفعة عبد لزيد وبرقبته لآخر فرد زيد الوصية رجوع المنافع للورثة فلو آجر داره ثم وقفها ثم فسخت الإجارة رجعت للواقف كما أفاده الوالد رحمه الله تعالى شرح م ر ا هـ سم قال ع ش قوله رجعت للواقف أي ويرجع المستأجر بقسط ما بقي على الواقف ا هـ . ( قوله ولا يختص ذلك إلخ ) أي عدم الانفساخ بما ذكر و ( قوله لجريانها ) أي الإجارة متعلق بقوله لا تنفسخ إلخ و ( قوله ولا يختص إلخ ) جملة معترضة و ( قوله في وقتها ) أي الإجارة متعلق بالجريان




                                                                                                                              الخدمات العلمية