الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ومن أسر أو فقد وانقطع خبره ترك ماله حتى تقوم بينة بموته أو تمضي مدة ) من ولادته ( يغلب على الظن ) وفي بعض النسخ إسقاط على ويغلب إما بضم الفوقية وتشديد اللام أو بفتح التحتية وتخفيف اللام فالرابط محذوف أي بسببها ومعنى تغليبها الظن تقويتها له بحيث يصير قريبا من العلم فلا يكفي أصل الظن ( أنه لا يعيش فوقها ) ولا تتقدر [ ص: 422 ] بشيء على الصحيح ( فيجتهد القاضي ويحكم بموته ) ؛ لأن الأصل بقاء الحياة فلا يورث إلا بيقين أو ما نزل منزلته ومنه الحكم ؛ لأنه إن استند إلى المدة فواضح أو إلى العلم وإن لم تمض مدة فهو منزل منزلة البينة المنزلة منزلة اليقين ( ثم ) بعد الحكم بموته ( ويعطى ماله من يرثه وقت الحكم ) بأن يستمر حيا إلى فراغ الحكم فمن مات قبله أو معه لم يرثه وكلام البسيط الموهم خلاف ذلك مؤول هذا إن أطلق فإن قيدته البينة أو قيده هو في حكمه بزمن سابق اعتبر ذلك الزمن ومن كان وارثه حينئذ ولا تتضمن قسمة الحاكم الحكم بموته إلا إن وقعت بعد رفع إليه ؛ لأن الأصح أن تصرف الحاكم ليس بحكم إلا إذا كان في قضية رفعت إليه وطلب منه فصلها ويعلم مما تقرر أنه لا يكفي مضي المدة وحدها بل لا بد معه من الحكم وقول بعضهم لا يحتاج معها إليه لقولهم في قن انقطع خبره بعد هذه المدة لا تجب فطرته ولا يجزئ عن الكفارة اتفاقا ولم يذكروا هنا الحكم انتهى فيه نظر بل لا يصح ؛ لأن ما هنا أمر كلي يترتب عليه مصالح ومفاسد عامة فاحتيط له أكثر .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله وفي النسخ إسقاط على إلخ ) فيه أمران الأول أن قوله فالرابط محذوف مما لا محل له ؛ لأنه إن أراد رابط المبتدأ وهو من لم يصح ؛ لأن رابطه موجود في خبره وهو ترك ماله وفيما تعلق به من الغاية ؛ لأن ضمير بموته راجع إليه وضمير يعش راجع إليه أيضا وإن أراد رابط الموصوف وهو مدة لم يصح أيضا ؛ لأن رابطها موجود في صفتها وهي يغلب إلخ ؛ لأن ضمير فوقها راجع للمدة والثاني أنه كما احتاج إلى بيان المعنى على هذه النسخة فهو محتاج إلى بيانه على الأولى فإنه ما معنى الغلبة على الظن وما معنى على على هذا فكان ينبغي بيانه أيضا بل هو أحوج إلى البيان ويمكن حمل على على معنى في والمعنى يكون الغالب في الظن أنه لا يعيش فوقها وملخصه أن يكون المظنون [ ص: 422 ] أنه لا يعيش فوقها ( قوله وقت الحكم ) قال غيره أو قيام البينة وعبارة المنهج وحينئذ قال في شرحه أي وحين قيام البينة أو الحكم انتهى وهو صريح في أنه لا يحتاج مع البينة إلى حكم فيكون قوله فيجتهد القاضي ويحكم خاصا بمضي المدة لكن لا بد في البينة من نحو قبول القاضي ؛ لأنها بمجردها لا يعول عليها ( قوله إلى فراغ الحكم فمن مات إلخ ) قد يقال كان قياس ذلك أن يقول المصنف من يرثه عقب الحكم ( قوله ليس بحكم إلا إذا كان إلخ ) اعتمده م ر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن ترك ماله ) أي وقف ماله ولم يقسم إن كان له مال وأريد الإرث منه ا هـ مغني ( قول المتن تغلب على الظن ) أراد المصنف بغلبة الظن نفس الظن كما قاله بعض المحققين وإنما عبروا بهذه العبارة للتنبيه على أن الغلبة أي الرجحان مأخوذ في ماهية الظن ا هـ مغني أقول هذا كلام ينبغي أن يكتب بماء العين فإني طالما كنت أستشكل هذه العبارة وخلاصة استشكالها أنا لا نشك أن بين الشك واليقين مراتب متفاوتة لكن من راجع وجد أنه وأنصف من نفسه أخواته اعترف أنه لا سبيل إلى تحصيل أمارة تميز له ما يسمى ظنا مما يسمى غلبة ظن مع الإذعان بما سلف من أن ثم مراتب متفاوتة في القوة آخذة في الترقي فيها إلى أن ينتهي لمرتبة اليقين فتأمله إن كنت من أهله سيد عمر ا هـ ابن الجمال ( قوله فالرابط إلخ ) راجع إلى الثاني فقط ولا موقع للتفريع ( قوله محذوف ) فيه أنه إن أراد به رابط المبتدأ وهو من لم يصح ؛ لأن رابطه موجود في خبره وكذا فيما تعلق به من الغاية ؛ لأن ضمير بموته وضمير يعيش راجعان إليه أيضا وإن أراد رابط الموصوف وهو مدة لم يصح أيضا ؛ لأن رابطها موجود في صفتها وهي يغلب إلخ ؛ لأن ضمير فوقها راجع للمدة ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله ومعنى تغليبها الظن إلخ ) أي على النسخة الأولى ولم يبين معنى الغلبة على الثانية ولا معنى على عليها ويمكن حمل على على معنى في المعنى والمعنى يكون الغالب في الظن أنه لا يعيش فوقها وملخصه أن يكون المظنون أنه لا يعيش فوقها ا هـ سم أقول هذا الملخص إنما يناسب ما مر عن المغني دون قول الشارح فلا يكفي إلخ ( قوله ولا تتقدر ) إلى قوله وقول بعضهم في المغني إلا قوله بعد الحكم بموته وقوله بأن يستمر حيا [ ص: 422 ] إلى فراغ الحكم وقوله أو معه ( قوله بشيء ) ، وقيل تقدر بسبعين سنة ، وقيل بثمانين ، وقيل بتسعين ، وقيل بمائة ، وقيل بمائة وعشرين ا هـ مغني وشرح البهجة ( قول المتن فيجتهد القاضي إلخ ) خرج به المحكم فليس له ذلك ؛ لأنه يشترط لصحة حكمه رضا الخصمين والمفقود لا يتصور منه الرضا ا هـ ع ش ( قوله ومنه ) أي ما نزل منزلة اليقين ( قوله إلى العلم ) أي علم القاضي أي إذا كان مجتهدا ( قوله فهو ) أي الحكم المستند إلى العلم ( قول المتن ثم يعطي ماله إلخ ) أي وتعتد زوجته وتتزوج بعد انقضاء عدتها ا هـ شرح الروض .

                                                                                                                              ( قول المتن وقت الحكم ) قال غيره أو قيام البينة وعبارة شرح المنهج حين قيام البينة أو الحكم انتهت وهي صريحة في أنه لا يحتاج مع البينة إلى حكم فيكون قوله فيجتهد القاضي ويحكم إلخ خاصا بمضي المدة لكن لا بد في البينة من نحو قبول القاضي لها ؛ لأنها بمجردها لا يعول عليها سم ورشيدي زاد ابن الجمال وعبارة الإمداد قضيته أنه عند قيامها لا يحتاج للحكم بالموت بل يكفي الثبوت المجرد وقضية عبارة أصله خلافه وكلام الشيخين وغيرهما يوافق الأول وعبارة فتح الجواد ولا يحتاج بعد ثبوتها أي بالبينة إلى الحكم به على الأوجه انتهت ا هـ أقول وكعبارة شرح المنهج عبارة المغني بل قول الشارح كالنهاية فهو منزل منزلة البينة وقوله فإن قيدته البينة إلخ وقوله ويعلم مما تقرر أنه لا يكفي إلخ كل منها يفيد مفادها ( قوله إلى فراغ الحكم إلخ ) قد يقال كان قياس ذلك أن يقول المصنف من يرثه عقب الحكم ا هـ سم ويعلم جوابه مما يأتي عن شرح البهجة ( قوله قبله إلخ ) أي الحكم وفراغه .

                                                                                                                              ( قوله وكلام البسيط إلخ ) هو قوله يرثه من كان حيا قبيل الحكم ( قوله مؤول ) أي أوله السبكي بما حاصله حمل كلام البسيط على من استمر حيا إلى فراغ الحكم حتى لو مات مع الحكم لا يرث فقول الأصحاب الموجودين وقت الحكم أي وقت الفراغ منه فلا خلاف بينهما ا هـ شرح البهجة ( قوله هذا ) أي قول المصنف وقت الحكم أي وقول غيره وقت الحكم أو قيام البينة ( قوله إن أطلق ) ببناء المفعول أي الحكم عبارة المغني إذا أطلق الحكم فإن أسنده إلى ما قبله لكون المدة زادت على ما يغلب على الظن أنه لا يعيش فوقه وحكم بموته من تلك المدة السابقة فينبغي أن يعطي من كان وارثا له ذلك الوقت وإن كان سابقا على الحكم ومثل الحكم في ذلك البينة بل أولى ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أو قيده هو ) أي القاضي ( قوله اعتبر ذلك الزمن إلخ ) أي وتضاف سائر الأحكام إلى ذلك الزمن وعليه فلو كانت زوجاته منقضية العدة باعتبار ذلك الوقت تزوجن حالا ا هـ ع ش ( قوله ومن كان إلخ ) عطف على ذلك الزمن ( قوله بعد رفع إليه ) أي وطلب الفصل منه ( قوله ليس بحكم ) اعتمده م ر أي والمغني ا هـ سم ( قوله مما تقرر ) يعني قوله ، ثم بعد الحكم بموته يعطى إلخ عبارة المغني أفهم كلامه أنه لا بد من اعتبار حكم الحاكم فلا يكفي إلخ ( قوله وحدها ) الأولى التذكير ( قوله بل لا بد معه من الحكم ) أي حتى لو تعذر الرفع إلى القاضي أو امتنع من الحكم إلا بدراهم ولم تدفعها المرأة ولا غيرها لم يجز لها التزوج قبل الحكم ا هـ ع ش ( قوله معها ) أي مع المدة أي مضيها .




                                                                                                                              الخدمات العلمية