الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو مات الآبق ) أو تلف المردود ( في بعض الطريق ) أو مات المالك قبل تسلمه ( أو هرب ) كذلك أو غصب كذلك أو خاط نصف الثوب فاحترق أو بنى بعض الحائط فانهدم ، ولو بلا تفريط من الباني أو لم يتعلم الصبي لبلادته ( فلا شيء للعامل ) لتعلق الاستحقاق بالرد أو الحصول ولم يوجد وإنما استحق أجير لحج مات أثناءه قسط ما عمل لانتفاع المحجوج عنه بثواب ما عمله ، ولو لم يجد المالك ولا وكيله سلمه للحاكم فإن فقد أشهد واستحق أي وإن مات أو هرب بعد ذلك ويجري ذلك في تلف سائر محال الأعمال ومحله في غير الأخيرة أعني عدم تعلم الصبي كما استفيد من المتن وغيره حيث لم يقع العمل مسلما للمالك فإن وقع مسلما له وظهر أثره على المحل كأن مات صبي حر أثناء التعليم استحق أجرة ما مضى من المسمى لما تقرر أن العمل وقع مسلما بالتعليم مع ظهور أثر العمل على المحل بخلاف رد الآبق إذا هرب من الأثناء وكذا الإجارة ومن [ ص: 379 ] ثم لو نهب الحمل أو غرق أثناء الطريق لم يجب القسط ؛ لأن الحمل لم يقع مسلما للمالك ولا ظهر أثره على المحل بخلاف ما إذا ماتت الدابة أو نهبت والمالك حاضر أما القن فيشترط تسليمه للسيد أو وقوع التعليم بحضرته أو في ملكه ( وإذا رده فليس له حبسه لقبض الجعل ) ؛ لأنه إنما يستحق بالتسليم ولا حبس قبل الاستحقاق وعلم منه بالأولى أنه لا يحبسه أيضا لما أنفقه عليه بالإذن .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله في المتن ولو مات الآبق إلخ ) .

                                                                                                                              ( فرع )

                                                                                                                              لو رد الآبق لإصطبل المالك وعلم به كفى كنظيره من العارية وغيرها م ر .

                                                                                                                              ( فرع )

                                                                                                                              آخر في شرح الروض ، ولو أعتق عبده قبل رده قال ابن الرفعة يظهر أن يقال لا أجرة للعامل إذا رده بعد العتق وإن لم يعلم لحصول الرجوع ضمنا أي فلا أجرة لعمله بعد العتق تنزيلا لإعتاقه منزلة فسخه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أو مات المالك قبل تسلمه ) أي ولم يسلمه لوارثه أخذا مما تقدم في قوله أي رد العامل لوارث المالك ( قوله كأن مات صبي حر ) خرج الرقيق أي لأن وقوع تعليمه مسلما إنما يكون إذا كان بحضرة المالك أو في ملكه ثم رأيت الشارح صرح بذلك ( قوله بخلاف رد الآبق إذا هرب من الأثناء ) إن كان المراد ، ولو بعد تسليمه [ ص: 379 ] للمالك فهو مشكل إلا أن يوجه بأن العمل لم يظهر أثره على المحل ولا يخفى ما فيه والظاهر أن هذا غير مراد ثم رأيت ما قدمته في قول المتن فرده من أقرب منه أنه لو رأى المالك في نصف الطريق فدفعه له استحق النصف ( قوله بخلاف ما إذا ماتت الدابة أو نهبت والمالك حاضر ) اشترط حضوره ليقع العمل مسلما لكن قياس قوله بعده أما القن فيشترط تسليمه للسيد أو وقوع التعليم بحضرته أو في ملكه أنه يكفي هنا تسليم الحمل للمالك إذا لم يكن حاضرا فيكون الشرط حضور المالك أو تسليمه الحمل بعد موت الدابة وظاهر ذلك استحقاق القسط حينئذ وإن تلف الحمل بعد ذلك وهو مشكل لاشتراطهم في استحقاق القسط وقوع العمل مسلما وظهور أثره على المحل كما قال في الروض وشرحه وإن تلف ثوب استؤجر لخياطته ، وقد خاط الأجير نصفه مثلا استحق النصف من المسمى هذا إن كان العمل في ملك المستأجر أو بحضرته ؛ لأنه حينئذ يقع العمل مسلما وإلا فلا يستحق شيئا كما مر ذلك في فصل استؤجر في قصارة ثوب لا إن تلفت جرة حملها الأجير نصف الطريق فلا يستحق شيئا من الأجرة والفرق أن الخياطة تظهر على الثوب فوقع العمل مسلما بظهور أثره والحمل لا يظهر أثره على الجرة فعلم مما تقرر أنه يشترط في وجوب القسط وقوع العمل مسلما وظهور أثره على المحل ا هـ .

                                                                                                                              فإن هذا الكلام مصرح بأنه لا بد في استحقاق القسط من ظهور أثر العمل على المحل وبأن الحمل لا يظهر أثره وبأنه لا يجب القسط في مسألة الجرة وإن كان المالك معها ؛ لأن كونه معها غايته أنه يوجب وقوع العمل مسلما وذلك لا يكفي بل لا بد معه من ظهور أثر العمل ولم يظهر بصريح قوله والحمل لا يظهر أثره بل قوله أن الخياطة تظهر على الثوب فوقع العمل مسلما يقتضي عدم وقوع العمل مسلما في مسألة الجرة لاقتضائه أن العمل لا يقع مسلما إلا إن كان مما يظهر أثره ولا خفاء في أن الحمل لا يظهر أثره فكيف يجب القسط بل حمل الجرة من أفراد الحمل بل لا يتأتى فرق بين أن يكون المحمول جرة وأن يكون غير جرة فوجوب القسط في مسألة الحمل يخالف ما قالوه في مسألة الجرة من عدم وجوب شيء وما قالوه من اشتراط ظهور الأثر على المحل من [ ص: 380 ] تصريحهم بأن الحمل مما لا يظهر أثره وتصوير الروض المسألة بالتلف يقتضي أنه محل الاستحقاق حتى لو لم يتلفه لا يستحقه إلا إن تمم العمل وقياسه عدم الاستحقاق في مسألتنا إذا لم يتلف الحمل ووجهه عدم وجوب المشروط وهو تمام العمل مع إمكانه لكن في الروض وشرحه فيما لو غير الناسخ ترتيب الكتاب أنه إن لم يمكن البناء سقطت الأجرة وإن أمكن استحق بالقسط وقضية ذلك عدم توقف استحقاق القسط في مسألتنا على تلف المحل بل شرح الروض مصرح بذلك هنا فإنه لما قال الروض وشرحه وإن خاط نصف الثوب فاحترق أو تركه أو بنى بعض الحائط فانهدم أو تركه أو لم يتعلم الصبي لبلادته فلا شيء له . قال في شرحه ومحله فيما عدا الأخيرة إذا لم يقع العمل مسلما وإلا فله أجرة ما عمله بقسطه من المسمى إلخ فقوله ومحل إلخ بعد قوله أو تركه صريح في وجوب القسط مع عدم التلف ومع الترك فليتأمل ( قوله وعلم منه بالأولى إلخ ) وقد يفرق بأن النفقة بالإذن استقرت مطلقا .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( ولو مات الآبق إلخ ) أي بغير قتل المالك له أما إذا قتله المالك فيستحق العامل القسط كما لو فسخ المالك ا هـ مغني ( قوله أو تلف المردود إلخ ) .

                                                                                                                              ( فرع )

                                                                                                                              لو رد الآبق لإصطبل المالك وعلم به كفى كنظيره من العارية وغيرها م ر ا هـ سم على حج ا هـ ع ش ( قوله أو تلف المردود ) إلى الخاتمة في النهاية إلا قوله والمالك حاضر ( قوله أو مات المالك قبل تسلمه ) أي ولم يسلمه لوارثه أخذا مما تقدم في قوله أي رد العامل لوارث المالك ا هـ سم وفي أكثر النسخ أو بباب المالك كما في النهاية كذلك ( قوله قبل تسلمه ) راجع لكل من الموت والتلف ( قوله أو غصب كذلك ) أو ترك أي المردود العامل ورجع بنفسه نهاية ومغني ( قوله فاحترق ) أي وهو في يده أي الخياط ا هـ ع ش ( قوله ولم يوجد ) الأولى التثنية لأن أو العاطفة للتنويع ( قوله ولو لم يجد ) أي العامل ( قوله سلمه للحاكم ) واستحق الجعل ا هـ نهاية فيدفعه له الحاكم من مال الملتزم إن كان وإلا بقي في ذمته ع ش ( قوله بعد ذلك ) أي التسليم للحاكم والإشهاد عند فقده ( قوله ويجري ذلك ) أي عدم لزوم شيء للعامل عند نحو موت الآبق ( قوله ومحله ) أي عدم اللزوم فيما ذكر في المتن والشرح ( قوله ومحله ) إلى قوله بخلاف رد الآبق في المغني .

                                                                                                                              ( قوله حيث لم يقع العمل مسلما ) أي بأن لم يكن بحضرة المالك ، ومن كونه بحضرته حضوره في بعض العمل وأمره به ا هـ ع ش ( قوله كأن مات إلخ ) وكأن تلف الثوب الذي خاط بعضه أو الجدار الذي بنى بعضه بعد تسليمه إلى المالك استحق أجرة ما عمل أي بقسطه من المسمى ا هـ نهاية ( قوله حر ) سيذكر محترزه ( قوله لما تقرر أن العمل إلخ ) وفي الشامل أنه لو خاط نصف الثوب ثم احترق وهو في يد المالك استحق نصف المشروط انتهى ا هـ نهاية قال ع ش قوله وهو في يد المالك أي بأن سلمه له بعد خياطة نصفه أو خاطه ببيت المالك وإن لم يكن بحضرته حيث أحضره لمنزله ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله إذا هرب من الأثناء ) أي قبل تسليمه للمالك لما قدمته في [ ص: 379 ] قول المتن فرده من أقرب إلخ من أنه لو رأى المالك في نصف الطريق فدفعه له استحق النصف ا هـ سم أي ولقول الشارح كذلك عقب قول المصنف أو هرب ( قوله ومن ثم ) أي من أجل أنه يعتبر في وجوب القسط وقوع العمل مسلما للمالك وظهور أثره على المحل ( قوله بخلاف ما إذا ماتت الدابة إلخ ) أو انكسرت السفينة مع سلامة المحمول كما أفتى بذلك الوالد رحمه الله تعالى ا هـ نهاية قال ع ش قوله م ر مع سلامة المحمول أي سواء كان المالك حاضرا أو غائبا كما شمله إطلاقه وفي حج التقييد بكون المالك حاضرا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله والمالك حاضر ) اشترط حضوره ليقع العمل مسلما لكن قياس قوله بعده أما القن إلخ أنه يكفي هنا تسليم الحمل للمالك إذا لم يكن حاضرا فيكون الشرط حضور المالك أو تسليم الحمل له بعد موت الدابة وظاهر ذلك استحقاق القسط حينئذ وإن تلف الحمل بعد ذلك وهو مشكل لاشتراطهم في استحقاق القسط وقوع العمل مسلما وظهور أثره على المحل ثم ما قالوه من اشتراط ظهور الأثر على المحل مع تصريحهم بأن الحمل مما لا يظهر أثره ، وتصوير الروض المسألة بالتلف يقتضي أنه محل الاستحقاق حتى لو لم يتلف لا يستحق إلا إن تمم العمل وقياسه عدم الاستحقاق في مسألتنا إذا لم يتلف الحمل ووجهه عدم وجود الشرط وهو تمام العمل مع إمكانه لكن كلام شرح الروض مصرح بعدم توقف استحقاق القسط في مسألتنا على تلف الحمل فإنه لما قال الروض وإن خاط نصف الثوب فاحترق أو تركه أو بنى بعض الحائط فانهدم أو تركه أو لم يتعلم الصبي لبلادته فلا شيء له قال في شرحه ومحله فيما عدا الأخيرة إذا لم يقع العمل مسلما وإلا فله أجرة ما عمله بقسطه من المسمى إلخ فقوله ومحله إلخ بعد قوله أو تركه صريح في وجوب القسط مع عدم التلف ومع الترك فليتأمل ا هـ سم بحذف ( قوله تسليمه للسيد ) وهل مثل تسليم المعلم عود العبد بنفسه على ما جرت به العادة في كل يوم إلى سيده أو لا بد من تسليم الفقيه بنفسه أو نائبه فيه نظر والظاهر الأول و ( قوله أو في ملكه ) كأن يعلمه في بيت السيد ا هـ ع ش ( قوله لأنه إنما يستحق ) إلى الخاتمة في المغني إلا قوله أو جنسه .




                                                                                                                              الخدمات العلمية