الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( والأيدي المترتبة ) بغير تزوج ( على يد الغاصب ) الضامن ، وإن كانت في أصلها أمانة كوديعة ووكالة بأن وكله في الرد ( أيدي ضمان ، وإن جهل صاحبها الغصب ) [ ص: 14 ] لأنه وضع يده على ملك غيره بغير إذنه والجهل إنما يسقط الإثم ؛ لأنه من خطاب التكليف لا الضمان ؛ لأنه من خطاب الوضع فيطالب أيهما شاء نعم الحاكم وأمينه لا يضمنان بوضع يدهما للمصلحة ، وكذا من انتزعه ليرده لمالكه من يد غير ضامنة وهي يد قنه أو حربي دون غيرهما مطلقا كما قالاه لكن رجح السبكي الوجه القائل بعدم الضمان إذا كان معرضا للضياع والغاصب بحيث تفوت مطالبته ظاهرا واستثنى البغوي من الجهل ما لو غصب عينا ودفعها لقن الغير ليردها لمالكها فتلفت في يده فإن جهل العبد ضمن الغاصب فقط وإلا تعلق برقبته وغرم المالك أيهما شاء أما لو زوج غاصب المغصوبة لجاهل بغصبها فتلفت عند الزوج بغير الولادة منه فلا يضمنها ؛ لأن الزوجة من حيث هي زوجة لا تدخل تحت يد الزوج وبهذا يندفع إيراد هذه على المتن ( ثم إن علم ) الثاني بالغصب ( فكغاصب من غاصب فيستقر عليه ضمان ما تلف عنده ) ويطالب بكل ما يطالب به الأول لصدق حد الغصب عليه نعم لا يطالب بزيادة قيمة حصلت في يد الأول فقط بل المطالب بها هو الأول ويبرأ الأول لكونه كالضامن لتقرر الضمان على الثاني بإبراء المالك للثاني ولا عكس ( وكذا إن جهل ) الثاني الغصب ( وكانت يده في أصلها يد ضمان كالعارية ) والبيع والقرض ، وكذا الهبة ، وإن كانت يده ليست يد ضمان ؛ لأنه دخل على الضمان فلا تغرير من الغاصب وفي الهبة أخذ للتملك ( وإن كانت يد أمانة ) بغير اتهاب ( كوديعة فالقرار على الغاصب ) ؛ لأنه دخل على أن يده نائبة عن الغاصب فإن غرم الغاصب لم يرجع عليه ، وإن غرم هو رجع على الغاصب ومثله ما لو صال المغصوب على شخص [ ص: 15 ] فأتلفه كما مر آنفا ويد الالتقاط ولو للتملك قبله كيد الأمانة وبعده كيد الضمان .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : وإن كانت ) أي الأيدي ش ( قوله بأن وكله في الرد ) هل محل ذلك إذا علم أخذا من استثناء البغوي الآتي أو يفرق بين الحر والقن ثم ظاهر قوله بأن وكله في الرد ، وإن كان ذلك لعجز عن الرد بنفسه ، وفيه نظر ( قوله [ ص: 14 ] من يد غير ضامنة ) ينبغي أو من غير يد مطلقا كأن وجده آبقا فأخذه ليرده ( قوله : و إلا تعلق برقبته وغرم المالك أيهما شاء ) فيه نظر شرح م ر ( قوله بغير الولادة منه ) ، وإلا فيضمنها كما لو أولد أمة غيره بشبهة وماتت بالولادة فإنه يضمنها على الأصح كما قاله الرافعي في الرهن شرح م ر ( قوله : وإن كانت يده ليست يد ضمان ) خلافا لما دلت عليه عبارة الروض م ر ( قوله في المتن كوديعة ) ينبغي أو وكالة ( قوله ومثله ما لو صال إلخ ) قضيته ضمان [ ص: 15 ] الشخص المذكور ، وإن كان القرار على الغاصب ، وفيه نظر فليراجع فإن الوجه أنه غير مراد ( قوله قبله ) أي التملك ش .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله بغير تزوج ) إلى قوله لكن رجح في النهاية .

                                                                                                                              ( قوله الضامن ) أخرج به ما لو كان غاصبا لاختصاص فلا يتأتى فيه ما سيأتي . ا هـ رشيدي أقول : وكذا أخرج ما سيذكره الشارح بقوله : وكذا من انتزعه إلخ ( قوله وإن كانت ) أي الأيدي و ( قوله أمانة ) أي أيدي أمانة ا هـ مغني ( قوله بأن وكله في الرد ) ظاهره ، وإن كان ذلك لعجز عن الرد بنفسه وفيه نظر ا هـ سم قول المتن ( ، وإن جهل صاحبها إلخ ) أي أو أكره على [ ص: 14 ] الاستيلاء على المغصوب فإذا تلف في يده كان طريقا في الضمان وقرار الضمان على المكره له كما لو أكره غيره على إتلاف مال فأتلفه فإن كلا طريق في الضمان ، والقرار على المكره بالكسر ومن ذلك جواب حادثة وقع السؤال عنها وهي أن شخصا غصب من آخر فرسا وأكره آخر على الذهاب بها إلى محلة كذا فتلفت وهو عدم ضمان المكره بالفتح بل هو طريق في الضمان فقط ومنه أيضا ما يقع في قرى الريف من أمر الشاد مثلا لأتباعه بإحضار بهائم الفلاحين للاستعمال في زرعه أو غيره بطريق الظلم وهو أنه إن أكره تابعه على إحضار بهائم عينها كان كل طريقا في الضمان والقرار على الشاد ، وإن لم يحصل إكراه أو أكرهه على إحضار بعض الدواب بلا تعيين للمحضرة فأحضر له شيئا منها ضمنه لاختياره في الأول ولأن تعينه للبعض في الثاني وإحضاره له اختيار منه أيضا . ا هـ ع ش

                                                                                                                              ( قوله : لأنه وضع ) إلى قوله لكن رجح في المغني ( قوله نعم الحاكم وأمينه ) وهل مثلهما أصحاب الشوكة من مشايخ البلدان والعربان أو لا ؟ فيه نظر وعبارة الأذرعي في القوت الحكام وأمثالهم إلخ وهل تشمل هي ما ذكر في مشايخ البلدان إلخ حيث عدل عن نوابهم إلى التعبير بأمثالهم . ا هـ ع ش وفيه ميل إلى الشمول وهو الظاهر فليراجع .

                                                                                                                              ( قوله لا يضمنان ) أي وأما الغاصب فلا يبرأ إلا بالرد للمالك ومحل ذلك إذا كان الحاكم وأمينه هما الطالبان للأخذ وأما لو رد الغاصب بنفسه عليهما فينبغي براءته بذلك لقيام الحاكم مقام المالك في الرد عليه من الغاصب لكن قضية قول شارح الروض ويستثنى الحاكم ونائبه ؛ لأنهما نائبان عن المالك . ا هـ أقول وهكذا قضية صنيع الشارح والنهاية والمغني أن الغاصب يبرأ مطلقا . ا هـ ع ش أيضا ( قوله للمصلحة ) كحفظه لمالكه الغائب ( قوله من يد غير ضامنة إلخ ) ينبغي أو من غير يد مطلقا كأن وجده آبقا فأخذه ليرده . ا هـ سم ( قوله قنه ) أي المالك ( قوله دون غيرهما مطلقا إلخ ) عبارة المغني والنهاية لا غيرهما ، وإن كان معرضا للضياع كما في الروضة وأصلها في باب اللقطة خلافا للسبكي فيما إذا كان معرضا للضياع . ا هـ

                                                                                                                              ( قوله والغاصب بحيث إلخ ) أي وكان الغاصب إلخ ( قوله واستثنى ) إلى المتن في النهاية ( قوله فإن جهل العبد ضمن الغاصب فقط وتعلق إلخ ) فيه نظر . ا هـ نهاية أي فيما قاله البغوي ولعله بالنظر لما لو جهل القن إلخ ووجه النظر أن العبد ، وإن كان أمينا لكونه وكيلا عن الغاصب في الرد فحقه أن يكون طريقا في الضمان ، والقرار على الغاصب والمتبادر من كلام البغوي نفي الضمان مطلقا ويمكن الجواب بأن مراد البغوي بقوله ضمن الغاصب أن عليه القرار . ا هـ ع ش ( قوله بغير الولادة إلخ ) وإلا فيضمنها كما لو أولد أمة غيره بشبهة وماتت بالولادة فإنه يضمنها على الأصح كما قاله الرافعي في الرهن نهاية ومغني ( قوله فلا يضمنها ) أي لا يضمن عينها إذا تلفت لكن يجب عليه المهر وأرش البكارة إن وطئها للشبهة . ا هـ ع ش ( قوله : لأن الزوجة من حيث هي زوجة إلخ ) وحينئذ فما صنعه في شرح المتن من استثناء التزوج من وضع اليد مشكل إلا أن يكون استثناء منقطعا رشيدي وع ش .

                                                                                                                              ( قوله الثاني الغصب ) إلى قوله ، ولو كان المغصوب في النهاية والمغني ( قوله ويطالب بكل ما يطالب إلخ ) ولا يرجع على الأول إن غرم ويرجع عليه الأول إن غرم . ا هـ مغني ( قوله كالضامن ) أي عن الثاني ( قوله بإبراء المالك ) متعلق بقوله ويبرأ إلخ . ا هـ رشيدي ( قوله ولا عكس ) أي ؛ لأن الثاني كالأصيل وهو لا يبرأ ببراءة الضامن . ا هـ ع ش ( قوله والبيع إلخ ) أي والسوم نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله لأنه دخل إلخ ) تعليل لما قبل وكذا ، وقوله وفي الهبة إلخ تعليل لما بعده قول المتن ( كوديعة ) أي وقراض نهاية ومغني ووكالة سم ( قوله ومثله ما لو صال إلخ ) قضيته ضمان الشخص المذكور ، وإن كان القرار على الغاصب وفيه [ ص: 15 ] نظر فليراجع فإن الوجه أنه غير مراد . ا هـ سم عبارة الحلبي ومقتضى التشبيه أنه أي المصول عليه يكون طريقا في الضمان وليس كذلك وعبارة ع ش قوله ومثله أي في عدم ضمان المصول عليه . ا هـ فالضمير لأخذ المغصوب الجاهل الذي يده أمينة بتقدير مضاف أي مثل حكمه وهو عدم استقرار الضمان عليه ، وإن كان هذا لا يطالب . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فأتلفه ) أي أتلف الشخص المصول عليه المغصوب الصائل . ا هـ ع ش وفي المغني ، فلو كان هو المالك لم يبرأ الغاصب . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله كما مر آنفا ) لعله أراد به ما ذكره في شرح ولو أتلف مالا في يد إلخ من قوله ومهدر بنحو ردة أو صيال أتلف إلخ وفيه تأمل إذ ما ذكر إنما هو في إتلافه في يد المالك لا في يد الغاصب كما هنا ولعل لهذا نظر فيه الرشيدي بقوله انظر أين مر . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ويد الالتقاط إلخ ) عبارة المغني ، ولو ضاع المغصوب من الغاصب فالتقطه إنسان جاهل بحاله فإن أخذه للحفظ أو مطلقا فهو أمانة وكذا إن أخذه للتملك ولم يتملك فإن تملكه صارت يده يد ضمان . ا هـ

                                                                                                                              ( قوله قبله ) أي التملك . ا هـ ع ش ( قوله كيد الأمانة ) خبر ويد الالتقاط .




                                                                                                                              الخدمات العلمية