الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وكون المؤجر قادرا على تسليمها ) أي المنفعة بتسليم محلها حسا وشرعا والمستأجر قادرا على تسلمها كذلك أخذا مما مر في البيع ليتمكن المستأجر منها ومن القادر على التسليم [ ص: 132 ] المقطع فإن أقطع رقبتها صحت إجارته اتفاقا أو منفعتها فكذلك كما أفتى به المصنف ؛ لأنه مستحق للمنفعة وإن جاز للسلطان الاسترداد كما أن للزوجة إيجار الصداق قبل الدخول وإن كان متعرضا لزواله عنها إلى الزوج بانفساخ النكاح ، لكن خالفه علماء عصره محتجين بأنه لم يملك المنفعة بل أن ينتفع فهو كالمستعير والزوجة ملكت ملكا تاما قال الزركشي والحق أن الإمام إذا أذن له في الإيجار أو جرى به عرف عام كديار مصر صح وإلا امتنع ا هـ ، وبه يعلم أنه معتمد لعدم ملكه المنفعة وتوجه صحة إيجاره مع ذلك في الأخيرة بأن اطراد العرف بذلك منزل منزلة الإذن من الإمام وحينئذ فقد يجمع بما قاله بين الكلامين .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله [ ص: 132 ] والحق أن الإمام إذا أذن إلخ ) أي مدخل للإذن أو اطراد العادة مع عدم ملك المنفعة ( قوله وتوجه صحة إيجاره إلخ ) كذا شرح م ر ( فرع )

                                                                                                                              في فتاوى السيوطي مسألة رجل استأجر من رجل أرضا إقطاعية ليزرعها مدة ثلاث سنين فمات المؤجر بعد سنتين وخلف ولدا فهل تنفسخ الإجارة أو تبقى لولد المؤجر ؟ الجواب : الأرض الإقطاعية في إجارتها كلام للعلماء حتى قال المحققون إنها لا تصح إجارتها ؛ لأنها بصدد أن ينزعها الإمام من المقطع ويقطعها غيره ، لكن الذي نختاره صحة إجارتها ومع ذلك لا نقول إنها كالأرض الموقوفة حتى إنه إذا مات البطن الأول وقد أجر الوقف بقي ؛ لأن البطن الثاني ينتقل إليه الوقف قطعا والإقطاع لا يتحقق انتقاله إلى الولد فقد يقطعه السلطان إياه وقد لا يقطعه ا هـ .

                                                                                                                              ( مسألة ) رجل سافر لبلاد السلطان في طلب مال الذخيرة فأعطوه حق طريقه فأخذ صحبته ثلاث مماليك في خدمته فأعطى كل واحد عشرة أشرفية فهل له أن يدعي على أحدهم بالمبلغ الذي أعطاه في نظير سفره معه وهل يلزمه أن يعطي من أخذ معه تسفيره ، الجواب يلزمه أن يعطي الذي أخذ معه تسفيره بشرط أن يشرط عليه ذلك أولا فإن سافر معه ولم يذكر له أجرة فلا شيء له ومتى أعطاه شيئا وقد شرطه له أولا أو لم يشرطه ولكن تبرع به فلا رجوع له به ا هـ

                                                                                                                              وأقول ينبغي التأمل في جواب هذه المسألة الثانية وتحريره فإن كان استأجر المماليك لخدمته احتيج إلى عقد المالكين أو إذنهم له ولا بد أن تكون الخدمة معلومة ولا يخفى أن التسفير أمر مجهول فإذا شرطه ينبغي الرجوع لأجرة المثل ، ولو لم يشترط [ ص: 133 ] أجرة ودفع له شيئا ثم ادعى أنه إنما دفع لظنه لزوم ذلك ينبغي أن له الرجوع بشرطه



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله أو المستأجر إلخ ) عطف على المؤجر إلخ و ( قوله كذلك ) أي حسا وشرعا ( قوله أخذا إلخ ) علة لزيادته أو المستأجر إلخ و ( قوله ليتمكن إلخ ) علة لما في المتن والشرح معا ( قوله منها ) أي المنفعة ( قوله ومن القادر على [ ص: 132 ] إلخ ) عبارة المغني والنهاية والقدرة على ذلك تشمل ملك الأصل وملك المنفعة فيدخل المستأجر فله إيجار ما استأجره وكذا للمقطع أيضا إجارة ما أقطعه له الإمام كما أفتى به المصنف ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله المقطع ) وهو ما أقطعه الإمام من أرض بيت المال لواحد من المستحقين ا هـ كردي أقول هذا التفسير وإن ناسب ما بعده لكن المناسب لما قبله وهو من أقطع له الإمام قطعة من أراضي بيت المال من المستحقين ( قوله فإن أقطع ) ببناء الفاعل وفاعله ضمير الإمام المعلوم من المقام أو ببناء المفعول ونائب فاعله قوله رقبتها ( قوله أو منفعتها ) عطف على رقبتها وضميرهما للمقطع المراد به الأرض التي أقطعها الإمام على ما مر عن الكردي أو لتلك الأرض المعلومة من المقام كما هو المناسب لقوله ومن القادر إلخ ( قوله وإن جاز للسلطان إلخ ) أي حيث أقطع إرفاقا فأما إقطاع التمليك فيمتنع على الإمام الرجوع فيه ا هـ ع ش ( قوله خالفه ) أي المصنف ( قوله قال الزركشي إلخ ) عبارة المغني والأولى كما قال الزركشي إلخ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله والحق أن الإمام إذا أذن إلخ ) أي مدخل للإذن أو اطراد العادة مع عدم ملك المنفعة ا هـ سم وقد يجاب بأن الإذن المذكور متضمن لتمليك المنفعة ( قوله وبه ) أي بقول الزركشي ( يعلم أنه ) أي خلاف العلماء للمصنف وهو المعتمد ا هـ كردي وهذا مبني على أن قول الشارح معتمد بفتح الميم ولام الجر للتعليل ويظهر أنه بكسرها واللام لمجرد التعدية والمعنى أن الزركشي معتمد لما قاله العلماء من أن المقطع لم يملك المنفعة وإنما أبيح له الانتفاع ( قوله وتوجه صحة إيجاره ) ( فرع )

                                                                                                                              في فتاوى السيوطي مسألة رجل استأجر من رجل أرضا إقطاعية ليزرعها مدة ثلاث سنين فمات المؤجر بعد سنتين وخلف ولدا فهل تنفسخ الإجارة أو تبقى لولد المؤجر ؟ الجواب الأرض الإقطاعية في إجارتها كلام للعلماء لكن الذي نختاره صحة إجارتها ومع ذلك لا نقول إنها كالأرض المملوكة حتى أنه إذا مات المؤجر تبقى الإجارة بل نقول بانفساخ الإجارة بموت كما إذا مات البطن الأول وقد أجر الوقف انتهى ا هـ سم والكلام كما مر عن ع ش ويأتي عن الرشيدي ويقتضيه المقام في إقطاع الإرفاق ( قوله مع ذلك ) أي عدم ملكه المنفعة ( قوله في الأخيرة ) أي في صورة جريان العرف العام بالإجارة ( قوله وحينئذ فقد يجمع ) الأولى وقد يجمع ( قوله فقد يجمع بما قاله إلخ ) سيأتي أن الراجح صحة إيجاره مطلقا والكلام في إقطاع الإرفاق إما إقطاع التمليك فيصح اتفاقا ا هـ رشيدي ( قوله بين الكلامين ) أي كلام المصنف بالصحة وكلام معاصريه بالبطلان .




                                                                                                                              الخدمات العلمية