الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وإذا وجد [ ص: 346 ] بلدي لقيطا ببلد ) أو قرية ( فليس له نقله ) ولو لغير نقلة كما نقلاه وأقراه وإن اعترضا ( إلى بادية ) لخشونة عيشها وفوات أدب الدين والدنيا ومن ثم لو قربت البادية من البلد أو القرية بحيث يحصل ذلك منها أي بلا كبير مشقة فيما يظهر لم يمنع ولو وجده ببلد لم ينقله لقرية وإن كانت أقل فسادا وقيل يراعى فينقله إليها لا منها والبادية خلاف الحاضرة وهي العمارة فإن قلت فقرية أو كثرت فبلد أو عظمت فمدينة أو كانت ذات زرع وخصب فريف ( والأصح أن له نقله ) من بلد وجد فيه ( إلى بلد آخر ) ولو للنقلة لعدم المحذور السابق لكن يشترط تواصل الأخبار وأمن الطريق وإلا امتنع ولو لدون مسافة القصر ( و ) الأصح ( أن للغريب إذا التقط ببلد أن ينقله إلى بلدة ) بالشرطين المذكورين فيما يظهر لما مر وحيث منع نزع من يده لئلا يسافر به بغتة ومن ثم بحث الأذرعي أنه لو التزم الإقامة ووثق منه بها أقر بيده وهذه مغايرة للتي قبلها خلافا لمن زعم اتحادهما لإفادة هذه أنه غريب بأحدهما فقط .

                                                                                                                              وصدق الأولى بما لو كان مقيما بهما أو بأحدهما أو غريبا عنهما نعم لو قال أولا ولو غريبا أفاد ذلك مع الاختصار ( وإن وجده ) بلدي ( ببادية آمنة فله نقله إلى بلد ) وإلى قرية ؛ لأنه أرفق به أما غير آمنة فيجب نقله إلى مأمن ولو مقصده وإن بعد ( وإن وجده بدوي ) وهو ساكن البدو ( ببلد فكالحضري ) فإن أقام به فذاك وإلا لم ينقله لأدون من محل وجوده ولو محلة من بلد اختلفت محلاتها فيما يظهر بل لمثله أو أعلى بالشرطين السابقين ( أو ) وجده بدوي ( ببادية أقر بيده ) لكن يلزمه نقله من غير آمنة إليها ( وقيل إن كانوا ينتقلون للنجعة ) بضم فسكون أي لطلب الرعي أو غيره .

                                                                                                                              ( لم يقر ) بيده ؛ لأن فيه تضييعا لنسبه والأصح أنه يقر ؛ لأن أطراف البادية كمحال البلد الواسعة والظاهر أنه من أهلها فيكون احتمال ظهور نسبه فيها أقرب من البلدة وعلم مما تقرر أن له نقله من بلد أو قرية أو بادية لمثله ولأعلى منه لا لدونه [ ص: 347 ] وأن شرط جواز النقل مطلقا أمن الطريق والمقصد وتواصل الأخبار واختبار أمانة اللاقط

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله ولو لغير نقلة ) قال في شرح الروض كتجارة وزيارة ( قوله وحيث منع ) أي كأن أراد النقل إلى ما منع من النقل إليه ( قوله وصدق الأولى إلخ ) هذا لا يمنع أن تلك تغني عن هذه بل يدل عليه نعم قد يغفل عن خصوص هذه ( قوله أو غريبا عنهما ) لا ينافيه قوله وإذا وجد بلدي لصدقه بما إذا وجد بغير بلده ولهذا قال ببلد ولم يقل ببلده ( قوله ؛ لأن أطراف البادية ) نظير البحث السابق في غيرها بقوله ولو محلة من بلد إلخ ( قوله وعلم مما تقرر إلخ ) كذا شرح م ر



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( بلدي ) أو قروي أو بدوي نهاية ومغني ( قوله ولو لغير نقلة ) كتجارة وزيادة ا هـ شرح الروض ( قوله ولو لغير نقلة ) يشمل ما إذا كان يرجع عن قرب فليراجع ا هـ رشيدي ( قوله فريف ) قضيته اعتبار العمارة في مسمى الريف وظاهر ما تقدم في باب المناهي خلافه إلا أن يقال تسميتها عمارة باعتبار صلاحيتها للزرع ونحوه ويؤيده ما في إحياء الموات من تسمية تهيئة الأرض للزراعة ونحوها عمارة إلا أن هذا الجواب يبعد جعله العمارة مقسما ا هـ ع ش عبارة المغني البادية خلاف الحاضرة ؛ لأن الحاضرة المدن والقرى والريف والقرية هي العمارة المجتمعة فإن كبرت سميت بلدا وإن عظمت سميت مدينة والريف هي الأرض التي فيها زرع وخصب ا هـ وهي كالصريحة في عدم اعتبار العمارة في مسمى الريف قول المتن ( والأصح أن له نقله إلى بلد آخر ) والنقل من بادية إلى بادية ومن قرية إلى قرية كالنقل من بلد إلى بلد ا هـ مغني ( قوله السابق ) أي في شرح إلى بادية ( قوله تواصل الأخبار ) أي على العادة ا هـ ع ش ( قوله وأمن الطريق ) والمقصد ا هـ شرح الروض عبارة ع ش قوله وأمن الطريق أراد بالطريق ما يشمل المقصد فلا ينافي في قوله الآتي وإن شرط جواز النقل إلخ حيث جعل الشروط هناك ثلاثة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله بالشرطين إلخ ) أي تواصل الأخبار وأمن الطريق ( قوله لما مر ) انظر ما مراده به ا هـ رشيدي أقول : هذا راجع للمتن فمراده به عدم المحذور السابق ( قوله وحيث منع إلخ ) عبارة المغني محل الخلاف في الغريب المختبر أمانته فإن جهل حاله لم يقر بيده قطعا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وحيث منع إلخ ) أي كأن أراد النقل إلى ما منع النقل إليه ا هـ سم ( قوله وهذه ) أي مسألة المتن ا هـ رشيدي ( قوله مغايرة إلخ ) إذ الثانية على ما ذكره أخص من الأولى فليس المراد بالمغايرة تباينهما ا هـ ع ش ( قوله لمن زعم إلخ ) وافقه المغني عبارته هذه المسألة لا حاجة لذكرها لدخولها في المسألة قبلها ا هـ ( قوله وصدق الأولى ) هذا لا يمنع أن تلك تغني عن هذه بل تدل عليه نعم قد يغفل عن خصوص هذه سم و ع ش قول المتن ( ببادية ) في حلة أو قبيلة ا هـ مغني ( قوله وإلى قرية ) إلى المتن في المغني قول المتن ( بدوي ) أو قروي ا هـ مغني ( قوله وهو ساكن البدو ) يقتضي أن البدو كالبادية اسم للمحل أو هو على تقدير مضاف أي محل البدو ا هـ سيد عمر ( قوله فإن أقام به إلخ ) عبارة المغني فإن أراد المقام به أقر بيده أو نقله إلى بلد أو بادية فعلى ما تقدم ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ولو محلته من بلد إلخ ) قد يناقش فيه بما تقدم من أنه يجوز نقله من البلد إلى البادية إذا قربت من البلد إذ قضيته جواز النقل من محلة إلى محلة أخرى مطلقا بقياس الأولى ؛ لأن الاختلاف بين المحلات وإن تفاوتت وتباينت لا يصل إلى رتبة الاختلاف بين البلد والبادية ا هـ سيد عمر وأشار ع ش إلى دفع المناقشة المذكورة بما نصه قوله ولو محلة من بلد إلخ لا ينافيه قوله السابق ومن ثم لو قربت البادية من البلد إلخ لإمكان حمل ما هنا على ما لو فحش الطرف المنقول إليه عن المنقول منه بحيث يحصل في العود إلى المنقول منه مشقة كبيرة ا هـ أقول : ويؤيد المناقشة قول الشارح الآتي ؛ لأن أطراف البادية كمحال البلد إلخ ( قوله لكن يلزمه نقله إلخ ) أي بأن ينتقل معه إلى الآمنة إن كانت مسكنه أو يقيم مقامه أمينا يتولى أمره في الآمنة إن كان مسكنه غيرها ا هـ ع ش ( قوله والظاهر أنه ) أي اللقيط ( من أهلها ) [ ص: 347 ] أي البادية ( قوله والمقصد ) لم يتقدم له ذكر في كلامه ا هـ رشيدي وتقدم عن ع ش الجواب بأن الشارح أراد فيما مر من بالطريق ما يشمل المقصد




                                                                                                                              الخدمات العلمية