الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو ازدحم اثنان على أخذه ) فأراده كل وهما أهل ( جعله الحاكم عند من يراه منهما أو من غيرهما ) إذ لا حق لهما قبل أخذه فلزمه فعل الأحظ له ( وإن سبق واحد فالتقطه منع الآخر من مزاحمته ) للخبر السابق من سبق إلى ما لم يسبق إليه فهو أحق به أما لو لم يلتقطه فلا حق له وإن وقف على رأسه ويتردد النظر فيما لو سبق بوضع يده على بدنه أو بجره على الأرض من غير أخذ له هل يثبت به حق أو لا وظاهر تعبيرهم بالأخذ يقتضي الثاني لكن الذي يتجه في الجر أنه كالأخذ ؛ لأن المدار على الاستيلاء وهو يحصل بالجر لا مجرد وضع اليد من غير أخذ ( وإن التقطاه معا وهما أهل ) لحفظه وحفظ ماله ( فالأصح أنه يقدم غني ) ويظهر ضبطه بغني الزكاة بدليل مقابلته بالفقير ( على فقير ) ؛ لأنه أرفق به غالبا وقد يواسيه بماله وبقولي غالبا اندفع ما للأذرعي وغيره ولا عبرة بتفاوتهم في الغنى إلا إن تميز [ ص: 345 ] أحدهما بنحو سخاء وحسن خلق على ما بحث ويقدم مقيم على ظاعن أي لمحل يمنع من نقله إليه وإلا استويا كذا قالوه ونازع فيه الأذرعي وغيره ( وعدل ) ولو فقيرا باطنا ( على مستور ) احتياط للقيط ولا يقدم مسلم على كافر في محكوم بكفره ولا امرأة على رجل وإن كانت أصبر منه على التربية قال الأذرعي بحثا إلا مرضعة في رضيع وبحثه تقديم بصير على أعمى وسليم على مجذوم أو أبرص ينافيه ما مر عنه أنه لا حق لهما بقيده فعلى أن لهما حقا يتجه ما قاله ( فإن استويا ) في الصفات المعتبرة وتشاحا ( أقرع ) بينهما إذ لا مرجح ولعدم ميله إليهما طبعا لم يخير المميز بينهما واجتماعهما مشق كالمهايأة بينهما وليس للقارع ترك حقه كالمنفرد بخلافه قبل القرعة

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله في المتن يقدم غني على فقير ) قال في شرح الإرشاد وإن كان الأول مستور العدالة والثاني معلومها على الأوجه انتهى قيل والأوجه خلافه ( قوله ويظهر ضبطه بغني الزكاة ) بخلاف ما يأتي في قول قام المسلمون بكفايته والفرق اختلاف المدرك م ر ( قوله ؛ لأنه أرفق به غالبا ) وقد يقال مطلق الغني أرفق به ( قوله ولا عبرة بتفاوتهما في الغني إلخ ) كذا شرح م ر وعبارة شرح الإرشاد للشارح ولا يقدم الأغنى [ ص: 345 ] على الغني خلافا لما يوهمه كلام الحاوي إلا إن كان أحدهما بخيلا والآخر جوادا فيقدم كما قدم الغني على الفقير ؛ لأن حظ الطفل عنده أكثر ويؤخذ منه أنه لو علم شح الغني شحا مفرطا قدم الفقير الذي ليس كذلك عليه ؛ لأن الحظ حينئذ عند الفقير أكثر انتهى وظاهر كلامهم خلاف هذا الأخير ( قوله وإلا استويا ) راجع شرح البهجة ( قوله في المتن وعدل على مستور ) صادق مع فقر العدل وغنى المستور وهو المتجه ؛ لأن مصلحة العدالة باطنا أرجح من مصلحة الغنى مع الستر إذ قد لا يكون عدلا في الباطن ويسترقه لعدم الديانة المانعة له ( قوله ولا يقدم مسلم على كافر ) هلا كان المسلم بالنسبة للكافر كالعدل بالنسبة للمستور لمزيد مزية عدالة المسلم كمزيد مزية العدل باطنا ( قوله قال الأذرعي إلخ ) اعتمده م ر ( قوله ينافيه ما مر عنه إلخ ) فيه أن هذا مطلق وذاك مقيد بمن يتعاهد بنفسه والمطلق لا ينافي المقيد لجواز حمله على ما انتفى عنه ذلك القيد فأين المنافاة لا سيما وقد قيد هذا بقوله كما في شرح الروض عنه إن قيل بأهليتهم للالتقاط فعلى [ ص: 346 ] هذا لا توهم للمنافاة



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله وهما أهل ) أي فلو كان أحدهما غير أهل فهو كالعدم فيستقل الأهل به فما في سم من أن الأهل له نصف الولاية ويعين الحاكم من يتولى النصف الآخر لا يخفى ما فيه ويؤيده أن الحق لا يثبت لأكثر من واحد ما سيأتي من أنهما لو تنازعا أقرع ولو كان الحق يثبت لأكثر من واحد شرك بينهما ا هـ ع ش قول المتن ( من يراه منهما ) قضيته أنه ليس له جعله تحت يدهما معا وعليه فقد يوجه بأن جعله تحت يدهما قد يؤدي إلى ضرر الطفل بتواكلهما في شأنه ا هـ ع ش أقول : وسيأتي في شرح فإن استويا أقرعا ما يصرح به ( قوله في الجر أنه كالأخذ ) الأولى أنه كالأخذ في الجر دون وضع اليد ( قوله لحفظه ) إلى قول المتن ونفقته في النهاية إلا قوله ويقدم مقيم إلى المتن وقوله وإن كانت أقل فسادا إلى والبادية وقوله ولو محلة إلى بل لمثله قول المتن ( يقدم غني على فقير ) قال في شرح الإرشاد وإن كان الأول مستور العدالة والثاني معلومها على الأوجه ا هـ قيل والأوجه خلافه ا هـ سم وسيأتي ما يتعلق به ( قوله بغني الزكاة ) ظاهره ولو كان غناه بكسب ولعله غير مراد وأن المراد هنا غني المال نظير ما مر في الوقف على الفقراء يدخل فيهم الغني بكسب ويشعر به قول الشارح وقد يواسيه إلخ نعم لو كان أحدهما كسوبا والآخر لا كسب له قدم ذو الكسب ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله ولا عبرة ) إلى قوله كذا قالوه في المغني إلا قوله على ما بحث ( قوله ولا عبرة بتفاوتهما إلخ ) عبارة شرح الإرشاد للشارح ويؤخذ منه أي التعليل بكون حظ الطفل عند الغني أكثر أنه لو علم شح الغني شحا مفرطا [ ص: 345 ] قدم الفقير الذي ليس كذلك عليه ؛ لأن الحظ حينئذ عند الفقير أكثر ا هـ وظاهر كلامهم خلاف هذا سم على حج ا هـ ع ش عبارة النهاية والمغني وظاهر أنه يقدم الغني على الفقير وإن كان الأول بخيلا ا هـ قال ع ش قوله م ر وإن كان الأول بخيلا ظاهره وإن أفرط في البخل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أحدهما ) أي الغنيين ( قوله ويقدم مقيم إلخ ) عبارة المغني لو ازدحم على أخذ لقيط ببلد أو قرية ظاعن إلى بادية أو قرية وآخر مقيم فالمقيم أولى ؛ لأنه أرفق به وأحوط لنسبه لا على ظاعن يظعن به إلى بلد أخرى بل يستويان بناء على أنه يجوز للمنفرد نقله إلى بلده كما سيأتي واختار المصنف تقديم قروي مقيم بالقرية على بلدي ظاعن ونقله عن ابن كج لكن منقول الأصحاب أنهما يستويان كما نقله هو تبعا للرافعي ا هـ قول المتن ( وعدل على مستور ) صادق مع فقر العدل وغني المستور وهو المتجه ؛ لأن مصلحة العدالة باطنا أرجح من مصلحة الغني إذ قد لا يكون عدلا في الباطن ويسترقه لعدم الديانة المانعة له سم على حج ا هـ ع ش عبارة البجيرمي قول وعدل باطنا ولو فقيرا على مستور ولو غنيا زيادي ومثله في سم عن م ر أولا ثم اعتمد م ر في مرة أخرى تقديم الغني المستور على الفقير العدل باطنا وهو الظاهر في شرح البهجة ع ش ا هـ .

                                                                                                                              وقد مر عن شرح الإرشاد ما يوافقه وأما تعليل سم خلافه بما مر آنفا فقد يمنع بأن المستور قد يكون عدلا عند الله دون العدل باطنا عبارة المغني ويقدم عدل باطنا بكونه مزكى عند حاكم على مستور أي عدل ظاهرا بأن لم يعلم فسقه ولم يعرف تزكيته عند حاكم أما العدل عند الله فلا يعلمه إلا الله ا هـ ( قوله ولا يقدم مسلم على كافر إلخ ولا امرأة على رجل ) كذا في المغني ( قوله قال الأذرعي إلخ ) عبارة النهاية إلا مرضعة في رضيع كما بحثه الأذرعي وإلا خلية فتقدم على المتزوجة كما بحثه الزركشي ا هـ قال ع ش ظاهره م ر وإن كان الزوج من عادته أن لا يأتي بيت زوجته إلا أحيانا أو كانت صنعته نهارا ولا يأتي زوجته إلا بعد حصة من الليل ؛ لأنه ربما صادف وقت مجيئه احتياج الطفل إلى من يقوم به وظاهره أيضا ولو بإذن الزوج ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وبحثه تقديم إلخ ) عبارة النهاية وما بحثه أي الأذرعي من تقديم إلخ صحيح حيث ثبت لهما الولاية بالشرط المار ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ينافيه ما مر عنه إلخ ) فيه أن هذا مطلق وذاك مقيد بمن يتعاهد بنفسه والمطلق لا ينافي المقيد لجواز حمله على ما إذا انتفى عنه ذلك القيد فأين المنافاة لا سيما وقد قيد هذا بقوله أي الأذرعي كما في شرح الروض إن قيل بأهليتهم للالتقاط فعلى هذا لا توهم للمنافاة سم وسيد عمر .

                                                                                                                              ( قوله في الصفات ) إلى قول المتن وإن للغريب في المغني إلا قوله وإن اعترضا وقوله وإن كانت أقل إلى والبادية ( قوله ولعدم ميله طبعا إلخ ) أي بخلاف تخيير الصبي المميز بين أبويه لتعويلهم ثم على الميل الناشئ عن الولادة ا هـ مغني ( قوله واجتماعهما مشق إلخ ) عبارة المغني ولا يهايأ بينهما للإضرار باللقيط ولا يترك في يدهما لتعذر أو تعسر الاجتماع على الحضانة ا هـ زاد شرح الروض ولا يخرج عنهما لما فيه من إبطال حقهما ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وليس للقارع ) أي من خرجت له القرعة ( ترك حقه ) أي للآخر ا هـ مغني أي فيأثم به وهل يسقط حقه به أم لا فيه نظر والظاهر الثاني فيلزمه به القاضي ؛ لأنه بالتقاطه تعين عليه تربيته ا هـ ع ش ( قوله كالمنفرد ) أي كما أنه ليس للمنفرد نقله إلى غيره ا هـ مغني ( قوله بخلاف قبل القرعة ) عبارة المغني ولو ترك حقه قبل القرعة انفرد [ ص: 346 ] به الآخر ا هـ




                                                                                                                              الخدمات العلمية