الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (8) قوله : حسنا : فيه أوجه ، أحدها ، أنه نعت مصدر محذوف أي إيصاء حسنا : إما على المبالغة ، جعل نفس الحسن ، وإما على حذف مضاف أي : ذا حسن . الثاني : أنه مفعول به . قال ابن عطية : " وفي ذلك تجوز . والأصل : ووصينا الإنسان بالحسن في فعله مع والديه . ونظير هذا قول الشاعر :

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 11 ]

                                                                                                                                                                                                                                      363 - 4- عجبت من دهماء إذ تشكونا ومن أبي دهماء إذ يوصينا     خيرا بنا كأننا جافونا



                                                                                                                                                                                                                                      ومثله قول الحطيئة :


                                                                                                                                                                                                                                      363 - 5- وصيت من برة قلبا حرا     بالكلب خيرا والحماة شرا



                                                                                                                                                                                                                                      وعلى هذا فيكون الأصل : وصيناه بحسن في أمر والديه ثم جر الوالدان بالباء فانتصب " حسنا " ، وكذلك البيتان . والباء في الآية والبيتين في هذه الحالة للظرفية .

                                                                                                                                                                                                                                      الثالث : أن " بوالديه " هو المفعول الثاني : فينتصب " حسنا " بإضمار فعل أي : يحسن حسنا ، فيكون مصدرا مؤكدا . كذا قيل . وفيه نظر ; لأن عامل المؤكد لا يحذف . الرابع : أنه مفعول به على التضمين أي : ألزمناه حسنا . الخامس : أنه على إسقاط الخافض أي : بحسن . وعبر صاحب " التحرير " عن ذلك بالقطع . السادس : أن بعض الكوفيين قدره : ووصينا الإنسان أن يفعل بوالديه حسنا . وفيه حذف " أن " وصلتها وإبقاء معمولها . ولا يجوز عند البصريين . السابع : أن التقدير : ووصيناه بإيتاء والديه حسنا . وفيه حذف المصدر ، وإبقاء معموله . ولا يجوز . الثامن : أنه منصوب انتصاب " زيدا " في قولك لمن رأيته متهيئا للضرب : زيدا أي : اضرب زيدا . والتقدير هنا : أولهما حسنا أو افعل بهما حسنا . قالهما الزمخشري .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 12 ] وقرأ عيسى والجحدري " حسنا " بفتحتين ، وهما لغتان كالبخل والبخل ، وقد تقدم ذلك أوائل البقرة .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية