الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (57) قوله : هذا فليذوقوه : في " هذا " أوجه ، أحدها : أن يكون مبتدأ ، وخبره " حميم وغساق " . وقد تقدم أن اسم الإشارة يكتفى بواحده في المثنى كقوله : عوان بين ذلك ، أو يكون المعنى : هذا جامع بين الوصفين ، ويكون قوله : " فليذوقوه " جملة اعتراضية . الثاني : أن يكون " هذا " منصوبا بمقدر على الاشتغال أي : ليذوقوا هذا .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 388 ] وشبهه الزمخشري بقوله تعالى : وإياي فارهبون ، يعني على الاشتغال . والكلام على مثل هذه الفائدة قد تقدم . و " حميم " على هذا خبر مبتدأ مضمر ، أو مبتدأ وخبره مضمر أي : منه حميم ومنه غساق كقوله :


                                                                                                                                                                                                                                      3874 - حتى إذا ما أضاء البرق في غلس وغودر البقل ملوي ومحصود



                                                                                                                                                                                                                                      أي : منه ملوي ومنه محصود . الثالث : أن يكون " هذا " مبتدأ ، والخبر محذوف أي : هذا كما ذكر ، أو هذا للطاغين . الرابع : أنه خبر مبتدأ مضمر أي : الأمر هذا ، ثم استأنف أمرا فقال : فليذوقوه . الخامس : أن يكون مبتدأ ، وخبره " فليذوقوه " وهو رأي الأخفش . ومنه :


                                                                                                                                                                                                                                      3875 - وقائلة خولان فانكح فتاتهم      ... ... ... ...



                                                                                                                                                                                                                                      وقد تقدم تحقيق هذا في المائدة عند والسارق والسارقة وقرأ [ ص: 389 ] الأخوان وحفص " غساق " بتشديد السين هنا وفي عم يتساءلون ، وخففه الباقون فيهما . فأما المثقل فهو صفة كالجبار والضراب مثال مبالغة ، وذلك أن فعالا في الصفات أغلب منه في الأسماء . ومن وروده في الأسماء : الكلاء والجبان والفياد لذكر البوم ، والعقار والخطار وأما المخفف فهو اسم لا صفة ; لأن فعالا بالتخفيف في الأسماء كالعذاب والنكال أغلب منه في الصفات ، على أن منهم من جعله صفة بمعنى ذي كذا أي : ذي غسق . وقال أبو البقاء : " أو يكون فعال بمعنى فاعل " . قلت : وهذا غير معروف . والغسق : السيلان . يقال : غسقت عينه أي : سالت . وفي التفسير : أنه ماء يسيل من صديدهم . وقيل : غسق أي امتلأ . ومنه : غسقت عينه أي : امتلأت بالدمع ومنه الغاسق للقمر لامتلائه وكماله . وقيل : الغساق ما قتل ببرده . ومنه قيل لليل : غاسق ; لأنه أبرد من النهار . وقيل : الغسق شدة الظلمة ، ومنه قيل لليل : " غاسق " . ويقال للقمر : غاسق إذا كسف لاسوداده ، ونقل القولان في تفسير قوله تعالى : ومن شر غاسق .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية