الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (28) قوله : قربانا آلهة : فيه أربعة أوجه ، أوجهها : أن المفعول الأول لـ " اتخذوا " محذوف هو عائد الموصول . " و قربانا " نصب على الحال و " آلهة " هو المفعول الثاني للاتخاذ . والتقدير : فهلا نصرهم الذين اتخذوهم متقربا بهم آلهة . الثاني : أن المفعول الأول محذوف ، كما تقدم تقريره ، و " قربانا " مفعولا ثانيا و " آلهة " بدل منه . وإليه نحا ابن عطية والحوفي وأبو البقاء . إلا أن الزمخشري منع هذا الوجه قال : " لفساد المعنى " ، ولم يبين جهة الفساد . قال الشيخ : " ويظهر أن المعنى صحيح على ذلك الإعراب " قلت : ووجه الفساد - والله أعلم - أن القربان اسم لما يتقرب به إلى الإله ، فلو جعلناه مفعولا ثانيا ، وآلهة بدلا منه لزم أن يكون الشيء المتقرب به آلهة ، والفرض أنه غير الآلهة ، بل هو شيء يتقرب به إليها فهو غيرها ، فكيف تكون الآلهة بدلا منه ؟ هذا ما لا يجوز . الثالث : أن " قربانا " مفعول من أجله ، وعزاه الشيخ للحوفي . قلت : وإليه ذهب أبو البقاء [ ص: 678 ] أيضا ، وعلى هذا فـ " آلهة " مفعول ثان والأول محذوف كما تقدم . الرابع : أن يكون مصدرا ، نقله مكي . ولولا أنه ذكر وجها ثانيا وهو المفعول من أجله لأولت كلامه : أنه أراد بالمصدر المفعول من أجله لبعد معنى المصدر .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : " إفكهم " العامة على كسر الهمزة وسكون الفاء ، مصدر أفك يأفك إفكا أي : كذبهم . وابن عباس بالفتح وهو مصدر له أيضا . وابن عباس أيضا وعكرمة والصباح بن العلاء " أفكهم " بثلاث فتحات فعلا ماضيا . أي : صرفهم . وأبو عياض وعكرمة أيضا ، كذلك إلا أنه بتشديد الفاء للتكثير . وابن الزبير وابن عباس أيضا " آفكهم " بالمد فعلا ماضيا أيضا ، وهو يحتمل أن يكون بزنة فاعل ، فالهمزة أصلية ، وأن يكون بزنة أفعل ، فالهمزة زائدة والثانية بدل من همزة . وإذا قلنا : إنه أفعل فهمزته تحتمل أن تكون للتعدية ، وأن يكون أفعل بمعنى المجرد . وابن عباس أيضا : " آفكهم " بالمد وكسر الفاء ورفع الكاف ، جعله اسم فاعل بمعنى صارفهم . وقرئ " أفكهم " بفتحتين ورفع الكاف على أنه مصدر لأفك أيضا فتكون له ثلاثة مصادر : الأفك والإفك بفتح الهمزة وكسرها مع سكون الفاء وفتح الهمزة والفاء . وزاد أبو البقاء أنه [ ص: 679 ] قرئ " آفكهم " بالمد وفتح الفاء ورفع الكاف . قال : " بمعنى أكذبهم " فجعله أفعل تفضيل .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : وما كانوا يفترون يجوز أن تكون " ما " مصدرية وهو الأحسن ليعطف على مثله ، وأن تكون بمعنى الذي ، والعائد محذوف أي : يفترونه . والمصدر من قوله : " إفكهم " يجوز أن يكون مضافا إلى الفاعل بمعنى كذبهم ، وإلى المفعول بمعنى صرفهم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية