الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (56) قوله : لا يذوقون : يجوز أن يكون حالا من الضمير في " آمنين " ، وأن يكون حالا ثالثة أو ثانية من مفعول " زوجناهم " [ ص: 631 ] و " آمنين " حال من فاعل " يدعون " كما تقدم ، أو صفة لـ " آمنين " أو مستأنف . وقرأ عمرو بن عبيد " لا يذاقون " مبنيا للمفعول .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : إلا الموتة الأولى فيه أوجه ، أحدها : أنه منقطع أي : لكن الموتة الأولى قد ذاقوها . الثاني : أنه متصل وتأولوه : بأن المؤمن عند موته في الدنيا بمنزلته في الجنة لمعاينة ما يعطاه منها ، أو لما يتيقنه من نعيمها . الثالث : أن " إلا " بمعنى سوى نقله الطبري وضعفه . قال ابن عطية : " وليس تضعيفه بصحيح ، بل هو كونها بمعنى سوى مستقيم متسق " . الرابع : أن " إلا " بمعنى بعد . واختاره الطبري ، وأباه الجمهور ; لأن " إلا " بمعنى بعد لم يثبت . وقال الزمخشري : " فإن قلت : كيف استثنيت الموتة الأولى المذوقة قبل دخول الجنة من الموت المنفي ذوقه ؟ قلت : أريد أن يقال : لا يذوقون فيها الموت البتة ، فوضع قوله إلا الموتة الأولى موضع ذلك ; لأن الموتة الماضية محال ذوقها في المستقبل فهو من باب التعليق بالمحال : كأنه قيل : إن كانت الموتة الأولى يستقيم ذوقها في المستقبل ; فإنهم يذوقونها في الجنة " . قلت : وهذا عند علماء البيان يسمى نفي الشيء بدليله . ومثله قول النابغة :


                                                                                                                                                                                                                                      4022 - لا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب



                                                                                                                                                                                                                                      يعني : إن كان أحد يعد فلول السيوف من قراع الكتائب عيبا فهذا [ ص: 632 ] عيبهم ، لكن عده من العيوب محال ، فانتفى عنهم العيب بدليل تعلق الأمر على محال . وقال ابن عطية بعد ما قدمت حكايته عن الطبري : " فبين أنه نفى عنهم ذوق الموت ، وأنه لا ينالهم من ذلك غير ما تقدم في الدنيا " . يعني أنه كلام محمول على معناه .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : " ووقاهم " الجمهور على التخفيف . وقرأ أبو حيوة " ووقاهم " بالتشديد على المبالغة ، ولا يكون للتعدية فإنه متعد إلى اثنين قبل ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية