الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( صبر ) الصاد والباء والراء أصول ثلاثة ، الأول الحبس ، والثاني أعالي الشيء ، والثالث جنس من الحجارة .

                                                          فالأول : الصبر ، وهو الحبس . يقال : صبرت نفسي على ذلك الأمر ، أي حبستها . قال :


                                                          فصبرت عارفة لذلك حرة ترسو إذا نفس الجبان تطلع

                                                          والمصبورة المحبوسة على الموت . ونهى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عن قتل شيء من الدواب صبرا .

                                                          ومن الباب : الصبير ، هو الكفيل ، وإنما سمي بذلك لأنه يصبر على الغرم . يقال : صبرت نفسي به أصبر صبرا ، إذا كفلت به ، فأنا به صبير . وصبرت الإنسان ، إذا حلفته بالله جهد القسم .

                                                          وأما الثاني فقالوا : صبر كل شيء : أعلاه . قالوا : وأصبار الإناء : نواحيه ، والواحد صبر . وقال :


                                                          فملأتها علقا إلى أصبارها

                                                          [ ص: 330 ] وأما الأصل الثالث فالصبرة من الحجارة : ما اشتد وغلظ ، والجمع : صبار ، وفي كتاب ابن دريد : " الصبارة : قطعة من حديد أو حجر " في قول الأعشى :


                                                          من مبلغ عمرا بأن ال     مرء لم يخلق صباره .

                                                          قال ابن دريد : وروى البغداديون : " صباره " ، وما أدري ما أرادوا بهذا .

                                                          قلنا : والذي أراده البغداديون ما روي أن الصبار ما اشتد وغلظ . وهو في قول الأعشى :


                                                          قبيل الصبح أصوات الصبار

                                                          فالذي أراده البغداديون هذا ، وتكون الهاء داخلة عليه للجمع .

                                                          قال أبو عبيد : الصبر : الأرض التي فيها حصباء وليست بغليظة ، ومنه قيل للحرة : أم صبار .

                                                          ومما حمل على هذا قول العرب : وقع القوم في أم صبور ، إذا وقعوا في أمر عظيم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية