الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( شف ) الشين والفاء أصل واحد يدل على رقة وقلة ، لا يشذ منه شيء عن هذا الباب . من ذلك الشف : الستر الرقيق . يقولون : سمي بذلك لأنه يستشف ما وراءه . والأصل أن الستر في نفسه يشف لرقته إذ كان كذا . وإن كان ما قاله القوم صحيحا فهو قياس أيضا ; لأن الذي يرى من ورائه هو القليل المتفرق في رأي العين والبصر . ومن ذلك الشف الزيادة ; يقال لهذا على هذا شف ، أي فضل . ويقال : أشففت بعض ولدك على بعض ، أي فضلت . وإنما قيل ذلك لأن تلك الزيادة لا تكاد تكثر ، فإن أعطى أحدهما مائة والآخر مائتين لم يقل أشففت ، لكن يقال أفضلت وأضعفت وضعفت ، وما أشبه ذلك .

                                                          وقول من قال : الشف : النقصان أيضا محتمل ، كأنه ينقص الشيء حتى يصيره شفافة . والشفوف : نحول الجسم ، يقال شفه المرض يشفه شفا . فأما الشفيف فلا يكون إلا برد ريح في ندوة قليلة ، فسمي شفيفا لتلك الندوة وإن قلت . ويقال لذلك الشفان أيضا ، قال :

                                                          [ ص: 170 ]

                                                          ألجاه شفان لها شفيف



                                                          والاستشفاف في الشراب : أن يستقصي ما في الإناء لا يسئر فيه شيئا ، كأن تلك البقية شفافة ، فإذا شربها الإنسان قيل اشتفها وتشافها . وفي حديث أم زرع : إن أكل لف ، وإن شرب اشتف . وكل شيء استوعب شيئا فقد اشتفه . قال الشاعر :


                                                          له عنق تلوي بما وصلت به     ودفان يشتفان كل ظعان



                                                          الظعان : الحبل . يقول : جنباه عريضان ، فما يأخذان الظعان كله . وأما قول الفرزدق :


                                                          ويخلفن ما ظن الغيور المشفشف



                                                          فيقال : الرجل الشديد الغيرة . وهذا صحيح ، إلا أنه الذي شفته الغيرة حتى نحل جسمه .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية