الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( شرط ) الشين والراء والطاء أصل يدل على علم وعلامة ، وما قارب ذلك من علم . من ذلك ، الشرط : العلامة . وأشراط الساعة : علاماتها . ومن ذلك الحديث حين ذكر أشراط الساعة ، وهي علاماتها . وسمي الشرط لأنهم جعلوا لأنفسهم علامة يعرفون بها . ويقولون : أشرط فلان نفسه للهلكة ، إذا جعلها علما للهلاك . ويقال : أشرط من إبله وغنمه ، إذا أعد منها شيئا للبيع . قال الشاعر :


                                                          فأشرط فيها نفسه وهو معصم وألقى بأسباب له وتوكلا

                                                          ومن الباب شرط الحاجم ، وهو معلوم ; لأن ذلك علامة وأثر . ويقال : إن أشراط الساعة أوائلها . ومن الباب : الشريط ، وهو خيط يربق به البهم . وإنما سمي بذلك لأنها إذا ربطت به صار لذلك أثر . ومن الباب : الشرط ، وهو المسيل الصغير يجيء من قدر عشر أذرع ، وسمي بذلك لأنه أثر في الأرض كشرط الحاجم .

                                                          ومن الباب الشرطان : نجمان يقال إنهما قرنا الحمل ، وهما معلمان مشتهران . ويقال : جمل شرواط ، أي ضخم . وإنما سمي شرواطا لأنه إذا كان مع إبل تبين كأنه علم . قال حسان :

                                                          [ ص: 261 ]

                                                          في ندامى بيض الوجوه كرام     نبهوا بعد هجعة الأشراط

                                                          ففيه أقوال : قال قوم : أراد به الشرطين والثالث بين يديهما ، ويكون على هذا قول من سمى الثلاثة أشراطا . قال العجاج :


                                                          من باكر الأشراط أشراطي

                                                          وقال قوم : أراد بالأشراط الحرس . ويقال : الأشراط سفلة القوم . قال الشاعر :


                                                          أشاريط من أشراط أشراط طيئ     وكان أبوهم أشرطا وابن أشرطا

                                                          ومن ذلك شرط المعزى ، وهي رذالها ، في قول جرير :


                                                          ترى شرط المعزى مهور نسائهم     وفي شرط المعزى لهن مهور

                                                          وقال قوم : اشتقاق الشرط من هذا لأنهم رذال . وقال آخرون : إنما سموا شرطا لأنهم جعلوا لأنفسهم علامة يعرفون بها ، فأما الشرط التي هي الرذال فإن وجه القياس فيها أنها تشرط ، أي تقدم أبدا للنوائب قبل الجبار ، فهي كالذي قلناه في قوله : فأشرط فيها نفسه " ، أي جعلها علما للهلاك .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية