الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( ضب ) الضاد والباء أصل واحد يدل عظمه على الاجتماع . قال [ ص: 358 ] أبو زيد : أضب القوم إضبابا ، إذا تكلموا جميعا . ثم يحمل على هذا الأصل أكثر الباب . من ذلك ضبة الحديد ، والجمع : ضبات . والضب : الغل في القلب . وقد أضب على غل في صدره ، إذا جمعه في صدره . ومنه الضباب ، وهو الذي كأنه غبار يجتمع فيستر . وهذا يوم مضب . وضبب البلد : كثر ضبابه .

                                                          ومن الباب : التضبب ، وهو السمن . والضبيبة : سمن ورب يجمع بينهما ، يقال : ضببوا لصبيكم . والضب من دواب الأرض معروف ، وسمي لتجمع خلقه ولحمه ; والجمع ضباب ، وربما شبه الطلع به . قال :


                                                          أطاف بفحال كأن ضبابه بطون الموالي يوم عيد تغدت

                                                          يقول : طلعها ضخم كأنه ضباب ممتلئة . ثم شبه تلك الضباب ببطون موال تغدوا فتضلعوا . ويقال : وقعنا في مضاب منكرة ، أي قطع من الأرض كثيرة الضباب . والضباضب : الرجل القصير السمين . فأما قولهم : ضب الناقة ، فهو مثل ضفها ، إذا حلبها بالكف جميعا . قال الكسائي : فطرت الناقة أفطرها ، إذا حلبتها بطرف أصابعك . وضببتها أضبها ضبا ، إذا حلبتها بالكف كلها . قال الفراء : هذا هو الضف . فأما الضب فأن تجعل إبهامك على الخلف وأصابعك على الإبهام والخلف معا .

                                                          ومما شذ عن هذا الأصل قولهم : ناقة ضباء وبعير أضب ، وهو وجع يأخذهما [ ص: 359 ] في الفرسن . فأما قولهم : ضبت لثته دما ، وضبت يده إذا سالت دما ، فليس من هذا الباب ، إنما هو مقلوب من بض ، وقد مر .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية