قلت: فلم يذكر عن الكرامية شيئا انفردوا به إلا قولهم في الإيمان والكفر أن ذلك يتعلق باللسان فقط دون القلب، ولا ريب أن هذا القول هو بدعة من الكرامية لم يسبقهم إليه أحد فيما علمناه؛ وهو باطل؛ فإن إدخال المنافقين في اسم المؤمنين مما [ ص: 360 ] يعلم فساده بالاضطرار من دين الإسلام، ونصوص القرآن الكثيرة تنفي ذلك، ولم يذكر عن الكرامية في جميع كتابه شيئا إضافة إليهم غير هذا.
فأما سائر ما يذكره أصحابه عن الكرامية من التجسيم وحلول الحوادث، وذلك بأنه قد حكاه في كتابه عن طوائف من أهل القبلة من أهل الكلام والحديث والتصوف والتفسير، بل عن طوائف غيرهم متقدمين على الكرامية لاسيما أصل القول بحلول الحوادث، فإنه ذكره عن طوائف متنوعة من الفقهاء والصوفية من أهل الحديث والمتكلمين من المرجئة والشيعة وغيرهم.
والقول الذي ذكره عن جهم والصالحي في الإيمان فهو الذي ينصره أئمة أصحابه ويضيفونه إليه.
ولا ريب أن كتبه المصنفة في آخر عمره مثل المقالات [ ص: 361 ] ونحوها إنما قال فيها بقول أهل السلف وأهل الحديث: أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، اعتقد في الإيمان ما اعتقده في الله المؤمن به: من أنه إذا كان واحدا امتنع أن يكون له صفات، وأن كونه واحدا يمتنع أن يكون حيا قادرا عالما له حياة وقدرة وعلم، وكذلك اعتقد في الإيمان أنه لا يكون إلا شيئا واحدا يتساوى فيه جميع الموصوفين به، وأن ذلك لا يمكن أن يكون إلا خصلة واحدة، ولا يمكن أن تكون تلك الخصلة إلا مجرد المعرفة، واعتقد أن الواحد لا يتصور أن يتضمن أشياء، لأن ذلك عنده تركيب وانقسام، فنفى ذلك بزعمه في الإيمان كما نفاه في حق الله تعالى، فجحد أن يتميز في الإيمان شيء من شيء في الوجود والعلم، كما [قال] ذلك في الله تعالى. والجهم