الوجه الثاني أن يقال إنه سبحانه الغني الصمد القادر، وقد خلق ما خلقه من أمر السموات والأرض والدنيا والآخرة بالأسباب التي خلقها، وجعل بعض المخلوقات سببا لبعض، كما قال تعالى: وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات [الأعراف 57] .
وقال تعالى: وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة [البقرة 164] .
وقال تعالى: ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد [ق 9] .
وقال تعالى: ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات [النحل 11] .
وقال تعالى: فأنبتنا به حدائق ذات بهجة [النمل 60]
[ ص: 235 ] فإذا كان فكيف يكون خلقه خلقه بعض المخلوقات ببعض لا يوجب حاجته إلى مخلوقاته ولا ينافي كونه صمدا غنيا عن غيره؛ لآدم بيده وقبضه الأرض والسموات بيده موجبا لحاجته إلى غيره؟! ومن المعلوم أن فعل الفاعل بيده أبعد عن الحاجة إلى الغير من فعله بمصنوعاته.