فعند ذلك تبين للناس كذبهم على الله». وسيأتي ما ذكره عن «أبو بكر بن فورك» «أبي محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب» إمام المتكلمة الصفاتية من الأشعرية ونحوهم، مثل [ ص: 44 ] قوله: «وأخرج من النظر والخبر قول من قال: لا هو في العالم ولا خارج منه، فنفاه نفيا مستويا، لأنه لو قيل له: صفه بالعدم، ما قدر أن يقول فيه أكثر منه، ورد أخبار الله نصا، وقال في ذلك بما لا يجوز من خبر ولا معقول، وزعم أن هذا هو التوحيد الخالص، والنفي الخالص عندهم، هو الإثبات الخالص، وهم عند أنفسهم قياسيون».
قال: «فإن [ ص: 45 ] قالوا: هذا إفصاح منكم بخلو الأماكن منه، وانفراد العرش به. قيل: إن كنتم تعنون بخلو الأماكن من تدبيره، وأنه عالم بها فلا، وإن كنتم تذهبون إلى خلوه من استوائه عليها، كما استوى على العرش، فنحن لا نحتشم أن نقول: استوى الله على العرش، ونحتشم أن نقول: استوى على الأرض، واستوى على الجدار، وفي صدر البيت».
وقال أيضا أبو محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب، فيما حكاه عنه ابن فورك: وذكر عنه أنه قال في كتاب «التوحيد» في مسألة «يقال لهم: أهو فوق ما خلق؟ فإن قالوا: نعم. قيل: ما تعنون بقولكم أنه فوق ما خلق؟ فإن قالوا: بالقدرة والعزة. قيل لهم: ليس عن هذا سألناكم. وإن قالوا: المسألة خطأ. قيل: فليس هو فوق. فإن قالوا: نعم ليس هو فوق. قيل لهم: وليس هو تحت. وإن قالوا: ولا تحت. أعدموه لأن ما كان لا تحت ولا فوق فعدم، وإن قالوا: هو تحت وهو فوق. قيل لهم: فوق تحت وتحت فوق». الجهمية: «يقال لهم: إذا قلنا: الإنسان لا مماس ولا مباين للمكان، فهذا محال. فلا بد من نعم، قيل لهم: فهو لا مماس ولا مباين. فإذا قالوا: نعم. قيل لهم: فهو بصفة المحال من المخلوقين، الذي لا يكون ولا يثبت إلا في الوهم. فإن قالوا: نعم. قيل: فينبغي أن يكون بصفة المحال من كل جهة، كما كان بصفة المحال من هذه الجهة. وقيل لهم: أليس لا يقال لما ليس بثابت في الإنسان مماس ولا مباين. فإذا قالوا: نعم. قيل: فأخبرونا عن معبودكم، مماس هو أو مباين؟ فإذا قالوا: لا يوصف بهما. قيل لهم: فصفة إثبات الخالق كصفة عدم المخلوق، فلم لا تقولون: عدم، كما [ ص: 46 ] تقولون الإنسان عدم، إذا وصفتموه بصفة العدم. وقيل لهم: إذا كان عدم المخلوق وجودا له، وكان العدم وجودا. كان الجهل علما والعجز قوة».