وكذلك لما ذكر بعد هذا تقرير قول من جزم بالتأويل، فإنه هنا ذكر الخلاف في جواز ورود ما أمكن فهم معناه، وهناك ذكر قول من أوجب وقوع ذلك، وجزم بالتأويل. قلت: ذكر القولين ولم يرجح أحدهما، ولم يذكر جواب أحدهما عن حجة الآخرين، فبقيت المسألة على الوقف والحيرة والشك،
وقد ذكر حجة كل قوم، ولم يذكر لهم جوابا عن حجة الآخرين، فبقيت المسألة مما تكافأت فيها الأدلة عنده، وأما في تفسيره فرجح المعنى في التأويل كما رجح أبو المعالي في آخر قوليه، وكما رجحه أبو حامد في آخر أقواله.
قال في تفسيره: "فعند هذا لا يحتاج إلى أن يعرف أن ذلك المرجوح هو المراد أبدا، لأن السبيل إلى ذلك إنما يكون ترجيح مجاز على مجاز، وترجيح تأويل [ ص: 260 ] على تأويل، وذلك الترجيح لا يكون إلا بالدلالة اللفظية، وأنها ظنية، كما بينا، لا سيما الدلائل المستعملة في ترجيح مرجوح على مرجوح آخر، ومثل هذا لا يفيد إلا الظن الضعيف، والتعويل على مثل هذه الدلائل في المسائل القطعية محال، قال: فلهذا التحقيق ذهبنا إلى أن بعد إقامة الدلالة العقلية على أن حمل اللفظ على ظاهره محال، لا يجوز الخوض في تعيين التأويل –قال- فهذا منتهى ما جعلنا في هذا الباب.